يحاول الفنان عبر المنتج الفني، أن يفهم ذاته ويستكشف حقيقة الأنا، وكيف تتفاعل مع الآخر، ولا تتم عملية الاستكشاف إلا بالتأمل لسلوك الجسد، وتقول الكاتبة فلورا دافييس مؤلفة كتاب لغة الجسد “لو أردت أن تعرف الأهمية التي تحتلها حركات اليد وتعابير الوجه والجسم فاجلس أمام شاشة التلفزيون وخفف الصوت الى الآخر وستكتشف عندها شيئا في غاية الأهمية”. حيث تلاحظ أن اللغة المستخدمة أكثر من الكلام، وهي الأصدق في التعبير عن الذات، هي لغة الجسد، ومن ضمنها لغة اليدين، فتجد الفنان يقلب الصور التي التقطها لنفسه، ويركز على اليدين، حيث تعبر حركات اليدين عن شخصية الفنان، فعبر اليدين يدرك حقيقة ذاته، وكيف يستطيع أن يرشدها نحو السعادة، فالتحليل عبر اليدين هي المنتج الذي يعرضة لنا الفنان. لا يحاول الفنان أن يخفي شخصيته، بل يضعها أمام عين المشاهد لكي هو الآخر يستكشف الطريقة الأمثل لفهم ذاته، فهو لا يضع تلك الصور الفوتوغرافية لليدين، بغرض الاستكشاف فقط، بل لكي يعلم المشاهد كيف يستخدم يديه لفهم شخصيته، بالتالي لا يضيع وسط زحمة التكنولوجيا، وكذبة الآلة التي تدعي الذكاء، فنحن من أوجدها ونحن الأقدر على التغلب على سلبياتها، بالعودة إلى الجسد. يدرك الفنان صدق لغة اليد، لذلك يلغي الصوت في عملية العرض، ويكتفي بصور لأوضاع مختلفة لليدين، لعبة تلعبها يد الفنان أمام المشاهد، هذه اللعبة لا تعرف الكذب بل توقع الفنان في أعماق الذات، ليبحث وسط الرمال المتكدسة في قعر الذات، عن هويته وشخصيته المتخفية بين ذرات السواد. لغة اليد التي يتحدث عبرها الفنان، تجعل النفس البشرية قادرة على الصمود أمام إعصار الوهم والكذب المحيط بالفنان، تجعل المشاهد يبحث عن الوسيلة الأمثل لفهم ذاته ومن ثم القدرة على مخالطة الآخر دون خوف من الوقوع في شباك الضياع والتبعية. يستطيع الفنان التعرف على مخاوفه الداخلية، عبر الحركات اللا إرادية لليدين، وكذلك التعرف على القدرات الذهنية، فيقوم الفنان باستغلال تلك القدرات للتغلب على المخاوف الداخلية، وتحقيق الاستقرار الداخلي، قبل أن تتحول المخاوف إلى بركان يحرق ذات الفنان، وجسده الخارجي، كما أن لتلك الحركات اللا إرادية لليدين، قدرة على فهم سبب سلوك الفنان نحو الآخر، فنتعلم كيف ومتى نحب، نكره ونغضب من الآخر. عبر لغة اليد نفهم ذواتنا، وبالتالي نفهم رغباتنا الداخلية، فنقوم بتلبية تلك الرغبات دون خوف، فعبر تلبية تلك الرغبات الداخلية تتحقق الحرية التي نبحث عنها في الخارج، فالحقيقة أننا نحن من نحرم أنفسنا من الحرية، فنحن الأقدر على إيجادها في الداخل، أي في ذواتنا. science_97@yahoo.com