انتشرت المدونات الإلكترونية بشكل هائل خلال السنوات الثلاث الماضية، لدرجة أصبح معها من الطبيعي أن يكون لكل شخص مدونة كما أن له هاتفاً محمولاً، ساعد في ذلك سهولة الحصول على موقع، مع زيادة عدد الجهات الإلكترونية التي تقدم الخدمة، وتوافرها باللغة العربية، وسهولة التصميم، وغيرها من الأمور المثيرة للشباب، مع توافر خاصية مهمة جدا وهي التواصل مع القراء؛ ومن الذات الخاص إلى العام، انتقلت أفكار الشباب -على وجه الخصوص في تلك المدونات- ليجدوا لهم موطأ قدم في العالم الافتراضي بعيداً عن قيود الواقع الاجتماعية قبل السياسية· من رحم تلك القيود، وجد الشباب وسيلة جديدة لنشر إبداعاتهم، سواء كانت شعراً أو قصصاً أو حتى نقداً مجتمعياً ساخراً، فكما كان الشعر ديوان العرب وحافظ علومهم وتجاربهم، أصبحت المدونات انعكاساً لحالنا الإنساني على مختلف الأصعدة؛ والجديد في الأمر هو إمكانية النشر التي لم يكن يحظى بها إلا القلة، فعلى عكس ما كان يفعله المبدعون سابقاً من الوقوف طويلاً للحصول على فرصة للنشر سواء في مطبوعة أو كتاب، أصبح العكس تماماً ما يحدث الآن، فقد لجأت دور النشر إلى الاتصال بأصحاب تلك المدونات طالبة منهم منحها حقوق نشر أعمالهم المدونة في كتب، كما فعلت دار الشروق المصرية مع صاحبات ثلاث مدونات، وهو ما يتوقع أن يستمر لفترة طويلة مقبلة، لاسيما مع توافر عناصر اختبار مدى ربحية المنتج التي وفرتها المدونات، سواء من تردد المشاهدات أو التعليقات على المنشور في المدونة، وكذلك حجم الدعاية التي توفرها ساحة التدوين بشكل عام· وكتلك النظرة الدونية التي لايزال واقعنا الثقافي العربي يحملها لبعض الكتب التي نشر محتواها صحفياً من قبل، ينظر بتوجس أكبر للمنشورة إلكترونياً قبل أن تصبح بين دفتي كتاب، وهي نظرة تحمل من التحفظ أكثر مما تحمل من التشكك، رغم أصالة المطروح فكرياً وجودة لغته التعبيرية؛ ليبقى الزمن رغم ذلك هو الحكم الوحيد في حسم هذه المسألة، فإما افتراق وإما عناق، بين المدون والمكتوب· als.almenhaly@admedia.ae