بعد مرور شهر على مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 28)، والذي عقد في دبي من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر 2023 وانتهى باتفاقية تنص على دق جرس الإنذار بشأن تفاقم مشكلة تغير المناخ والمحاذير البيئية الناجمة عنه، عقد في الفترة من 15 إلى 19 يناير الجاري المنتدى الاقتصادي العالمي في منتجع دافوس السويسري في تنبيه آخر للعالم بشأن الثقة في المجتمعات وبين الدول، وقد تم الاتفاق على أن يكون موضوع المنتدى لهذا العام هو «إعادة بناء الثقة» في عالمنا، تلك الثقة التي تراجعت بسبب التحولات العميقة التي يشهدها المجتمع الدولي، سواء أكانت تحولات جيوسياسية، أم جيواقتصادية، أم تحولات متعلقة بالمناخ والبيئة.
مؤتمر دافوس منصة يجتمع فيها القادة الاقتصاديون حول العالم، وذلك سعياً إلى إيجاد حلول للمشكلات التي تواجه دول العالم وشعوبه، وينظمه منتدى الاقتصاد العالمي منذ عام 1971 وحتى يومنا هذا كأكبر المؤتمرات الدولية من ناحية مستوى التمثيل من الدول والمؤسسات الاقتصادية والأفراد. وتم عقد مؤتمر المنتدى الاقتصادي العالمي هذا العام في منتجع دافوس السويسري، وقد شارك فيه أكثر من 60 رئيس دولة، ونحو 2800 من قادة السياسة والاقتصاد ورواد الأعمال العالميين والشخصيات العامة والناشطين الاجتماعيين البارزين على الساحة العالمية. وركز المنتدى في دورته هذه على أربع قضايا رئيسة: الصراع في غزة، والحرب الأوكرانية الروسية، وأزمة تغير المناخ المركَّبة بمضامينها الرهيبة على الأمن الغذائي والأمن الصحي والأمن الإنساني عامةً، كما تناول المنتدى الفوضى الناجمة عن سوء استخدام الذكاء الاصطناعي، وهو الملف الذي لقي اهتماماً وتشديداً بارزَين من قبل جميع المشاركين في المنتدى، إذ تم التباحث حوله تحت عنوان «الذكاء الاصطناعي قوة دافعة للاقتصاد والمجتمع»، وعقدت حوله نحو 30 جلسة من المناقشات على مدار خمسة أيام، في إشارة واضحة إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح الشغل الشاغلَ الذي يحتل صدارة اهتمامات العالم منذ ظهوره نهاية عام 2022.
وشاركت دولة الإمارات العربية المتحدة، من منطلق اضطلاعها بمسؤولياتها الاقتصادية والعالمية، في فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2024، وذلك من خلال منتدى أبوظبي للسلم الذي استعرض أمينه العام الشيخ المحفوظ بيه رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة لنشر ثقافة السلم والتسامح في العالم، ودورها الريادي في التنمية المستدامة، تجسيداً لانخراطه في المجلس التنفيذي لمبادرة مجلس الـ100، وهي مبادرة أطلقها المنتدى الاقتصادي العالمي، وتهدف إلى تعزيز الحوار ومقاربة المشتركات الإنسانية بين العالم الإسلامي والغرب. ودعا الوفد الإماراتي في منتدى أبوظبي إلى «عناق حضاري يضمن الأمن والاستقرار والازدهار التنموي والاقتصادي للجميع»، كما سلّط الضوءَ على دور المنتدى في تأسيس أول لجنة للذكاء الاصطناعي والمجتمع المدني، والتي تم إطلاقها في لندن في ديسمبر 2023، لفحص دور الأخلاق والحوْكمة في الذكاء الاصطناعي والذي تم إدراجه في تقرير المخاطر العالمية 2024 الصادر قبل انعقاد المنتدى وأكد على التهديدات المحتملة المتزايدة جراء استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لأغراضٍ ضارة وجرائم سيبرانية كالتلاعب بنتائج الانتخابات، والتوظيف العسكري لتقنيات الذكاء الاصطناعي، وانتشار المعلومات الكاذبة والحقائق البديلة، والحد من التعقيدات والاختراقات السيبرانية مستقبلاً.

*كاتبة سعودية