تمتلك العاصمة القطرية الدوحة مكانة خاصة في نفوس أبناء الخليج كونها أولا رمزاً لبساطة وعفوية الإنسان الخليجي الذي يتغنى بالبحر والنوارس ويحمل في أعماقه روح المحبة العالية للأهل والإخوة والجيران. وهي الروح التي لا زلنا حتى الآن نلمسها في الإنسان القطري الذي لم يتلوث بعد بهجمة المتغيرات السريعة التي أثرت في كثير من أبناء وسكان مدن الخليج. وزاد من محبة الناس لهذه المدينة أنها قدمت مجموعة كبيرة من الإبداعات والأسماء في الأغنية والدراما والمسرح والشعر وأسهمت بشكل كبير في إشاعة روح الوحدة الخليجية. الاهتمام القطري بالثقافة والتراث بدأ منذ سنوات مبكرة من قيام الدولة، حيث برزت جهود وزارة الثقافة ومركز التراث الذي اهتم منذ السبعينيات بتدوين وأرشفة الموروث الشفاهي للمنطقة من حكايات ونوادر وأمثال ولهجات ودراسات عززت من حضور التراث الخليجي في الكثير من المحافل والملتقيات العربية والعالمية. وتطور العمل الثقافي في السنوات الأخيرة ليشمل مركز الفنون البصرية والصالون الثقافي ومهرجانات الفنون والسينما وغيرها. كما تتوجه الحكومة حاليا الى التركيز على العمل الثقافي بالتوازي مع نجاحات حققتها في الرياضة على المستوى الإقليمي والدولي. اختيار الدوحة لتكون عاصمة الثقافة العربية في 2010 ، يأتي تتويجا لجهود هذه المدينة في اهتماماتها الثقافية التي تجاوزت مرحلة العمل المحلي وراحت ترسم وتخطط للعمل العربي والعالمي، ومن النادر اليوم أن تجد مهرجانا ثقافيا يعقد في الدوحة من دون مشاركة دولية. وسبق لي قبل حوالي شهرين أن زرت الدوحة وذهبت في جولة مع احد الأصدقاء للتعرف على معالم المشاريع الثقافية الضخمة التي يتم تشييدها حاليا من مسارح ودور أوبرا وقاعات عرض ومراكز ثقافية ومتاحف ينبغي أن تشكل البنية التحتية الصلبة لتطلعات هذه المدينة نحو تحقيق حضور ثقافي مؤثر في العالم من غير أن تنسى جذورها وأصالتها الخليجية العربية. وهذا ما أكده وزير الثقافة والفنون والتراث القطري الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري الذي أوضح أن اللجنة المنظمة لاحتفالات الدوحة قررت ألا تتجاهل أيا من جوانب الثقافة أو تفرعاتها، وإعطاء الثقافة المحلية حقها في التفاعل مع الثقافات الأخرى، مع التركيز على الثقافة العربية الإسلامية الأصيلة. التوجه القطري للاهتمام بالثقافة ومنحها هذا الزخم من الدعم والرعاية والحرص على الارتقاء بها ينبع من فهم التوازنات الضرورية للارتقاء بمدننا الخليجية باعتبارها مراكز حضارية وليست مجرد محطات اقتصادية او عمرانية جافة، والثقافة هي النهر الذي لابد له من الجريان بين هذه المدن لكي تزهر الفكرة وتصبح نورا ويخضر طريق المستقبل ويصبح مفروشا بالمعاني الرائعة. akhozam@yahoo.com