تُولي دولة الإمارات استشراف المستقبل أهمية كبيرة لتعظيم الفرص التي يوفرها، ووضع استراتيجيات مسبقة للتعامل مع التحدّيات التي ينطوي عليها؛ بهدف تحويلها إلى فرص لتعزيز عملية التنمية والارتقاء بجودة الحياة، وهذا هو النهج الثابت للدولة منذ تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه. 
وتحرص دولة الإمارات على توظيف أحدث ما تُنتجه التكنولوجيا الحديثة لتعميق عملية التنمية وفتح آفاق جديدة لها، ولذلك فقد كانت سبّاقة في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، ومن أبرز مؤشرات ذلك إطلاقها ﻣﺒﺎدرة اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺬﻛﻴﺔ عام 2013، وتأسيس «ﺳﻴﻠﻴﻜﻮن ﺑﺎرك» بصفتها أول مدينة ذﻛﻴﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ عام 2014. وفي عام 2015 أﻛﻤﻠﺖ اﻹﻣﺎرات اﻟﺘﺤﻮل اﻟﺬﻛﻲ ﻟﻠﺨﺪﻣﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ 100%، وكان التطور الأكبر عام 2017 مع إطلاق «استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي». 
وفي ظِلّ الاهتمام المتواصل بالذكاء الاصطناعي وتعظيم فرص تطويره ليسهم بشكل متقدّم في تعزيز عملية التنمية المستدامة التي تشهدها الدولة في ظِلّ القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، نظّم مكتب الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، بالتعاون مع منتدى الأعمال العالمية المستدامة، أمس الخميس، «منتدى قيادة المستقبل» الذي جمع المسؤولين الحكوميّين وصنّاع القرار وقادة القطاع الخاص ورواد التكنولوجيا، في منصّة لتبادل الرؤى الهادفة لتصميم المستقبل المستدام للتكنولوجيا. 
وقد ركّز المنتدى، الذي عُقد في «متحف المستقبل»، بشكل خاص على التحول الرقمي والتجارة في الاقتصاد العالمي الجديد، وأثرى مناقشاتِه مشاركةُ متخصّصين وخبراء من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، وعددٍ من قادة الشركات العالمية، مثل «مايكروسوفت» و«ديل». وشهد المنتدى حدَثًا مهمًّا تَمثّل في عقْد اجتماع لرؤساء الاتحادات العالمية لإعادة التدوير في أوروبا والولايات المتحدة، لإطلاق مبادرة الاقتصاد الدائري والاستدامة العالمية الأولى من نوعها، التي تهدف إلى تمكين التجارة العالمية للمواد القابلة لإعادة التدوير والتي تبلغ 1.3 تريليون دولار؛ ما يوفر أكثر من مليار طنّ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون كلّ عام.
وأكد المنتدى مرة أخرى أن الاهتمام الكبير بقضايا الذكاء الاصطناعي في دولة الإمارات يكتسب أهمية إضافية؛ في ظِلّ عاملين أساسيّين: أولهما، أنه عُقِد في ظِلّ عام الاستدامة 2023، تجسيدًا لاهتمام الدولة البالغ بالاستدامة كأولوية وطنية كبرى، والذي سيشهد الكثير من المبادرات والفعاليات التي تسلّط الضوء على تراث دولة الإمارات الغنيّ بالممارسات المستدامة، وثانيهما أنه يُعقد بالتزامن مع استعدادات الدولة المكثّفة لاستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ «كوب 28»، والذي يُعدّ فرصةً لتبادل وتكريس ممارسات جديدة لتحسين حياة المجتمعات في مواجهة تغير المناخ. 

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية