تأثير اللون على النفس البشرية، تأثير لا إرادي، يخترق الشعور الداخلي، ويدخل ضمن البيئة المحيطة للأنا والآخر، حيث يعتبر اللون للأشخاص الذين يسكنون بين الجبال عنصر اتصال مع الآخر والبيئة المحيطة، حيث تجد الألوان تتسلل الأبواب، جدران المنزل وأدوات الأكل والشرب، يتمكن الشخص من خلال تلك الألوان، تمييز الأشياء والأماكن، عندما تغمض الشمس عينيها، تحجب عن سكان الجبال الشعاع الضوئي، مما يجعلهم يبحثون عن وسيلة أخرى تمكنهم من الرؤية، في الظلام، لم يكن سكان الجبال يدركون تأثير الألوان على البصر، وكيف تتم الرؤية، وأن الرؤية الليلية تقتصر على الخلايا العصبية والتي تقع خارج العصب البصري، وهي قادرة على تمييز شدة الإضاءة واللون الأزرق المائل للخضرة، بل غريزة التأقلم مع البيئة هي التي دفعتهم نحو استخدام الألوان في المسكن، والملبس. قوة الألوان تكمن في طريقة طرحها أمام المشاهد، أي شكل الدائرة الذي يطرحه الفنان، يكون ناقصاً أحياناً وأحيانا أخرى مكتملاً، أقصد بالنقصان، أي أن الفنان رسم نصف دائرة، هذا النصف قادر على خلق رؤية لرسالة الفنان، حيث يركز الفنان على اللون وليس الشكل، وكيف تستقبل عين المشاهد اللون الأخضر وهو لون أساسي في الضوء، وكذبة اللون الأصفر وهو لون ثانوي، يتكون من الأخضر والأحمر، وعين المشاهد هي التي تقوم بعملية المزج، بين الأحمر والأخضر لتشاهد اللون الأصفر، هذه اللعبة يتقنها الفنان لحد التلاعب بالوحدات اللونية، أمام المشاهد ليدخله بيئة سكان الجبال، هل هو الحنين الذي أرغم الفنان لطرح فكرة الوحدات اللونية، في الواقع هي صدمة المعرفة وما بعد الحداثة، أي بعد الثورة الصناعية، أرغم الفنان للعودة خطوة للوراء عبر اللون ، خوفا من غزو ما بعد الحداثة للبيئة الجبلية، فتختفي لغة الألوان التي يتعاطاها سكان الجبال، هي صرخة من الداخل لبلوغ الخارج. عندما يقف المشاهد أمام الوحدات اللونية، التي يطرحها الفنان، يدرك أن التكنولوجيا غير قادرة على بث السعادة في النفس البشرية، وأن المعرفة التي تدفقت عبر العقول، ليست بالشيء الجديد، إنما هي ترجمة لطريقة تكيف رجل الجبال مع البيئة، رجل الجبال لديه معرفة عميقة بحقيقة الوسط المحيط، وإن ادعت المعرفة غير ذلك، فهي تتحرك وسط دهاليز مغلقة ، مصيرها العودة لرجل الجبال. يرفع الفنان أمام المجتمع، راية الاستسلام، فهو مدرك قوة الطبيعة، وأن هذه الطبيعة تحتاج من البشرية لغة تواصل مع المفردات، التي تطرحها كل فجر ومغيب، ولا تحتاج إلى أضواء كاذبة، تغزوا أدمغة البشرية. science_97@yahoo.com