تُعدّ القارة الأفريقية إحدى الوِجهات الرئيسية للاستثمارات الخارجية الإماراتية، وقد تصاعد حجم هذه الاستثمارات بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، في ظل حرص الدولة على تنويع خيارات استثماراتها الخارجية ودعم علاقاتها الاقتصادية مع الدول الأفريقية، وهو ما تؤكده دراسات وإحصائيات وتقارير موثوقٌ بها.
وفي هذا السياق، أكد موقع «ذا أفريكان»، أن استثمارات الإمارات في أفريقيا بلغت نحو 59.4 مليار دولار في الفترة بين عامَي 2012 و2022، لتصبح أكبر مصدَر للاستثمار الأجنبي المباشر في أفريقيا بين دول مجلس التعاون الخليجي، ورابع أكبر مستثمر عالميّ في أفريقيا بعد كلٍّ من الصين وأوروبا والولايات المتحدة، وذلك وفقًا لـ White & Case، وهي شركة محاماة عالمية مقرّها نيويورك تخدم الشركات والحكومات والمؤسسات المالية. وينصبّ تركيز الاستثمارات الإماراتية على القطاعات ذات النمو المرتفع في القارة السمراء، مثل البنية التحتية والطاقة والنَّقل والخدمات اللوجستية والتكنولوجيا.
ويشار إلى أنه خلال الفترة المذكورة بلغت تدفّقات الاستثمار الأجنبي المباشر من دول مجلس التعاون الخليجي (الإمارات والبحرين والكويت وعُمان والمملكة العربية السعودية) إلى أفريقيا وفقاً للمصدَر نفسه نحو 101.9 مليار دولار توزّعت على 628 مشروعاً، بينما بلغ الاستثمار من أفريقيا إلى دول مجلس التعاون الخليجي 3 مليارات دولار في 141 مشروعاً.
وفي الواقع، فإن ثمّة عوامل جعلت من أفريقيا وِجهة جاذبة للاستثمارات الإماراتية، يتمثل أولها في تمتّع القارة السمراء بالعديد من الثروات الطبيعية غير المستغلَّة وامتلاكها العديد من المقومات والفرص الاستثمارية الواعدة، وثانيها نجاح دولة الإمارات في تطوير العلاقات مع كثير من الدول الأفريقية، وتأسيس شراكات قوية معها في مختلف القطاعات، وتوقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية التي تُحقق الأهداف المشتركة للجانبين، فضلاً عن تمتّع الإمارات بموقع جغرافي استراتيجي، جعلها تشكل ممرّاً للصادرات والواردات الأفريقية من وإلى العديد من دول العالم، وثالثها جاذبية القارة الأفريقية كسوق للسلع يبلغ عدد سكانه نحو 1.2 مليار نسمة، وبناتج إجمالي يتجاوز 3.4 تريليون دولار، يمثل 3% من الناتج الإجمالي العالمي.
ويقوم مجلس الإمارات للمستثمرين في الخارج، في ظل توجهات المؤسسات المعنية، بدور حيوي لمدّ جسور التعاون مع الدول الأفريقية، من أجل تعزيز العلاقات الاقتصادية الإماراتية-الأفريقية، من خلال استكشاف الفرص المتاحة، وعوامل القوة الجاذبة في أسواق دول أفريقيا.
وممّا لا شك فيه أن هذا التوجّه الإماراتي لتعزيز علاقات التعاون الاقتصادي مع دول القارة الأفريقية يصبُّ في سبيل دعم اقتصادات القارة السمراء التي تعاني كثيرٌ من دولها مشكلات معقدة، أبرزها مشكلتا الفقر والبطالة، على الرغم من ثرائها بالموارد الطبيعية التي يجب توظيفها بشكل جيد، لوضع القارة على الطريق الصحيح لإحداث نهضة تنموية تكفَل العيش الكريم لأبناء أفريقيا، وتضعها في المكانة اللائقة بها على خريطة العالم الحديث.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية