لا تموت القصيدة، يرحل الجسد وحده وتظل روح الشاعر وقصيدته محلقة في السماء، هذه الأجساد مصيرها الطبيعي للرحيل ولكن نبض القصيدة وأزهار الأشعار تطوف الدنيا وتظل باقية مثل النجوم، مضيئة في السماوات الصافية. من ساحل البحر والجبل يمتد طريق الشاعر المرحوم أحمد راشد ثاني إلى المدن المضيئة في الإمارات وخارجها. شاعر يبحث عن الاختلاف في الحياة طارد المدن المشتعلة أضاع أوقات كثيرة هناك حتى التعب، مارس قهره وتعبه وقصائده المشتعلة، ولكنها المدينة دائماً لا يشبعها السهر ولا دوران الحياة، فكم باحث عن حياته في ضجيجها أستسلم بأنها ماضية في صخبها ووجعها وأنها في نهاية الأمر لا تساوي النوم على شاطئ البحر أو سفح الجبل مثل صياد أو راعي لا يفكر غير في الصباح القادم ونشور الفجر وخيوط الشمس الذهبية. هكذا عاد الشاعر أحمد راشد ثاني بعد تعب المدن إلى خورفكان محملاً بتجارب المدن وتعبها وسقمها، ليبدأ من جديد في البحث عن قصائد جديدة وأبحاث جديدة في المجال المسرحي والثقافي عبر سير وحكايات سجلها بعد دراسة ومتابعة وجهد ثقافي، أثمر أعمال كثيرة مهمة في تتبع الموروث الثقافي والشعري، وكذلك رصد الحكايات الشعبية القديمة، يجمع بين موهبة الشعر والبحث والدراسات الاجتماعية، حيث قدم العديد من البحوث والمتابعات لسير الأماكن والشخصيات التراثية القديمة والمهمة. أحمد راشد ثاني بدأ الشعر بالتفعيلة ثم دخل بقوة إلى الشعر الحديث ليقدم الكثير من القصائد الجميلة والرائعة، هذا البدء المبكر اكسبه طاقة قوية كان نتاجها العديد من دواوين الشعر بالإضافة إلى كتب المتابعات والإعداد والبحوث الثقافية والتراثية. عرفت الشاعر المرحوم أحمد راشد ثاني في الثمانينيات، عبر بعض اللقاءات والمحاضرات في جامعة الإمارات، كانت الجامعة وقتها تعج بالكثير من الطلاب الذين حضروا من بيئات مختلفة وبأفكار مختلفة وأيضاً بأهداف مختلفة، كان ذلك الزمن أكثر اشتعالاً من اليوم والطلبة أكثر حماساً للعلم وللأفكار الجديدة والمختلفة، وقتها تستطيع أن ترصد عدة فئات من الطلبة والذين تجمعهم جامعة واحدة ولا شيء غيرها. تجد الطلبة الذين تسكن رؤوسهم في أفغانستان وتورا بورا، وآخرين في الحياة المنفرجة على الجديد من التطلعات العلمية والثقافية، والبعض الذين لا يهتم غير بالرياضة والألعاب الأخرى والبعض الذي يأتي للجامعة مثل ضيف يدخل مباشرة للمحاضرات ثم يرحل. كانت حياة صاخبة ومثيرة وبيئة تسمح أن يعبر كل فرد عن أفكاره وتطلعاته، بل وحتى كتابة الأفكار والرأي التي تؤمن به. كان المرحوم الشاعر أحمد راشد ثاني ناشطاً ومهتماً بالشعر والكتابة وعلى تواصل مع القسم الثقافي بجريدة الخليج والشاعر محمد الماغوط الذي يشجع الشباب على الابداع والقراءة الجيدة، ولذلك تجمع حوله كل صاحب موهبة للكتابة، وتم إصدار أول مجلة أدبية ثقافية في الجامعة حملت قصائد للشاعر أحمد راشد ثاني وخالد بدر ونص أدبي ليّ والعديد من الطلبة، كانت فرحة المرحوم عظيمة بأن نشاطه وتعبه وحركته الدائمة من أجل منشور ثقافي قد ظهر إلى الساحة الطلابية، كان دائم البحث عن الجديد رحمه الله. Ibrahim_Mubarak@hotmail.com