ليس بوسع كائن من كان، أن يوصف الإرهاب بغير ما هو عليه. فهذا الكائن السرطاني المختفي تحت شرشف الدين، لينفذ مآربه العدوانية، ما هو إلا الكراهية بكل نعوتها تمشي على الأرض. ما يجعل هذه الكراهية، تتفشى، وتنتشر، وتبسط نفوذها، في الهواء، والخلاء، هو هذا الكذب، والافتراء الذي تمارسه دول، وجماعات، وتبشر بأجندات، وهمية، ضاربة في عمق الخيال التاريخي، ومستندة على هذاءات لعقتها منذ عصور قديمة، ولم تزل ترفع رايات الكذب، مما أفسح المجال لقوى التطرف أن تنمو، وتتسع رقعتها، في هذا المستنقع، وتفجر عدوانيتها في وجه العالم، محدثة كل هذه الخسائر الفادحة، في الأرواح، ومؤكدة في كل يوم أنه لا علاج لهذا الداء العضال، إلا بقطع دابر من يقف وراءه، ومن يصب الزيت على ناره، ومن يغذي نوازعه الشريرة، ومن يحتويه، ويشجعه، ويعزز نواياه العدوانية. لا أعتقد أن الشر في العالم سوف، ينتهي، ويتلاشى، ما دامت هناك بقع زيت في العالم، تقف حائلاً دون العيش بسلام، ووئام. هذه الدول وهذه الجماعات، لم تنطلق من قيم ومبادئ حقيقية، بل هي برزت في الجسد الإنساني مثل الورم الخبيث، وراحت تنتقل من مكان إلى آخر، حتى تأكل الجسد وتهلكه، وأنهكته الأدواء، وبدا الآن من الصعب العلاج بالمسكنات، إذا لم يضع المهتمون بالأمر أيديهم على الموطن الأساسي لهذا المرض والتخلص من جذوره وقطع دابره، ليهنأ العالم، ويذهب المؤمنون إلى مساجدهم من دون خشية، ويغادر الأطفال منازلهم، تحرسهم عيون الأمان، ويعيش الناس في مساكنهم، لا يتوجسون من غادر، أو ماكر. اليوم نحن أمام فكرة شيطانية، جهنمية، بغيضة لنا أن نفكر كيف نجابهها، وكيف نتحرر من أغلالها وحتى نصل إلى الحل، لابد من الوعي أن العناصر المتطرفة ما هي إلا أدوات تنفذ ما تؤمر به، أما المرض الأساسي فيقع في قارة عالمية تسمى الدوائر النورانية، أو القوى الخفية في العالم، التي تسير كل هذه العربات الإجرامية، وتصنع الأدوات الفتاكة، لأجل أن يستمر العالم في ضياعه، وشتاته وخراب مستقبله، وهدر ممتلكاته، وتيه أبنائه في منافي المجهول. فقد صمت آذاننا من الصياح، والنواح، وضرب الطبول، وجرح الصدور، وإسالة دموع التماسيح من أجل تحرير الأراضي المحتلة، وإلى اليوم لم تطلق رصاصة واحدة إلى مكمن الاحتلال، بل إن من يتلقى الموت، هم من أشيع عنهم أنهم مظلومون، ويجب الدفاع عنهم وانتزاع حقوقهم من فك المحتل. هذه الأكاذيب، لم تعد خافية على أحد، لأن (الفيالق المقدسة) ما هي إلا مآزق العقل القبيح الذي خرج من دائرة الوعي، ليقع في غيبوبة الهراء.