في كل الأزمات السياسية أو الاقتصادية أو الإنسانية أو الطبيعية أو الأمنية.. تثبت دول الخليج العربي أن الإنسان هو هدفها الأول والأخير وغايتها الأسمى، وأن الحفاظ على الكرامة الإنسانية هو نهجها وموجِّه بوصلة مواقفها، بغض النظر عن أي اعتبارات دينة أو عرقية أو ثقافية.
وكلما مرت دول أجنبية أو عربية أو إسلامية أو غيرها بمحنة تهدد مصير الإنسان فيها، كانت دول الخليج العربية أول من يبادر لنجدتها ومساعدتها ونصرتها، إذ تهب مسرعةً لمد جسور المساعدات الطبية والقوافل الإنسانية، حاملةً الأدويةَ والمساعدات الغذائية والأغطية والخيم والملابس والمبالغ النقدية.. لدعم المتضررين في هذه الدولة أو تلك بعيداً عن أي أهداف سياسية.
لقد عملتُ مع المنظمة العربية للهلال والصليب الأحمر متطوعاً لعدة أعوام، حيث وقفتُ على الأعمال الإنسانية المقدَّمة من الدول الخليجية بسخاء لصالح كثير من المتضررين جراء الكوارث الطبيعية وغيرها، وكنتُ مشاركاً في توزيع المساعدات على مخيمات اللاجئين في الدول العربية وغير العربية، ولمستُ الدور الإنساني المهم لجمعيات الهلال الأحمر الخليجية، ورأيت الحجم الهائل لما تقدمه من مساعدات، ومستوى كوادرها الطبية العاملة هناك في مخيمات اللاجئين بكل كفاءة وفخر واعتزاز.. حتى إن أحد المواطنين العرب قال لي: نحن نتوسل داخل دولنا كي ترسلنا إلى مخيمات اللاجئين الواقعة ضمن نشاط هيئاتكم، حتى نحظى بعلاج مجاني متطور وعناية طبية فائقة. ثم يسترسل قائلا: نقوم بالمستحيل لكي ندخل مخيمَ اللاجئين، حيث نفحص في المركز الصحي المعَد حديثاً والمجهز بأفضل المعدات الطبية، سواء في مركز الهلال الأحمر السعودي أو مركز الهلال الأحمر الإماراتي، لكي نحظى برعاية طبية كاملة وسريعة ومجانية.
وقد ذهبتُ شخصياً إلى أبعد بقعة في منطقة غير عربية معزولة، وفيها مخيم للاجئين هناك، في مكان يصعب الوصول إليه، لعزلته ووعورة طرقه، ووجدت في المخيم لافتةً مكتوب عليها «مقر الهلال الأحمر الإماراتي»، وصورتُها بكاميرا هاتفي، فشعرت بالفخر والاعتزاز بهذه المبادرة الإنسانية الرائعة، وشدني الفضول كي أسأل صاحب المركبة الذي يقلني إلى المخيم: ماذا يفعل الهلال الأحمر الإماراتي هنا؟ وكيف وصل إلى هذه المنطقة المعزولة النائية؟ فقال: كل هذه المباني التي ترى هنا أقيمت للعائلات التي تسكنها بدعم وإنشاء وجهود خالصة من الهلال الأحمر الإماراتي، أما الخيم التي تراها هناك فهي أيضاً أفضل من بيوتنا، لأنها مضادة للحريق والثلج والبرد، وتسمح بخاصية الإغلاق المحكم.. ولولا هذه الخيام والبيوت المشيدة منذ عدة أعوام لكانت هذه العوائل قد هلكت من البرد والمطر والثلج في هذا المكان المعزول.
وبعد ذلك المشهد الإنساني المتفرد، أردت أن أسجل إعجابي بالأعمال الإنسانية الجليلة التي تقوم بها دولنا الخليجية لصالح المتضررين والمحتاجين والمنكوبين في كل مكان، والتي تكلف ملايين الدولارات، بما في ذلك إقامة المخيمات المجهزة والمراكز الصحية الكاملة وتقديم المساعدات الإنسانية على اختلافها لصالح المهجرين واللاجئين.
إنها أعمال إنسانية جليلة ونبيلة تخدم الإنسان وتحميه من الموت والهلاك، تحركها دوافع الأخوّة الإنسانية، ولا شيء آخر غيرها، من أجل صون حياة الإنسان وسعادته!

*كاتب سعودي