لدينا في الإمارات مشكلتان أساسيتان، ونحتاج لأكثر مما نفعله اليوم كي نحلهما، لأن المشاكل تتفاقم يوما بعد آخر ولا تتوقف عند مستوى معين، كما أنها تولد مشاكل أخرى بمضي الوقت، مشكلتنا الأولى هي التركيبة السكانية بدليل مؤشرات عديدة نتلمسها كمواطنين بشكل يومي وبدليل هذا الحوار الدائم والهاجس الكبير الذي نلاحظه لدى الجميع، هذه المشكلة بمرور السنوات والشهور ولدت المشكلة الثانية المتعلقة بأزمات المواطن مع سوق العمل، تعثر الشباب في الحصول على الوظائف الحكومية والخاصة وبنسبة كبيرة جدا. كما أن أزمات المواطن الإماراتي مع وداخل سوق العمل أفرزت مع الزمن هي الأخرى مشكلتين: الأولى هي التوظيف وفق معيار المواطنة أو ما صرنا نكرره بشكل يومي تحت اسم التوطين في الوظائف الحكومية والخاصة، وربما نكون المجتمع الوحيد والفريد من نوعه الذي يطالب فيه المواطنون أن توفر لهم دولتهم وظائف هي في الأساس متوفرة لكنها تذهب لآخرين، مع العلم بأننا – مع دول خليجية أخرى – وصلنا إلى نسبة متدنية في التعداد السكاني العام، وبهذا يكون من المنطقي أن لا نطالب بالتوطين وأن يحصل المواطن على وظيفته بسهولة كما حدث مع خريجي الدفعات الأولى من جامعة الإمارات !!! المشكلة الثانية مرتبطة بالأولى وهي تزايد أعداد العاطلين عن العمل من أبناء الإمارات، وهي مشكلة غريبة في وجودها وفي استمرارها، فلو أن البطالة في الإمارات كانت بسبب تزايد أعدادنا وانفجارنا السكاني كمواطنين كما هو الحال في الهند وإندونيسيا ومصر مثلا لتقبلنا النتيجة ورضينا لكن العكس هو الصحيح، ولو أننا نعاني اقتصادا مأزوما أو متخلفا لقلنا بأن هناك سببا وجيها، ولو أن عمليات النمو والتنمية الاقتصادية تسير ببطء مثلا لسلمنا بنتائج ذلك على سوق العمل، لكننا والحمد لله وبأرقام وإحصاءات المنظمات الدولية لدينا نسبة نمو غير جيدة واقتصاد قوي وآمن بفضل السياسات الحكيمة للإمارات إذاً لماذا تتزايد هذه الإشكالية يوما إثر آخر ؟؟لا أعتقد بأنه علينا أن نستمر في ترديد مقولة إن شباب الإمارات لا تتناسب مؤهلاتهم مع سوق العمل لأن هذه المقولة يجب أن تسقط تماما ولا يتم ترويجها أكثر من ذلك لأنها لن تخدم المشروع التنموي المتعلق بالتوطين أبدا خاصة بعد كل هذا الوقت من التعليم التقني المتميز والتأهيل وتوجهات الحكومة والشباب معا نحو الارتقاء بالمؤهلات والإمكانات، وبعد أن عانى الشباب الخريجون من البطالة ومن الدراسات النظرية، بمعنى أن تجربة جيدة قد تراكمت للطرفين الشباب والجهات المسؤولة لتلافي هذه الإشكالية مع متطلبات سوق العمل. نعتقد بأنه قد ولى زمن المواطن الإماراتي غير المتناغم مع منطق ومتطلبات سوق العمل، انتهى زمن الشباب الإماراتي غير الحاصل على الشهادات العليا والتخصصات الدقيقة والمعاصرة والذي لا يجيد اللغة الإنجليزية ومهارات استخدام الكمبيوتر، وفنون الاتصال والتواصل والعلاقات العامة، وديناميكيات الإعلام ولغة الميديا العالمية ... انتهى زمن الإماراتي الذي لا يصلح للعمل في القطاع الخاص، وجاء دوره ليستحوذ على حصة الأسد في وظائف بلاده، طالما أنه كفؤ ومؤهل لذلك، لكن على المسؤولين أن يكونوا معه لا ضده، خاصة مسؤولي التوظيف وأقسام الموارد البشرية!!