يمثل معرض الكتاب نافذة للمعرفة وفَعَالية ثقافية تُسهم في نشر الوعي بتوفير إمكانية الوصول إلى الكتاب، وفتح المجال أمام الاطلاع على ثقافات أخرى، بمشاركة دُور نشر من مختلف أنحاء العالم، وفعَاليات متنوعة تُقام على هامش المعرض، وتحفز الحوار حول القضايا الفكرية والثقافية.ولايزال الكتاب ذاكرة الحضارة، فهو ما يسجل نجاحات وإخفاقات الدول والبشر، ومنه تنطلق الحضارات، وبه يمكن تعزيز الهوية الوطنية، وتعريف أفراد المجتمع بتاريخهم وثقافتهم وتقاليدهم، وتحفيز الإبداع والابتكار، فيما تمثل معارض الكتاب تظاهرات ثقافية تجمع الكُتَّاب والناشرين والقُراء تحت سقف واحد، لخلق فرص حقيقية للتعارف والروابط الثقافية والأدبية، إضافة إلى الفائدة الاقتصادية العائدة على دُور النشر من مبيعات الكتب، والمحفزة على الاستمرار والتطور وتقديم أجود الكتب في مختلف المجالات.

وهكذا ينطلق عيد الكتاب بأبوظبي في دورته الـ33، بمشاركة دولية واسعة تصل إلى 90 دولة، تحت عنوان «هنا.. تُسرَد قصص العالم»، حيث تُسرَد من أبوظبي حكايات الإنسان من الماضي والحاضر، وتنظر إلى المستقبل، ومن قصص الإنسان شخصية المعرض الروائي المصري نجيب محفوظ، صاحب أول «جائزة نوبل» لعربي في مجال الأدب، الذي امتاز أدبه بالواقعية، وسجل بقلمه الحياة المصرية في جوانب متعددة.

أما الدولة الضيف، فهي بلد أديب نوبل، مصر صاحبة المكانة الثقافية التاريخية الكبيرة، والفاعلة في الفكر والمعرفة العربية. برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تنطلق أعمال الدورة الجديدة اليوم، استمراراً لنجاح محطات من التطور على مدار 3 عقود، نجح خلالها المعرض في الانفتاح على آفاق واسعة من الثقافة والفكر وتلاقي الحضارات، وخاصة أن دولاً أوروبية ودولاً من آسيا الوسطى تشارك هذا العام لأول مرة في معرض أبوظبي، لإطلاع الجمهور على ثقافات لم يَعْتَدْها في المعارض السابقة.

لم يعد معرض كتاب أبوظبي مجرد حضور لدُور النشر من أجل بيع الكتب والمراجع من كل الدول، وإنما بات منصة ثقافية وفكرية للجنسيات المختلفة، وتجمُّعاً دوليّاً تتلاقى فيه الثقافات، وتتواصل فيه الحضارات، ويتعرف خلاله الزوار المتنوعون، في دولة الإمارات ومن خارجها، على ثقافات العالم، وهو أيضاً بوابة لنشر ثقافة السلام بين الشعوب، عن طريق التواصل مع الآخر، وبناء الجسور، والبحث عما يجمعنا ولا يفرقنا من كنوز فكرية وإبداعية.

إن وجود الكثير من دُور النشر، من الدول العربية والأجنبية، في مهرجان للثقافة، لهو فرصة للاطلاع على الإبداع الإنساني، والتقريب بين البشر مهما اختلفوا، من خلال عالم المعرفة. فمع التقدم التكنولوجي، لايزال الكتاب هو باب التواصل الفكري الأكثر موثوقية، مع انتشار التزييف والأجزاء المقتطعة في عوالم وسائل التواصل الاجتماعي.

معرض الكتاب احتفاءٌ بالكتاب وبالكاتب، ودولة الإمارات لطالما احتفت -ولاتزال- بأصحاب المواهب والعلم في معارضها المختلفة، وعبر جوائزها الممتدة على مدار العام، لتحفيز الثقافة العربية، في مشهد تغرّد فيه دولة الإمارات في سماء العرب.

ويُعدُّ معرض أبوظبي الدولي للكتاب إحدى العلامات المضيئة في المشهد الثقافي العربي، وهو محطة سنوية للعرب والأجانب، وملتقى دولي للمثقفين والمفكرين في العالم، وخاصة أنه يتميز بحسن التنظيم، والتنوع في الإصدارات ودُور النشر من الإمارات وشتى أنحاء العالم، مع استقطاب كبريات دُور النشر العالمية لعرض كتبهم، وعليه إقبال جماهيري كبير، ما يفتح الباب أمام الحوار المستنير الرافض للأفكار المضللة والمتطرفة.

وبدوره، سيكون مركز تريندز للبحوث والاستشارات حاضراً بفاعلية قوية في المعرض، سواء من خلال عرض إصداراته المتنوعة، التي تتجاوز 250 إصداراً بعضها تم ترجمته إلى 16 لغة، مع التركيز على الإصدارات الحديثة منها، أو من خلال الفعَاليات العلمية المتنوعة، التي سيعقدها داخل المعرض وعلى هامشه، مساهمة منه في إنجاح هذه الفعَالية الثقافية العالمية، بعد أن كان قد حصد في دورة العام الماضي جائزة «الاستدامة»، وهي الجائزة التي شكّلت الفكرة المحورية لدورة هذا العام.

* باحثة- مدير إدارة المعارض والتوزيع- مركز تريندز للبحوث والاستشارات