حين تتداخل الأحداث، ويبدأ الدماغ بالتذكر والتخزين في نفس اللحظة، تبدأ الأفكار السلبية بالتدخل لخلق جو من التوتر، والتوتر الناشىء يدفع الفنان التشكيلي نحو حافة الإبداع، حيث يترجم الفنان تلك الأفكار السلبية بطريقة فنية صامتة أو متحركة، تلك الترجمة الفنية تمثل منتجاً يطوق الأفكار السلبية، ويمنعها من الثورة ضد وعي الفنان. “اوجين دلكروا” الذي يعتبر من الرسامين الأوربيين الذين وفدوا في القرن التاسع عشر إلى الجزائر، ورسموا الكثير من مناظرها ومظاهر الحياة فيها، وهو صاحب لوحة “نساء الجزائر”، التي تعد إحدى روائع الفن الاستشراقي الإفريقي، ينكر الكمال الكلي، لأنه مدرك حقيقة الترجمة التي بدأت بأفكار سلبية مخفية في “العقل اللاواعي”، ومن ثم تحولت عبر سيطرة الفنان إلى منتج فني ملموس وقمة في الكمال، وهذه دعوة صريحة من “اوجين دلكوا” لخوض تجربة الفشل مع الأفكار السلبية، ومن بعد الفشل يكون النجاح، وقد عبر عن ذلك في مقولته، “الفنانون الذين يبحثون عن الكمال في كل شيء هؤلاء لا ينالون شيئاً” يدفعنا العلم نحو حقيقة الوجود الخارجي، لكن تبقى “الأنا” المحبوسة داخل أجسادنا مجهولة التكوين، مما يجعلنا ندخل الأفكار السلبية، هذه الأفكار السلبية تبعدنا عن الواقع الجميل، بأن “الأنا” مخلوق أوجده الخالق، لكي نستطيع التفاعل مع الوجود الخارجي، ولكي يتعمق لدينا مفهوم الوحدانية، وهذا ما يحاول الفنان أن يطرحه عبر المنتج. المنتج الفني الخارج عن سيطرة الفنان، يشوبه الكثير من المبادئ غير الصحيحة، والمعراة من الأخلاق، فيتم استبعادها، والسبب وراء تلك الانتكاسة التي تعرض لها الفنان، عدم قدرته على فهم ذاته. ولذلك من المهم جداً أن يقوم الفنان بشكل دائم، على رسم ملامح تلك الأفكار السلبية، سواء بالرموز أو الأحرف، بغرض الترجمة إلى جوانب إيجابية تعزز المنتج الفني، ويمكن للفنان أن يعالج مرض الأفكار السلبية بالتأمل، لحظة تأمل في الذات، تمكن الفنان من النجاة، وتقذف به إلى ميناء الأصالة، لكن يجب أن نعطي التأمل الوقت الذي يتم من خلاله تحقيق الغرض، أي حتى يتمكن الفنان من ولوج الذات، فكلما أدرك الفنان ذاته بشكل أعمق، كلما أصبح أقرب من النجاح. وحسب الأديبة والمحاضرة والناشطة الفنية الأميركية هيلين كيلر، التي استطاعت التغلب على إعاقتها، بأنه عند القرب من الذات “نستطيع أن نفعل أي شيء لو التصقنا بها لوقت كاف” . ينظر المشاهد عبر نافذة الفنان، فإن كانت النافذة ضيقة، لن يتمكن من رؤية زوايا الفكرة المطروحة، من قبل الفنان، وإن كانت واسعة ، قد يضيع بصرة وسط زحمة العناصر المتراصة والمتباعدة، لذلك يجب أن يختار الفنان الأبعاد المناسبة للنافذة التي ينظر عبرها المشاهد. science_97@yahoo.com