أحد خبراء الاقتصاد يشرح لماذا تجعله رؤيته أكثر تفاؤلاً بشأن حالة اقتصادنا من المواطن الأميركي العادي. أنا أيضاً أعرف نظرة الاستياء تلك عندما تبدو الأسعار في متاجر البقالة وكأنها غير منطقية. وأشعر بالقلق على أطفالي الآن بعد أن أصبحت أسعار المنازل، وكأنها أرقام هواتف. لكني أتنفس، وأذكّر نفسي بالرؤية المفيدة التي ينبغي أن يحملها تدريبي كخبير اقتصادي. في بعض الأحيان يكون ذلك مفيدا، لذا أريد مشاركتها معكم. يشير المنطق الاقتصادي البسيط إلى أنه لا رفاهيتك، ولا رفاهيتي تعتمد على الحجم المطلق للأرقام الموجودة على ملصق السعر المثبت على المنتجات في الأسواق.
ولفهم ذلك، تخيل أنك تغفو، ثم تستيقظ بعد سنوات لتكتشف أن كل بطاقة سعر بها صفر إضافي. تبلغ تكلفة العلكة 2.50 دولار بدلاً من ربع دولار، والمتجر الذي يبيع كل سلعة مقابل دولار واحد أصبح يبيعها مقابل 10 دولارات، وسعر القهوة 50 دولاراً. والورقة النقدية بقيمة 10 دولارات في محفظتك أصبحت الآن 100 دولار، بينما قام حسابك البنكي بتحويل 800 دولار من المدخرات إلى 8000 دولار.
والأهم من ذلك، أن السعر الأكثر أهمية بالنسبة لك – وهو معدل أجرك في الساعة - هو أيضاً أعلى بـ 10 أضعاف.
ما الذي تغير بالفعل في هذا العالم الجديد من الأسعار المتضخمة؟ العالم به الكثير من الأصفار، لكن لم يتغير شيء حقاً، وذلك لأن العملة التي تهم حقاً هي عدد الساعات التي يتعين عليك العمل فيها لتغطية نفقات البقالة، أو الحلوى الصغيرة، أو شراء منزل، ولم يتغير أي من هذه المقايضات الحقيقية. هذه الحكاية الخيالية هي تقريباً قصة التضخم الذي حدث مؤخراً. ولم يضف الدافع التضخمي الذي يغذيه الوباء صفراً إضافياً إلى كل سعر، لكنه فعل شيئاً مشابهاً.
القوى التضخمية نفسها التي دفعت هذه الأسعار إلى الارتفاع دفعت أيضاً الأجور إلى الارتفاع بنسبة 22% عما كانت عليه عشية الوباء. وتظهر الإحصاءات الرسمية أن تكلفة الأشياء التي يشتريها المواطن الأميركي العادي زادت الآن بنسبة 20% عما كانت عليه خلال الفترة نفسها. ارتفعت بعض الأسعار أكثر قليلاً، وبعضها الآخر أقل قليلاً، لكنها ارتفعت جميعها تقريباً بالتوازي.
ويترتب على ذلك أن العامل العادي يمكنه الآن شراء أشياء إضافية بنسبة 2%. لا يبدو هذا كثيراً، لكنه معدل تحسن أسرع من متوسط معدل نمو الأجور الحقيقية على مدى العقود القليلة الماضية.
بالطبع، هذه متوسطات سكانية، وقد لا تعكس واقعك. بعض الناس يكافحون حقاً، لكن من واقع خبرتي، يشعر العديد من الأشخاص أنهم متخلفون عن الركب، حتى عندما يشير التحليل الدقيق للأرقام إلى أنهم ليسوا كذلك.
وذلك لأن الأشخاص الحقيقيين - وحتى الاقتصاديين المحترفين - يميلون إلى معالجة الارتفاع الموازي في الأسعار والأجور بطرق مختلفة تماماً. باختصار، وجد الباحثون أننا نميل إلى استيعاب المكاسب الناجمة عن التضخم وإخراج الخسائر. هذه العمليات المختلفة تسفر عن استجابات عاطفية مختلفة.
لنبدأ بالأسعار الأعلى. صدمة الملصق تؤلمني، وحتى باعتباري شخصاً يدرس إحصاءات التضخم عن كثب، فإنني لا أزال أتفاجأ في كثير من الأحيان بارتفاع الأسعار. إنها تبدو ظالمة، وتقوّض قدرتي الشرائية، وإحساسي بالسيطرة والنظام.
ولكن في الواقع، فإن الأسعار المرتفعة ليست سوى الفصل الأول من المسرحية التضخمية. إنها مسرحية شاهدها الاقتصاديون من قبل. وفي حلقة تلو الأخرى، أدت الزيادات في الأسعار إلى - أو سبقتها - زيادة متناسبة في الأجور.
وعلى الرغم من أن الأجور تميل إلى الارتفاع جنباً إلى جنب مع الأسعار، فإننا نروي لأنفسنا قصة مختلفة، حيث لا علاقة لارتفاع الأجور بارتفاع الأسعار الذي يسببها. أعلم أنه عندما اطلعت على خطاب المراجعة السنوية الخاص بي، وعلمت أنني حصلت على زيادة أكبر من المعتاد، شعرت بالارتياح للحظة، اعتقدت أن مديري قد رآني حقاً وأخيراً قدّر مساهمتي.
ولكن بعد ذلك تولى عقلي الاقتصادي زمام الأمور، واستوعب ببطء أن العلاوة التي حصلت عليها لم تكن مكافأة على العمل الجاد، بل كانت بمثابة تعديل لتكلفة المعيشة.
السبب الذي يجعل العديد من الأميركيين يشعرون بأن التضخم يسرق قدرتهم الشرائية هو أنهم يمنحون أنفسهم فضلاً غير مكتسب مقابل الزيادات المقابلة في الأجور التي تعمل على استعادته بالفعل.
أولئك الذين يتذكرون التضخم الكبير في الستينيات والسبعينيات، وأوائل الثمانينيات من القرن الماضي، عاشوا العديد من دورات ارتفاع الأسعار والأجور. إنهم يفهمون الصفقة: التضخم يجعل الحياة أكثر صعوبة لبعض الوقت، ولكنك تصبح على بعد تعديل واحد فقط لتكلفة المعيشة لكي تتمكن من اللحاق بالركب.
لكن الأشخاص- الأصغر سناً - أي شخص أقل من 60 عاماً، لم يشهدوا قط معدلات تضخم مستدامة تزيد على 5% في حياتهم البالغة. وأعتقد أن هذا يفسر سبب غضبهم الشديد من التضخم اليوم. إنهم لم يروا هذه المسرحية من قبل، ولذلك فهم لا يعرفون أنه عندما يتضمن الفصل الأول أسعاراً أعلى، فإن الفصل الثاني عادة ما يشهد ارتفاع الأجور من أجل اللحاق بالركب. إذا لم تكن تعلم أن الفصل الثاني قادم، فقد تغادر المسرح في فترة الاستراحة، معتقداً أنك شاهدت للتو عرضاً عن الشركات الكبرى التي تستغل الوباء لتأخذ حصتك من الكعكة الاقتصادية.
وبهذا، فإن عقوداً من التضخم المنخفض تركت عدة أجيال غير مجهزة للتعامل مع عودته. وبينما أدرك الأميركيون الأكبر سناً أن آلام التضخم عابرة، فإن الشباب ليسوا على يقين من ذلك. يصبح التضخم أكثر إثارة للخوف عندما تخشى أن يؤدي ارتفاع الأسعار اليوم إلى تقويض قدرتك على تغطية نفقاتك بشكل دائم.
ولعل هذا يفسر لماذا أدى الانفجار المعتدل الأخير للتضخم إلى خلق قدر أكبر من القلق مقارنة بنوبات التضخم السابقة. وبشكل أكثر عموماً، فإن كوني خبيراً اقتصادياً يجعلني متفائلاً. إن وسائل التواصل الاجتماعي مليئة بالادعاءات (الكاذبة) بأننا نعيش في «كساد صامت»، وأولئك الذين يريدون جعل أميركا عظيمة مرة أخرى على يقين من أنها كانت أفضل بكثير ذات يوم.
ولكن في الواقع، فإن اقتصادنا هذا العام أكبر وأكثر إنتاجية، وسيحقق متوسط دخل أعلى من أي عام سابق في التاريخ الأميركي. ولأن الولايات المتحدة هي أغنى اقتصاد رئيس في العالم، يمكننا الآن أن نقول إنه يكاد يكون من المؤكد أننا جزء من أغنى مجتمع كبير في أغنى عام له في تاريخ البشرية.
سيتضاعف دخل المواطن الأميركي العادي كل 39 عاماً تقريباً. وهكذا عندما يكون أطفالي في عمري، فإن متوسط الدخل سيكون تقريباً ضعف ما هو عليه اليوم. يصف علماء النفس اضطرابات القلق بأنها تحدث عندما يكون الذعر الذي تشعر به غير متناسب مع الخطر الذي تواجهه. وبهذا التعريف، نحن في خضم هجوم القلق على الاقتصاد الكلي. وبالتالي فإن النصيحة التي أقدمها كخبير اقتصادي تعكس ما كنت سأقدمه لو كنت معالجك النفسي: تنفس عبر هذا القلق، وتذكر أن هذا أيضاً سيمر.
جاستن ولفرز
أستاذ الاقتصاد والسياسة العامة في جامعة ميتشيجان ومقدم بودكاست «فكر كخبير اقتصادي»