تُعَدُّ دولة الإمارات العربية المتحدة -منذ تأسيسها في عام 1971- من الدول الرائدة في دعم دور المرأة في العملَين الأمني والسياسي، ولم يفرِّق دستورها بين مشاركة المرأة والرجل في جميع الميادين، فانخرطت المرأة باكرًا في المؤسسات الأمنية والحكومية، وحصلت على الدعم، والتأهيل العلمي المتناسب مع تطور بناء الدولة.

وتبنَّت دولة الإمارات أجندة وطنية تُعنى بدور المرأة في قضايا الأمن والسلام الدوليَّين منذ عام 2016، وعكفت الجهات المسؤولة فيها، برعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية (أم الإمارات)، على وضع الخطط والبرامج التي تدعم هذا التوجُّه، وكُلِّلت هذه الجهود بتحقيق عدد من البرامج والإنجازات في المحافل المحلية والإقليمية والدولية.

واستضافت دولة الإمارات، في عام 2017، قمة المرأة «الأمن والسلام» تحت عنوان «أبعاد التوازن بين الجنسين في مجال الأمن والسلام.. مفاتيح الازدهار»، ثم تلاها عدد من المؤتمرات السنوية، كان آخرها المؤتمر الدولي للمرأة والسلام والأمن، المنعقد العام الماضي لاستعراض الإنجازات والتحديات ذات الصلة بقرار مجلس الأمن رقم 1325، الذي أكَّد المشاركة المتساوية للمرأة، وانخراطها الكامل في الجهود المبذولة لحفظ الأمن والسلم الدوليَّين، وأُعلِن في إثره عدد من البرامج التي تدعم المرأة في العمل الأمني والعسكري لحفظ السلام.

وتأكيدًا لالتزام دولة الإمارات العربية المتحدة العملَ الدولي المشترك، فقد استضافت مكتب اتصال هيئة الأمم المتحدة للمرأة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي ينفِّذ عددًا من المشروعات المساندة لعمل المرأة في مجال الأمن والسلم الدوليَّين، ودورها في التنمية المستدامة التي تدعم عمليات الاستقرار والتهدئة في مناطق الصراع. وتكمُن أهمية هذا الدعم فيما تمثله المرأة من عامل ضمان للأمن والاستقرار، ودفع العمليات التنموية النابعة من العمق الاجتماعي للشعوب.

ولطالما شاركت المرأة الإماراتية -بتوجيه من قياداتها- في العديد من المبادرات الإنسانية حول العالم، والمستشفيات الميدانية، وتقديم الدعم الإنساني في أماكن النزاع المسلح، عن طريق فِرق قوات حفظ السلام، ومؤسسات العمل الإنساني. وتُعَدُّ التنمية المستدامة من أهم عوامل الاستقرار والسلم الدوليَّين، فلطالما كان نقص الموارد سببًا بتفاقم التوتر الدولي، ولذلك دعمت دولة الإمارات سياسات الاستدامة، وتبنَّت مشروعات تعزز الأمنَين الغذائي والبيئي، وكان دور المرأة سبَّاقًا في هذا الميدان، ودعمت دولة الإمارات البرامج التي توفر فرصًا لمشروعات وأعمال صغيرة تقودها المرأة، وتمثل -عادةً- عامل استقرار وتهدئة.

وستستضيف دولة الإمارات العربية المتحدة، من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر المقبلَين، قمة المناخ العالمية (COP28)، التي ستناقش أهم القضايا الدولية، والتحديات التي تواجهها البشرية، وذلك بهدف إيجاد بيئة مناسبة لحفظ الموارد، وتأمين الحياة الكريمة للشعوب، إذ يُعد التغير المناخي أحد أهم تحديات توفير الأمن الغذائي، ويؤثر في صحة الأفراد واستقرارهم، وتسعى الجهود الدولية إلى إيجاد حلول وبرامج تخفف من حدَّة تأثير هذه العوامل في الإنسان حول العالم.

وفي هذا السياق تتبنَّى دولة الإمارات سياسة مهمة لتعزيز الاستدامة البيئية، والبرامج المساندة للمرأة، ومن أهمها دعم الصناعات الصغيرة والحرفية الصديقة للبيئة، وتعليم المرأة، وتقديم الرعاية الصحية إليها في عدد من مناطق الصراع حول العالم، إذ تُعَدُّ المرأة نواة المجتمع، والداعمة لبقاء نسيجه الاجتماعي المتماسك، ويُتوقع أن تؤدي دورًا مهمًّا بمشاركتها في المؤتمر، والبرامج المقرر طرحها لدعم دورها المستقبلي في الاستدامة وحفظ الأمن والسلم الدوليَّين.

الشيخة/ نجلاء محمد القاسمي* 

*سفيرة سابقة

رئيسة إدارة الشؤون الدولية في مركز دبي للسياسة العامة (بحوث)