كتبت هذه المقالة يوم الخميس الماضي، وهو أول أيام شهر رمضان المبارك وتحديداً كتبتها قبل الإفطار بقليل، والسبب أنني مررت بتجربة «غير سارة» في أول أيام الصيام جعلتني أكتب لكم هذه السطور. فالغرض من الصيام هو تهذيب الروح والجسد والإحساس بمعاناة الآخرين، والصيام ليس فقط عن الأكل والشرب، بل الصيام عن الموبقات وعن سوء الظن وعن الكلام الجارح وعن النظرة السيئة وعن التعليقات «الخارجة عن الأدب» في الحياة وفي وسائل التواصل الاجتماعي، وعدم الصيام عن الأخلاق وصلة الأرحام والصدقات والزكاة والعبادات، التي تقربنا أكثر من الله عز وجل. الصيام لا يعني أن تذل الآخرين بصيامك، فتقود سيارتك وأنت «معصب» على بقية السائقين، وتحاول العودة قبل الإفطار، وكأنك تقود مركبة فضائية أو صاروخ أرض أرض، فتهدد حياتك وحياة كل من يشاء القدر أن يكون في طريقك. الصيام لا يعني أن تكون موظفاً في دائرة خاصة أو عامة وتعامل المراجعين بجفاء لأنك صائم ومالك خلق. الصيام لا يعني أن يكون أداؤك الوظيفي أقل، لأنك بكل بساطة صائم، وبالتالي فهذا الشهر سيكون الأقل إنتاجية بالنسبة لك. الصيام لا يعني الصراخ على الآخرين، ولا يعني أبداً أن تضع الناس بذمتك لأنهم «غير صائمين»، وبالتالي أنت لك ميزة عليهم ولنتذكر أنه في هذه البقعة من العالم نجد حوالي 200 جنسية في شارع واحد أو في مجمع تجاري كبير وهذه الجنسيات عليها أن تحترم الصائمين، ولكن ليس عليها أن تصوم مثلنا، ولا أن تتحمل عصبية الصائمين أيضاً. من قال إن الصيام ليس سكينة وراحة بال وهدوء في التعامل؟ ومن قال إن الصيام أساساً صعب في دولنا، حيث نعيش تحت التكييف في كل بقعة نتحرك فيها وماذا نقول عن العمال الذين يعملون تحت الشمس اللاهبة، ومع ذلك لا نسمع منهم تذمراً أو نفوراً. الصيام هو أن تكون روحك رياضية في كل ساعات صيامك، فتتحمل الآخرين وتعذرهم وتساعدهم وتكظم غيظك. الصيام هو أن تكون قدوة للمسلم أمام المسلمين وغير المسلمين برقيك وأخلاقك وسماحة تصرفاتك. أكيد لم أكن أقصد من وراء هذه المقالة أن أكتب مواعظ وحكما ونصائح، ولكن يؤسفني أن أجد البعض يبرر سوء سلوكه السيئ خلال شهر رمضان.. بالصيام.