الخلافات بين الأشخاص تَحدث بسبب الكراهية والملل والنفور.. وغيرها من المشاعر السلبية التي غالباً ما تأتي كتراكمات مطردة.

إنها تختلف عن الحب الذي يحدث أحياناً أن يأتي فجأة وعلى حين غرة، أو من «النظرة الأولى» كما يُقال في قصص الغرام والعشق. لكن أي تحول حقيقي في المشاعر يستلزم تغييراً طويلا لكي يكتمل، وربما يمتد وقتاً أطول من المتوقع. ومن الصعب معرفة التغيرات التي تصيب المرأة إذا أصبحت كارهةً للزوج، لكنها غالباً ما تصبح مؤذيةً ومتسلطةً عليه، وقبل ذلك تغدو أقل اهتماماً وأكثر كلاماً وثرثرة وجدالا، لتبدأ مرحلة النكد والانتقام وانعدام الرحمة.

أما الرجل فيفقد شغفه تجاه كل ما يخص العلاقة الزوجية. وكما أن للمرأة على الدوام أسبابها الخاصة فيما يتعلق بالبغض والكراهية، فإن للرجل كذلك أسبابه الخاصة، لا سيما في ظل ظروف الحياة الجديدة التي أصبحت صعبة ومعقدة، ولا تكاد تفرِّق بين عالم وجاهل، أو غني وفقير.في تصريح مثير للاستغراب والدهشة، ذكر العالِمُ التركي عزيز سانجار، الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2015، أن زوجتَه قالت له: «أخرِج القمامةَ يا عزيز»، وأنه رد عليها بالقول: «أنا حائز على جائزة نوبل».. فقالت له: «أخرج القمامةَ يا عزيز الحاصل على جائزة نوبل»!

ويذكر أن عزيز سانجار عالم كيمياء حيويّة وبيولوجيا جزيئيّة تركيّ الجنسيّة متخصّص في ترميم الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين، وفي نقاط فحص دورة انقسام الخليّة وفي الساعة اليوماويّة. وقد حصل في عام 2015 على جائزة نوبل في فرع الكيمياء إلى جانب كلّ من توماس روبيرت ليندال وبول مودريتش، وذلك عن دراستهم المشتركة حول الحمض النووي وتقنيات إصلاحه. وقدّم سنجار إسهاماتٍ مهمةً في مجال دراسة انزيمات فوتولياس photolyase، وفي ترميم استئصال النيوكليوتيد في البكتيريا، وهو ما غيّر كثيراً من المعطيات في هذا المجال.

ويعمل سنجار حاليّاً كأستاذٍ في منحة «سارة غراهام كينان» في الفيزياء الحيويّة والكيمياء العضوية في مدرسة الطبّ بجامعة كارولينا الشماليّة، وهو عضوٌ في مركز السرطان الشامل التابع لجامعة نورث كارولينا، وهو عضو مشارك في مؤسسة Aziz & Gwen Sancar، وهي منظّمة غير ربحيّة تهدف إلى تعزيز الثقافة التركيّة ودعم الطلّاب الأتراك في الولايات المتّحدة. وإذا كانت محركات البحث على الإنترنت تمدنا بنبذة وافية عن حياة عزيز سانجار الأكاديمية وإسهاماته العلمية، فإنها لا تكاد تذكر اسم زوجته التي أمرته بالقمامة. لكن لم تشفع له عندها درجاتُه الأكاديميةُ المرموقة وإسهاماته العلمية العظيمة في أن تعفيه مِن نقل القمامة إلى خارج المنزل!

ومع ذلك لا بد أن يظل الرجل في عين الزوجة شخصاً وفياً مخلصاً ومطيعاً، حتى ولو كان عالماً عظيماً وشخصية في منتهى الأهمية. وهنا نتذكر الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلنتون حين خرج من بيته على الملأ عام 2015، وفي وجهه كدمة ووجنته حمراء، وذلك بعد علاقته مع مونيكا، قائلا إن ذلك حدث بسبب صفعة من زوجته هيلاري!

الرجال الكبار حين يحصلون على المناصب والحضور والحظوة، يتظاهرون بالبساطة حتى ولو على حساب سمعتهم، وذلك من شدة التواضع.. فبعد أن أصبح لديهم تشبع بالكبرياء والعظمة والتألق، يميلون للبحث عن شيءٍ ما ينقصهم! أما صغار النفوس فيتظاهرون بالكبرياء والعظمة، بحثاً عما ينقصهم وما يفتقرون إليه، لذا فهم يتظاهرون بالتعالي والكبرياء والغطرسة.. كما لو أنهم كبار مهما صغُر حجمهم! وكما قال ابو فراس الحمداني: وللناس فيما يعشقون مذاهب!

*كاتب سعودي