الأربعاء صباحاً، تشرق الشمس وتدر المزن نثيثها في أبوظبي، ويرفع النشيد عالياً وتردد أروقة أرض المعارض موال الهوى احتفاء بالدرِّ النفيس وخير جليس، واليانعات وعياً، واليافعون حباً، يأتون زرافات بحثاً عن مزن العقل وأسئلة أخرى تحدق في سماوات المكان، تطلق أجنحتها الرهيفة في فضاء أرقِّ من الهواء، أشف من الماء، أعذب من البرَدْ.
الأربعاء، الحكاية الأولى النبيلة، على شفاه من عشقوا الكلمة، ومن رسموا في الوعي حلماً أزلياً، ووعداً أبدياً، وسعياً لا ينكفئ باتجاه المعرفة، والتعلق بما هو أجل، وأجمل ما في هذا الكون الفسيح، إنه الكتاب، والخضاب، والسحاب، والذهاب والإياب، وقافية القصيدة على لسان الأحباب.. الأربعاء صباحاً، يغدقنا معرض أبوظبي للكتاب بغزير النث وعميق البث، ورخاء المعرفة يُعد لنا وليمة، من أعشاب الأفئدة، الراضية المرضية، والعقول بعكرها الموسع باتجاه عالم يزخر بالحب والمودة، عالم خيمته من حرير الحروف النابضة، سماؤه من نجوم رابضة في كبد الحقيقة.. يوم الأربعاء، هو هذا الصباح، هذا وما يتبعه من كلام مباح، وصفحات ملاح، يحفل المكان الإماراتي بضيوف المجد والوجدان، يحفل بانسحابات بالغة التعدد والتجدد، نحو غايات تفتح الزهور، وازدهار الثغور، وتوهج النحور، وتألق البحور وتعملق الجذور، وانطلاق الزمن الإماراتي نحو بحار وأنهار، وأطوار وأسوار وأقطار، وأشجار وأطيار، وأسرار وأخبار، ومدار وسوار، ومنار وحوار.
في هذا اليوم، في هذا الصباح، في أبوظبي، في أرض المعارض، تسرد الوجود قصة خلق الحضارات، وكيف تطورت الأمم، عندما أصبح الكتاب النهج والمنهج، والمهج، وقضية الجوهر الإنساني عندما يتخلق وعداً وعهداً ووعياً وسعياً، باتجاه مراحل الصناعة الواعية لعقل الإنسان، وتأثيث وجدانه بأحلى الأشجان، وشغف أذنيه بأجمل الألحان.. في هذا اليوم، يكتسي مكان الإمارات بحلل البهجة، وقلائد الفرح البهيج، في هذا اليوم، لا يتوارى القمر صباحاً، ولا تغيب الشمس مساءً، لأن الحوار مستمر ما بين الضوء والضوء، ولأن الأسئلة تحبل جنيناً، مكتمل النضوج، لأن الحلم يتوخى العذر من الواقع، ويقول بفصاحة ورجاحة، بل أنا الواقع بعينه، أنا الحلم الواقعي، على كتفي تحط طيور الهجرة إلى الكتاب، وعلى جبيني ترتسم الصورة جلية، أبهى من شعاع النيازك والشهب.. في هذا اليوم، نغني معاً.. للكتاب سحر الماء العذب.


Uae88999@gmail.com