من المتوقع أن يكون حزب «بهارتيا جانتا» الحاكم هو المرشح الأوفر حظاً لخوض الانتخابات العامة في الهند، والتي يبدأ التصويت فيها اعتباراً من نهاية الشهر الجاري وتستمر على سبع مراحل حتى الأول من يونيو. وفي حين أن هيمنة الحزب في الأجزاء الشمالية من البلاد قوية للغاية، فإنه يبذل قصارى جهده لجذب الناخبين في الولايات الجنوبية, حيث لا يزال يسعى إلى توسيع نفوذه السياسي.

وفي هذا الصدد، بدأ رئيس الوزراء ناريندرا مودي، وهو نجم الحملة الانتخابية للحزب القومي الهندوسي، منذ بداية هذا العام، بجولة في جنوب الهند، حيث زار ولايات جنوب الهند أكثر من عشرين مرة.

وفي الآونة الأخيرة، أقام حملة ترويجية في ولاية «كيرالا»، وعقد اجتماعاً حاشداً في ولاية «تاميل نادو».. وذلك في إطار جهود الحزب المستمرة للتواصل مع الجنوب. وقد جعل هذا التواصل جزءاً أساسياً من الحملة الانتخابية، حيث إن, مودي نفسه هو الذي يروج لهذه الفكرة لتوسيع الحزب فضلاً عن نفوذه السياسي. قد تكون هذه الانتخابات الأولى في تاريخ الهند المستقلة التي يعطي فيها هذا الحزب السياسي الناطق باللغة الهندية، ومقره في شمال الهند، أولوية لولايات جنوب الهند.

ويواجه رئيس الوزراء مودي خصوم الحزب في الجنوب ويدفع الناخبين لاختياره، في محاولة لتغيير الحزب من صورته كحزب يتمتع بنفوذ كبير في شمال الهند فقط. وتتمتع ولايات جنوب الهند بلغتها وثقافتها الخاصة، وتتمتع الأحزاب الإقليمية بالنفوذ. كما أن مستويات معرفة القراءة والكتابة أعلى في ولايات جنوب الهند مقارنة بالأجزاء الشمالية من البلاد، الأمر الذي دفع الحزب الحاكم إلى تجربة وسائل مختلفة لتوسيع نفوذه السياسي، بما في ذلك من خلال التحالف مع الشركاء الإقليميين.

وترسل ولايات جنوب الهند 127 من أصل 435 عضواً في مجلس النواب بالبرلمان الهندي. ولحشد الدعم لحزبه، قال مودي مراراً وتكراراً في خطاباته إن النفوذ المتزايد لبهارتيا جانتا في الجنوب لم يسبب القلق بين الأحزاب السياسية الإقليمية فحسب، بل أصابها بالذعر أيضاً. وفي الانتخابات الحالية، يستهدف بهارتيا جانتا الحصولَ على إجمالي 370 مقعداً لنفسه و35 مقعداً آخر لشركائه في التحالف، للوصول إلى أكثر من 400 مقعد.

ولتحقيق هذا الهدف يتعين على الحزب إحراز بعض المقاعد في الأجزاء الجنوبية. وبصرف النظر عن هذا الهدف، فرغم أنه لا يزال الحزب المهيمن في الشمال، إلا أنه قد يخسر بعض المقاعد في الشمال بسبب مناهضته لشاغلي المناصب. ويأمل الحزب تعويض خسائره المتوقعة في بعض مقاعد الشمال بمقاعدَ في الجنوب.إن الجهود المتواصلة التي يبذلها رئيس الوزراء مودي وحزبُه في الحملة الانتخابية في ولايات جنوب الهند ترجع إلى عدم وجود زعيم بارز لحزبهم يستحق الذكر في هذه الولايات. وقد حقق الحزب بعض النجاحات فقط في ولاية كارناتاكا، وذلك بعد قبول بعض متمردي «حزب المؤتمر» المحبطين في الحزب، لكن تلك اللعبة باءت بالفشل، ولم يتمكن الحزب من تحقيق انفراجة.

وفي بداية هذا العام، قام مودي بجولة مدتها 11 يوماً في جنوب الهند، شملت ولايات تاميل نادو ولاكشا دويب وكيرالا، حيث أعلن عن برامج تنمية بقيمة مليارات الروبيات لجذب الناخبين. فهل ستجلب هذه الجهود الأصوات للحزب؟

في انتخابات عام 2019، فاز بهارتيا جانتا بأغلبية 303 مقاعد، لكنه فاز بـ29 مقعداً فقط من أصل 127 مقعداً في خمس ولايات جنوبية، هي تاميل نادو وأندرا براديش وكارناتاكا وكيرالا وتيلانجانا وإقليم الاتحاد لاكشا دويب. ولم يتمكن الحزب من الفوز بمقعد واحد في تاميل نادو أو كيرالا أو أندرا براديش.

لكن في الانتخابات الحالية، يأمل الحزب أن يجعل حضورَه محسوساً. وبينما يبقى أن نرى كيفية أدائه في الانتخابات، فإن مودي يبذل قصارى جهده على أمل إحراز بعض المقاعد. لأول مرة في ولاية تاميل نادو، لم يعد للحزب الحاكم حليف. وكان التحالف الذي دام حوالي عشر سنوات مع حزب سياسي إقليمي هو حزب «أول إنديا أنا درافيدا مونترا كاجاجام» أو (AIADMK) قد انتهى العام الماضي بسبب اتهام الحزب الإقليمي لبهارتيا جانتا بمحاولة إضعافه من خلال تشجيع الانشقاقات واستمالة كوادره. وفي تاميل نادو، يواجه حزب بهارتيا جانتا مهمة شاقة نظراً لوجود اختلافات ثقافية، حيث يُنظر هناك إلى الحزب على أنه حزب هندوسي من الطبقة العليا في شمال الهند. وبالمثل، يحاول الحزب أيضاً جعل وجوده محسوساً في تيلانجانا.

وفي الشهر الماضي، أثناء حملته الانتخابية، افتتح مودي ووضع الأساس لمشاريع تنموية بقيمة تزيد على 72 مليار روبية. وشمل ذلك كهربة السكك الحديدية ومحطاتها الست الجديدة. ويعد توجه بهارتيا جانتا نحو الجنوب جزءاً من خطته الأكبر للظهور كحزب لعموم الهند. وفي ولاية كيرالا، سيطر التحالف الذي يقوده الحزب الشيوعي، أو الجبهة الموحدة بقيادة حزب المؤتمر منذ فترة طويلة على سياسة كيرالا. لكن بعد هيمنته على شمال ووسط وشمال شرق الهند، لم يتضح بعد ما إذا كان بهارتيا جانتا قادراً على تغيير موقف الجنوب الذي كان بعيد المنال حتى الآن.

*رئيس مركز الدراسات الإسلامية -نيودلهي