من منا لم يسمع بالفيس بوك من قبل، هذا الكتاب الإنترنتي الشهير «كتاب الوجه» هو واجهة مشتركيه يضعون فيها صورهم ونشاطاتهم المختلفة. قبل يومين تعطل الفيس بوك، ونشرت خبر هذا العطل معظم صحف العالم، بل إن بعضها انهمك في الموضوع لدرجة القيام بمتابعة لتداعيات الخبر. عرفت «الفيس بوك» لأول مرة قبل عدة سنوات في حلقة دراسية، يومها كان جزء من التدريب أن نفتح حسابات لنا في «الفيس بوك» ومنذ ذاك اليوم لم استسغ التعامل معه، ولم تعجبني طريقة عرض الناس و«تسويقهم» لأنفسهم من خلاله، واليوم صرت متأكدة أن أكبر أخطائي في عالم التكنولوجيا كان الاشتراك في هذا الموقع. ووفق دراسة أميركية هناك حوالى 14 مليون مشترك عربي في «الفيس بوك».. رقم كبير بالتأكيد، جعل من الموقع هدفاً لمحترفي لعبة التحليل والتحريم، فظهر عدد من المتشددين ليحرموا استخدام الموقع والتسجيل فيه، وعلى الجهة الأخرى ظهر المدافعون عن الموقع والمسجلون فيه، بعض النساء رأين في الموقع وسيلة «لإضلال أزواجهن المساكين»، وهناك من رأى أن تسجيل الفتاة في الموقع جريمة شرف. صراعات دارت رحاها من أجل هذا الموقع وبسببه، ولم تكن مقتصرة على العرب فمثل هذه الصراعات دارت في أوروبا وأميركا وحتى الهند والصين ومختلف دول العالم الأخرى، صراعات كان السبب فيها واحداً (سوء استخدام الموقع). شخصياً لم يعجبني الموقع، لا لشيء؛ بل لأن طريقة التسجيل وعقد الصداقات عبره لم ترقني أبداً، وكذلك شلال طلبات الاتصال بالصفحة الذي ينهمر منذ سنين على بريدي الإلكتروني إلى درجة اضطرتني لتغيير البريد، وعدم قدرتي كمستعملة للموقع على إلغاء الاشتراك، وكأن الدخول في معمعة «الفيس بوك» قدر حتمي لا هروب منه. لو فكرت لمرة أن تسهر لتشاهد ما يعرضه الشباب والشابات العرب والخليجيون خصوصاً على الفيس بوك، لأصابك الإحباط والاكتئاب، أغلب المعروض صور تعكس محدودية تفكير أصحابها، ومواضيع يحاولون فيها تحدي التابو المعروف في المجتمع (العلاقة مع الجنس الآخر) شباب يبدو وكأنهم لا يهتمون لشيء في العالم سوى الغريزة، وفتيات بعمر الورد يعرضن أجسادهن وأنفسهم كبضاعة رخيصة لمن يرغب، طبعاً مع تغطية الوجه بأسلوب سخيف. هناك 14 مليون عربي يستعملون الفيس بوك، نسبة «محدودي التفكير» منهم بسيطة، لكن نشاطهم الدائم في مقابل صمت العقلاء يجعل وجودهم الأقوى. لن أحرم الفيس بوك ولن أحلله فلست في موقع فتوى، لكن ليت العطل الذي أصابه قبل يومين استمر حتى تنضج عقول بعض مستعمليه. فتحية البلوشي