زهرة اللوتس التي اختارتها الهند في شعارها لمجموعة العشرين، لترمز إلى الأمل في الأوقات الصعبة، هي أيضاً شعار حزب «بهاراتيا جاناتا» الحاكم، بزعامة ناريندرا مودي، الذي يبدو أنه يستعد لتحقيق فوز بولاية ثالثة في الانتخابات الوطنية المقرر عقدها في مطلع 2024، معولاً على إنجازات نوعية حققها خلال ولايتين متتاليتين على الصعيدين المحلي والدولي، ويأتي الإنجاز الدبلوماسي الأخير والمهم المتمثل باستضافة الهند لمجموعة العشرين ليعزز من شعبية الحكومة في الداخل، إذ حرص الحزب على أن تكون هناك مشاركة مجتمعية واسعة في الحدث، من خلال الأنشطة والفعاليات التي تستهدف توعية جميع فئات المجتمع بأهمية رئاسة الهند للمجموعة، واستعراض الإسهامات الدولية الناجحة التي تديرها الحكومة، وأكد رئيس الوزراء مودي في حوار إذاعي، أن «شهر سبتمبر سيشهد إمكانات الهند».

ولا شك في أن رئاسة الهند للمجموعة تأتي تتويجاً لإنجازات ومكتسبات متواترة، ففي إطار تعهُّد الحزب بجعل الهند دولة متقدمة في غضون 2047، حققت نيوديلهي قفزات نوعية في مجالات التكنولوجيا الرقمية، والطاقة، والدفاع، والقطاعات اللوجستية، وعلوم الفضاء، منتهجة سياسات تدعم الإنتاج المحلي، وتمكنت الهند من تسجيل رقم قياسي للبلاد، إذ وصلت قيمة الاستثمارات الأجنبية خلال السنة المالية 2021 - 2022 إلى 85 مليار دولار، بزيادة قدرها 60 في المئة عن عام 2019.

وكشف استطلاع للرأي أجرته مجلة «India Today» مؤخراً أن شعبية رئيس الوزراء مودي لم تتراجع، وأن 52% من المشاركين يؤيدون فوزه بولاية ثالثة.

وعلى الصعيد الدولي شهدت السياسة الخارجية للهند خطوات كبيرة في عهد مودي، مكنتها من أن تصبح قوة جيوسياسية في الساحة الدولية، وهيأت التحديات التي تمر بها سلاسل التوريد العالمية الفرصةَ لبروز نيوديلهي كحليف يمكن التعويل عليه، فكانت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حريصة على تعزيز شراكتها الاقتصادية والتكنولوجية مع الدولة صاحبة الاقتصاد الأسرع نموًا، وجعلتها في صميم طموحاتها لتعزيز سلاسل التوريد العالمية، فضلاً عن انخراط نيوديلهي الفاعل في مختلف الشراكات الأمنية المتعددة الأطراف، كتحالف «كواد» الرباعي، وأثبتت أنها حليف أمني مهم في منطقة المحيطين الهندي والهادئ – الإندوبيسيفك الحيوية.

ويبدو أن رئاسة الهند لمجموعة العشرين ليست أقل استثنائية من الإنجازات التي حققها الحزب الحاكم، فقد حرصت الهند على أن تكون جسراً للتعاون بين دول الجنوب العالمي والغرب، وأن تجعل الاهتمامات الرئيسية لتلك البلدان أولوية، وتسعى إلى وضعها بين المبادرات النوعية في مختلف المجالات مثل تحولات الطاقة والعمل المناخي، ويمكن النظر إلى مجموعة العشرين هذا العام على أنها «قمة خضراء»، تسعى إلى تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.

وبينما قد يكون نجاح نيوديلهي برئاسة مجموعة العشرين مرهوناً نسبياً بقدرة المجموعة على إصدار بيان مشترك على الصعيد الدولي، فإنها حققت على الصعيد الداخلي نجاحاً دبلوماسياً غير مسبوق، وزهرة اللوتس التي تمثل شعار الحزب الحاكم وتزين شوارع الهند احتفالاً باستضافة قمة العشرين ستكون شعاراً تحمله بطاقات الاقتراع للانتخابات القادمة.

*باحث رئيسي- مركز تريندز للبحوث والاستشارات