انعكاساً لما توليه دولة الإمارات من أولوية متقدمة لمقومات التنمية البشرية، وسعيها لتوفير أفضل الخدمات الصحية لكافة الفئات المجتمعية في الدولة، فقد واصلت تحقيق قفزات ملموسة في مجال تطوير منظومة الرعاية الصحية عبر تبني مبادرات وبرامج ريادية أسهمت في تعزيز صحّة أفراد المجتمع، وأرست لها معايير رفيعة، من أجل مواكبة أحدث التقنيات العالمية وضمان توفّرها لكافة الفئات المجتمعية، كما استمرت الإمارات في حضورها ومساهماتها الطبية العالمية، سواء عبر البعثات، أو الإمدادات الطبية الإغاثية. وتشارك دولة الإمارات العالم احتفاله بـ«يوم الصحة العالمي»، الذي يوافق السابع من أبريل من كلّ عام، وهو اليوم الذي يوافق ذكرى تأسيس منظمة الصحة العالمية عام 1948.

وقد خصصت المنظمة موضوع هذا العام تحت عنوان «صحتي، حقي»، موضحة أن اختيارها لهذا الموضوع يهدف إلى الدفاع عن حق كل شخص في أي مكان في الحصول على الخدمات الصحية والتعليم والمعلومات، فضلاً عن مياه الشرب المأمونة والهواء النقي والتغذية الجيدة والسكن والعمل اللائق والظروف البيئية الملائمة، والتحرر من التمييز.

يذكرنا اختيار هذا الموضوع بالجهود التي تبذلها الدولة في تطوير وتوفير الخدمات الصحية داخلياً وخارجياً، فعلى الصعيد المحلي دأبت الإمارات على إنشاء المراكز الطبية والمستشفيات والمتخصصة، التي توفر رعاية صحية راقية ومتطورة، تضم كفاءات طبية متميزة تخضع لمعايير استقطاب وترخيص عالية المستوى، ولا تزال جهود توسيع وتطوير البُنية التحتية الطبية مستمرة في جميع أنحاء الدولة.

كما حرصت دولة الإمارات على تأهيل كوادر طبية مواطنة، سواء من خلال الجامعات والكليات المحلية، أو عبر الابتعاث إلى أرقى المؤسسات الدولية للحصول على التعليم الأكاديمي والتدريب المهني المتخصص عالي المستوى. أما على صعيد المساهمات والأنشطة الطبية الخارجية، فقد كان لدولة الإمارات السبق في بذل المساهمات الإنسانية الطبية والصحية التي تستهدف المحتاجين إلى المساعدة الطبية في جميع أنحاء العالم، سواء بسبب الكوارث الطارئة أو ضعف الخدمات الصحية في بعض الدول، وتشمل هذه المساهمات والأنشطة مبادرات متنوعة تبدأ بإرسال البعثات الطبية الإغاثية أو المتخصصة، وصولاً إلى إنشاء المستشفيات الميدانية، وإرسال شحنات من الأدوية والمستلزمات الطبية.

ويعكس الاهتمام الكبير من قبل دولة الإمارات بالقطاع الصحي حقيقة جوهرية مفادها أن الإنسان، الذي يحظى بكل الرعاية في دولة الإمارات، هو هدف عملية التنمية في الدولة ومحورها الرئيسي، ويجب توفير أفضل الخدمات التي يحتاج إليها في المجال الصحي وغيره من المجالات، كي يتمكّن من أداء مسؤولياته والإسهام بفاعلية في مسيرة التنمية.

ولا غرابة هنا أن تبوأت دولة الإمارات مكانة متميزة على صعيد التنمية البشرية، فقد حلت الدولة ضمن أحدث تقارير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في المرتبة الـ17، متقدمة بذلك 9 مراتب عن العام الماضي، ومتفوقة على دول عدة قطعت أشواطاً كبيرة في التنمية البشرية، مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة، واليابان، كما تقترب بشدة من سويسرا التي حلت في المرتبة الأولى. وتبوأت دولة الإمارات مراكز متقدمة في العديد من المؤشّرات الدولية الأخرى المرتبطة بالخدمات الصحية، مثل «مؤشر التنافسية الدولية»، و«مؤشّر المنشآت الطبية المعتمَدة دوليّاً» و«مؤشّر مستوى الرضا عن الرعاية الصحية»، وكانت مشاركاتها الإغاثية الدولية موضع ثناء وتقدير قل نظيره، لما تقدمه من خدمات إنسانية ملموسة وسخية.

إن احتفاء دولة الإمارات بـ«يوم الصحة العالمي»، مناسبة للتعرف على الجهود المستمرة التي تبذلها الدولة في سبيل تطوير منظومة الرعاية الصحية لديها، التي أصبحت نموذجاً يُحتذى به إقليميّاً وعالميّاً، والاطلاع أيضاً على مساهماتها الطبية الدولية التي تصل إلى جميع أنحاء العالم، والتي لطالما كانت داعمة للبرامج الدولية، وعلى رأسها منظّمة الصحة العالمية.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.