شاركت دولة الإمارات العالمَ، أمس الأربعاء، الاحتفاء باليوم العالمي للسياحة، الذي يوافق السابع والعشرين من سبتمبر من كل عام، وهو اليوم الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة من كل عام كمناسبة لزيادة الوعي بدور السياحة، كونها عُنصراً مُهماً في تواصل المُجتمع الدولي ودعم الاقتصادات الوطنية وتضامن الأسرة الدولية.

وتُظهر بيانات منظمة السياحة العالمية، أن دولة الإمارات استقبلت نحو 22.7 مليون زائر دولي خلال عام 2022، مقارنة بـ 11.5 مليون عام 2021، بنسبة نمو بلغت 97%، ومقابل 21.6 مليون زائر في عام 2019 «قبل جائحة (كوفيد-19)»، بنسبة نمو 5.1%، لتتخطى مستويات الذروة، قبل «الجائحة»، خلال عامين فقط.

ويعود هذا الانتعاش الكبير في قطاع السياحة إلى العديد من العوامل، منها إطلاق حكومة الإمارات في نوفمبر 2022 «الاستراتيجية الوطنية للتنمية السياحية 2031»، والتي تسعى إلى رفع مكانة الدولة كأفضل هوية سياحية حول العالم وتحقيق استدامة السياحة، من خلال توظيف تطبيقات التكنولوجيا المتقدّمة للمساهمة في خفض الانبعاثات الكربونية، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.

وفي الواقع، فإن قطاع السياحة في دولة الإمارات قد تمكَّن من تحقيق نمو هائل خلال السنوات القليلة الماضية، وأصبح أحد القطاعات الاقتصادية المهمة ومصدراً رئيسيّاً للدخل الوطني ولدخل كل إمارة على حِدة، وتؤكد الكثير من المؤشرات والإحصائيات أن هذا القطاع ينتظره المزيد من النمو والازدهار.

وهنا يمكن الإشارة إلى أن وكالة «فيتش سوليوشنز»، إحدى شركات «فيتش» للتصنيف الائتماني، توقَّعت تسجيل نمو إيجابي في إيرادات القطاع السياحي في الإمارات خلال عام 2023، يُقدَّر بـ 40.8 مليار دولار، وبنسبة نمو تصل إلى 10% مُقارنة بالعام الماضي.

كما استطاعت الدولة، عبر إماراتها السبع، تحقيق تنوُّع كبير في قطاعها السياحي، على نحو يجمع بين الحداثة والتاريخ، ما جعلها أيقونة سياحية عالمية، نظراً إلى تعدُّد صور هذه السياحة، كسياحة الأعمال والترفيه، والسياحة الثقافية والتراثية والبيئية والجبلية، فضلاً عن السياحة العلاجية.

وفيما يتعلّق بالسياحة العلاجية، التي باتت تحظى باهتمام كبير من الدول السياحية الكبرى حول العالم، تشير الإحصائيّات إلى أن دبي شهِدت إقبالاً كبيراً من السياح الصحيّين وضمن مختلف التخصصات الطبية خلال عام 2022، إذ استقبلت أكثر من 674 ألف سائح صحي من مختلف قارّات العالم خلال العام الماضي، أنفقوا 992 مليون درهم، ما يؤشر إلى مستقبل واعد لهذا النوع من السياحة في دولة الإمارات.

وتعتمد جاذبية الإمارات في مجال السياحة العلاجية على جودة الخدمات التي تُقدّمها شبكة واسعة من المؤسسات الطبية الكبرى الحاصلة على «شهادة الاعتماد الدولي JCI»، وتنافسية أسعار هذه الخدمات، وقِصَر فترة الحصول عليها، إلى جانب الإمكانات السياحية الكبيرة التي تلائم المرضى وعائلاتهم، والبيئة الآمنة المتسامحة المتعدّدة الثقافات، ما يمنح تجربة العلاج في دولة الإمارات ميزات إضافية.

لقد استطاعت دولة الإمارات، ومن خلال الرؤية الثاقبة لقيادتنا الرشيدة، تحقيق نجاحات كبيرة في مجال تنويع الاقتصاد الوطني، عبر تعزيز مساهمة القطاعات غير النفطية، وفي مقدّمتها قطاع السياحة، الأمر الذي يؤكد نجاح الخطط والاستراتيجيات التي اتُّبعت لتعزيز دور ذلك القطاع، الذي سيقوم خلال المرحلة المُقبلة بدور أكبر في تعزيز عملية التنمية الشاملة والمستدامة التي تشهدها الدولة.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.