لعقود من الزمان، كانت المناقشات التي تتعلق بما إذا كان ينبغي قبول أوكرانيا في حلف «الناتو» تدور حول المخاطر - بالنسبة لكل من أوكرانيا والدول الأعضاء - المتمثلة في انضمام أوكرانيا إلى الحلف. وفي صميم هذه المخاطر، كان هناك مخاوف طاغية من أن عضوية أوكرانيا قد تضع روسيا في وضع صعب، مما يدفعها إلى التصعيد.

وقد أعيد إحياء مسألة عضوية أوكرانيا المحتملة في «الناتو» مرة أخرى مع اقتراب انعقاد قمة الكتلة في فيلنيوس، ليتوانيا، هذا الأسبوع، حيث أعلنت أوكرانيا للزعماء المجتمعين هناك عن طموحها للحصول على دعوة سياسية للانضمام.

لكي نكون واضحين، أوكرانيا لا تطلب عضوية فورية في «الناتو». فالرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، يدرك الآن أنه يجب أن ينضم بعد انتهاء الحرب، ولا يريد جر أعضاء «الناتو» إلى حرب بلاده مع روسيا من خلال التذرع بالمادة الخامسة من معاهدة شمال الأطلسي.

ما تريده أوكرانيا هو دعوة سياسية من شأنها إنهاء ما يسمى ب «الغموض الاستراتيجي» السائد منذ قمة «الناتو» لعام 2008 في بوخارست، رومانيا، حيث قرر الحلف أن أوكرانيا يجب أن تصبح عضواً في نهاية الأمر، لكنه لم يقدم مساراً واضحاً للقيام بذلك. ومن خلال منح أوكرانيا هدفاً، ولكن من دون مسار لتحقيق هذا الهدف، ترك «الناتو» الأمة معرضة للخطر بشكل فريد، وفتح في النهاية الباب أمام توترات جديدة. الآن، كما في السنوات السابقة، عاد القلق بشأن المخاطر المصاحبة لدعوة أوكرانيا للانضمام إلى «الناتو» مرة أخرى. وهو، مرة أخرى، يركز على خطر زيادة استفزاز روسيا.

وأي تفكير في إبقاء أوكرانيا خارج «الناتو» لمنع المزيد من الحرب لا معنى له. فما هي إذن مخاطر عدم دعوة أوكرانيا للانضمام إلى «الناتو»؟

أي شيء باستثناء توجيه الدعوة السياسية لأوكرانيا لحضور اجتماع فيلنيوس سينظر إليه روسيا بالتأكيد على أنها يسمح بالاحتفاظ بحق النقض «الفيتو» بحكم الأمر الواقع على عملية توسيع «الناتو».

 لا يوجد تأمين أفضل لأوكرانيا من ضمان عضوية مستقبلية في «الناتو». علاوة على ذلك، فإن تأخير القرار سيكون له تأثير سلبي على التحولات الديمقراطية الجارية داخل أوكرانيا.

في حين أن أوكرانيا مطالبة بإجراء بعض الإصلاحات كجزء من انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، مثل تعزيز إجراءاتها القضائية ومكافحة الفساد، فإن إصلاحات أخرى، مثل نقل الجيش الأوكراني تحت السيطرة المدنية، من المرجح أن تنجح إذا تم تضمينها كشرط مسبق للانضمام إلى «الناتو».

إذا توقفت هذه العملية، فقد يواجه «الناتو» حقيقة وجود جيش قوامه مليون جندي يعمل إلى أجل غير مسمى خارج السيطرة المدنية الديمقراطية الكاملة. يجب أن يكون الجيش، الذي يبرز كواحد من أقوى الجيوش في القارة الأوروبية والجيش الوحيد الذي يتمتع بخبرة قتالية حديثة، جزءا من هيكل الأمن الجماعي، وليس العمل بمفرده.

وأخيرا، إذا فشل أعضاء «الناتو» في التحرك هذا الأسبوع بشأن أوكرانيا، فسيفقد التحالف مصداقيته في أعين الأوكرانيين والملايين من المقيمين في الدول الأعضاء في «الناتو» الذين يدعمون دعوة أوكرانيا للانضمام.

وفقاً لاستطلاع حديث للرأي، فإن 70% من الأميركيين و56% من الفرنسيين و55% من المواطنين الهولنديين الذين عبروا عن آرائهم حول عضوية أوكرانيا في «الناتو» يؤيدون فكرة دعوة أوكرانيا لحضور اجتماع «الناتو» في فيلنيوس هذا الأسبوع، حتى لو كان بعضهم يفضل أن يحدث الانضمام الفعلي بعد الحرب.

الحفاظ على الوضع الراهن سيرسل إشارة خاطئة لأمهات الفتيان المراهقين في أوكرانيا، اللاتي تخافن من الاضطرار إلى إرسال أبنائهن إلى سلسلة من النزاعات التي لا تنتهي. وسيثبط عزيمة الجنود الأوكرانيين الذين يقاتلون بالفعل في ظروف صعبة للغاية.

وسيخيف المستثمرين الذين قد يكونون مهتمين بالمشاركة في إعادة إعمار أوكرانيا بعد الحرب. وسيثبط عزيمة ملايين اللاجئين الأوكرانيين الذين يعتبرون الالتزام بعضوية أوكرانيا المستقبلية هو الشرط المسبق الوحيد القوي لهم للنظر في العودة إلى ديارهم. قد يقول بعض قادة «الناتو» المترددين إنه ليس لديهم أي شيء ضد دعوة أوكرانيا إلى الحلف بشكل عام، لكن التوقيت ليس مناسبا.

لكن هل هناك توقيت مثالي؟ العام المقبل مثلاً، في قمة «الناتو» بواشنطن بينما تكون الولايات المتحدة في خضم حملة رئاسية؟ يبدو أن هذا مشكوك فيه. لن ينتهي طلب أوكرانيا للحصول على عضوية «الناتو». ستطرق أوكرانيا باب «الناتو» مراراً وتكراراً لتذكير العواصم الغربية بأن خوفها من التصعيد هو الذي أدى إلى أكبر حرب في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

أليونا جتمانتشوك*

*زميلة بارزة غير مقيمة في مركز أوراسيا التابع للمجلس الأطلسي.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»