مع قرب انعقاد «المؤتمر العالمي للاستيعاب الشرعي للمستجدات العلمية» في أبوظبي، تبرُز الزراعة الخلوية بصفتها أحد الموضوعات المهمة المطروحة للنقاش، فهي تقنية قائمة على خلايا تُنتج لحومًا مستنبتة في مفاعل حيوي، وتؤخذ الخلايا من أنسجة العضلات أو الأجنة. وقد كان أول تسويق لهذا النوع من المنتجات في عام 2020 في سنغافورة، ويُتوقع وصولها إلى الأسواق قريبًا لتغذي دول العالم الثالث.

وارتبط الاستهلاك المفرط للحوم الحمراء والمعالجة بآثار صحية عديدة، مثل أمراض القلب، والسكري، والسمنة، والسرطان، كما يُعتقد أن المنتجات الحيوانية تستخدم 83 في المئة من الأراضي الزراعية عالميًّا، وتسفر عن نسبة كبيرة من الانبعاثات.

ويسهم التوجه نحو اللحوم المستزرعة في حلول الاستدامة البيئية، ومعالجة مسائل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتلوث الهواء، واستنزاف الأراضي والمياه، وقد يقلّل من تكاليف النقل، والتبريد، ونفايات الإنتاج، وقد يزيد من مدة صلاحية هذه المنتجات، ويخفّض أخطار ظهور الأمراض المعدية المرتبطة بإنتاج الأغذية وتخزينها واستهلاكها، ما سيؤثر إيجابًا في الأمن الغذائي العالمي، لأن عملية الإنتاج ستكون في ظروف أكثر تعقيمًا، الأمر الذي يسهم في القضاء على التلوث بمسببات الأمراض، ويضع حدًّا للمزاعم الأخلاقية باستغلال الحيوانات وذبحها، إذ يُقدَّر بأن أكثر من 70 مليارًا من حيوانات المزارع تُربّى في أقفاص معزولة عن الهواء الطلق.

لكن ثمة اعتراضات عديدة بشأن تكلفة إنتاج اللحوم المستزرعة، وعدم فاعليتها من حيث استخدام الموارد والطاقة في تشغيل المفاعل الحيوي، وإنتاج مكونات وسط النمو، ومراقبة أعمال المنتجين الزراعيين، ومراقبة رفاهية الحيوانات، والتحفظات القوية على السلوك الغذائي المتأصلة في تناول اللحم الطبيعي.

وفي هذا السياق تُشير منظمة الفاو إلى زيادة بنسبة 76 في المئة بكمية اللحوم المستهلكة بحلول عام 2050، ما يمثل مشكلة خطِرة للبيئة والأمن الغذائي مستقبلًا، فضلًا عن المخاوف وردِّ الفعل المجتمعي بشأن قبول طعم اللحوم المستزرعة، وملمسها ومظهرها وأهليتها الصحية، والتصورات الأخلاقية عنها. كما يرى باحثون أن المزاعم بشأن اللحوم المستزرعة، من حيث أنها تضمن انبعاثات أقل بنسبة 78-96 في المئة من غازات الدفيئة، واستخداماً أقل للأراضي بنسبة 99 في المئة، وللمياه بنسبة 82-96 في المئة، هي افتراضات لا أكثر، لأنها قد تأتي على حساب الاستخدام المكثف للطاقة، في التنظيف بالبخار، وأوساط النمو، وتصميم المفاعلات الحيوية.

كما أن انبعاثات اللحوم المستزرعة تتكون كاملةً من ثاني أكسيد الكربون الناتج من توليد الطاقة، الذي يظل في الغلاف الجوي مدة أطول من الميثان، أو أكسيد النيتروز المنبعث من إنتاج اللحوم التقليدي، وقد تؤدي إلى أضرار مناخية أكثر من أضرار لحوم البقر على المدى الطويل، وقد تولّد تركيزات عالية. ومن ناحية دينية لا توجد فتوى إسلامية واضحة وقطعية بشأن استهلاك اللحوم المستزرعة، فقد لا يعدُّ استهلاكها حلالًا، إلا إذا أُخذت الخلايا الأصلية من حيوان مذبوح على الطريقة الإسلامية، كما أن عملية الاستزراع تختلف تمامًا عن النمو التقليدي للحوم.