لا أعتقد أن أشد المتشائمين بالمنتخب المصري، توقع أن يخرج المنتخب بثلاث هزائم في مجموعته التي اعتبرها النقاد «الأضعف» بين المجموعات الثماني في كأس العالم الحالية، لا بل كان البعض الكثير يتوقعون أن يذهب «الفراعنة» بعيداً، صحبة محمد صلاح والنني وأحمد فتحي ووردة وكهربا وتريزيجيه. المنتخب بدأ معقولاً أمام أوروجواي، ولكنه خسر في الدقيقة التسعين، وتوقعنا أن يتحسن الأداء أمام روسيا الضعيفة، ولكنه سلم الراية خلال عشرين دقيقة اهتزت شباكه فيها ثلاث مرات، وجاء الإنجاز الوحيد بمسح هدف مجدي عبدالغني الذي بقي في الذاكرة 28 سنة، وسجله من ضربة جزاء أيضاً في إيطاليا 1990. وسمعنا بعدها أنباء متضاربة عن محمد صلاح ونيته الاعتزال، وهذا الكلام تناقلته كبرى وسائل الإعلام، ولا نتحدث هنا عن مواقع، أو حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي، ورغم النفي الرسمي، ولكن الوجوه خلال مباراة السعودية، لم تكن توحي بأن هناك جدية أو قتالية أو حتى «نفس» للعب، على العكس من الأداء السعودي القتالي طيلة الدقائق الكاملة والإضافية، ليتمكن سالم الدوسري من تسجيل هدف الفوز في الدقيقة 95، أي لثاني مرة في ثلاث مباريات يتم التسجيل في الشباك المصرية في الوقت القاتل. بعدها بدأنا نسمع ونشاهد ونرى هجوماً مركزاً على اللاعبين المرهقين من أمور خارج الاهتمام الرياضي، مثل الإعلانات وبرامج التلفزيون وزيارات الفنانين، وخطة كوبر العقيمة، «وتم نبش المستخبي واللي كان واللي ما كان»، مع يقيني أن بعض التعليقات كانت صادرة عن ردود فعل عاطفية، لابد وأن تتم مراجعتها بعد هدوء العاصفة. ما أريد قوله بكل وضوح وصراحة إن دولة مثل مصر شاركت في ثاني كأس للعالم عام 1934، وأسهمت في تأسيس «الفيفا»، ولديها دوري عريق وعتيق وأندية مثل الأهلي والزمالك والإسماعيلي والاتحاد السكندري والمقاولون والترسانة، وسكانها جاوزوا المئة مليون، ولديها جمهور عاشق بكرة القدم، وسبع بطولات لأمم أفريقيا، لا يليق بتاريخها الكروي في كؤوس العالم أن تشارك ثلاث مرات فقط بين الأولى والثانية 56 سنة، وبين الثانية والثالثة 28 سنة، وأن تسجل أربعة أهداف في كل تاريخها المونديالي، وأن لا تحرز سوى نقطتين من تعادلين، تسببت إحداهما في تغيير قوانين كرة القدم بسبب اللعب السلبي أمام آيرلندا. كرة القدم المصرية وجماهيرها يستحقان أفضل من هذا على صعيد كؤوس العالم.