جددت عمليات إطلاق النار الجماعية الأخيرة دعوات الرئيس بايدن لفرض حظر وطني على الأسلحة الهجومية.. وهذا أمر معقول للغاية. لكن حتى بالنسبة لأكثر المدافعين المتحمسين لمكافحة الأسلحة، من الصعب عدم التساؤل عما إذا كانت القيود المفروضة على شراء الأسلحة الجديدة، في دولة لديها ما يقدر بنحو 400 مليون سلاح ناري، لن تحقق غايتها من دون بذل المزيد من الجهود. وسط المد المتصاعد للأسلحة النارية، يتطلب الحد من الوفيات والإصابات التي تسببها هذه الأسلحة حلولاً جديدةً.

وفي سان خوسيه، بولاية كاليفورنيا، حيث أشغلُ منصبَ العمدة، شرعنا في نهجين لم يخضعا للتجربة في أي مدينة أو ولاية أخرى، إذ نفرض رسوماً سنوية على السكان الذين يمتلكون أسلحة ونستثمر الإيرادات في جهود منع العنف. وفي الأول من يناير، ستبدأ المدينة في مطالبة مالكي الأسلحة بحمل تأمين ضد المسؤولية لتعويض الضحايا المتضررين من الاستخدام المتهور لسلاح ناري.

وتعكس هذه المبادرات إدراكنا بأنه لا يمكننا جعل 400 مليون بندقية تذهب بعيداً، لكن يمكننا أن نجعل ملكية السلاح أكثر أماناً. وأدت الزيادة الأخيرة في مبيعات الأسلحة خلال حقبة الوباء، وتدفق «البنادق الشبح» - المصنوعة بشكل خاص والتي لا يمكن تعقبها - وقرار المحكمة العليا في يونيو بإلغاء قانون نيويورك الذي وضع قيوداً صارمة على حمل السلاح خارج المنزل إلى تفاقم التحديات لإبعاد البنادق عن الأيدي التي تستخدمها بشكل يمثل خطورة. يمكننا أن نجعل بعضَ هذه الأيدي أقل خطورةً.

في سان خوسيه، التي تعد عاشر أكبر مدينة في البلاد، حيث يبلغ عدد ضحايا نيران الرصاص أكثر من 200 شخص كل عام، ما بين قتيل وجريح. ليس كل هذا الضرر ناتجاً عن أفعال المجرمين، بل خلال فترة السنوات الست الأخيرة نتجت نسبة 42% من الوفيات والإصابات بأسلحة في سان خوسيه عن إطلاق نار غير مقصود أو إطلاق نار لم تكن ظروفه معروفة، في حين شكّلت محاولات الانتحار بالأسلحة نسبة 15% من مجموع حالات استخدام السلاح.

ويفرض الانتحارُ حصيلةً أكثر فتكاً على المستوى الوطني، حيث يمثل 54% من جميع وفيات الأسلحة النارية، في حين أن الكثير من تلك المعاناة يمكن منعها. وأظهرت العديد من الدراسات أن مجرد وجود مسدس في المنزل يجعل مجموعةً من الظروف الخطرة أكثر فتكاً. وتتعرض ضحية العنف الأسري لخطر الموت بنحو خمسة أضعاف إذا تمكن المعتدي من الوصول إلى بندقية، على سبيل المثال، في حين أن الوصول إلى سلاح ناري يزيد من احتمالات الانتحار بأكثر من ثلاثة أضعاف. ويمكن للتدخلات، مثل استشارات الصحة العقلية ودروس سلامة السلاح والتوعية بخطر العنف المنزلي، أن تقلل من حالات الانتحار وتمنع بعض المخاطر الأخرى الناجمة عن حيازة السلاح الناري.

لذا، يجب أن نوفر تلك الخدمات، حيث يمكن أن يكون لنا أكبر تأثير في الحد من الضرر المرتبط بالبنادق، على أولئك الذين يعيشون في منازل بها بنادق. ولهذا السبب، ابتداءً من العام المقبل، ستطلب سان خوسيه من مالكي الأسلحة دفع رسوم سنوية (لم تُحدَّد بعد) ستستثمرها مؤسسة غير ربحية في برامج الوقاية من العنف القائمة على الأدلة والموجهة إلى العائلات المالكة للسلاح.

لن توقف هذه السياسة بطريقة سحرية عمليات إطلاق النار الجماعية أو الانتحار، لكنها ستوفر فرصةً أفضل للحصول على المساعدة للبالغين والمراهقين المضطربين قبل التفكير في استخدام أسلحتهم.

سيعالج تفويضنا الخاص بالتأمين على الأسلحة جانباً من جوانب ضرر السلاح: إطلاق النار غير المتعمد، الذي يقتل نحو 500 أميركي سنوياً ويرسل حوالي 26.000 آخرين إلى غرف الطوارئ بالمستشفيات، العديد منهم أطفال. ويمكن لشركات التأمين استخدام أقساط التأمين لتشجيع السلوك الأكثر أماناً من خلال تزويد حاملي وثائق التأمين الحاصلين على الأسلحة بحوافز مالية لأخذ دروس في سلامة الأسلحة وتخزين أسلحتهم النارية في وضع الأمان. ويمكن أن تنقذ هذه الخطوات العديد من الأرواح في بلد يعيش فيه 4.6 مليون طفل في منازل تحتوي على بنادق معبأة بالذخيرة وغير مغلقة. ويمكن لمعظم السكان المالكين للأسلحة الامتثالَ لتفويض التأمين بتكلفة إضافية قليلة أو من دون تكلفة إضافية بموجب السياسات المعتادة الخاصة بمالكي المنازل والمستأجرين.

ونظراً لأن المزيد من الولايات القضائية تتبنى مطلباً للتأمين اقترحه المشرعون في نيوجيرسي وكاليفورنيا مؤخراً، نتوقع أن تصبح صناعة التأمين مستثمرة بشكل متزايد في الحد من الضرر المرتبط بالسلاح. وستعكس الأقساطُ مخاطرَ ملكية السلاح وستتكيف وفقاً لذلك، بنفس الطريقة التي تقدم بها شركات التأمين على السيارات خصومات لـ«السائق الجيد»، أو كما كانت تقدم حوافز نظير تركيب المكابح المانعة للانغلاق والوسائد الهوائية في الماضي. وبالطبع، في مجال تنظيم السلاح، لا يمر أي عمل جيد من دون مقاضاة.

فقد رفعت ثلاث مجموعات دعوى قضائية ضد سان خوسيه بعد تمرير المرسوم الذي يفرض الرسوم ومتطلبات التأمين. ورفضت محكمة محلية فيدرالية التماساتهم للحصول على أمر قضائي لوقف سريان المرسوم، ولم تجد أي عبء غير دستوري على حقوق التعديل الثاني، حيث «لا توجد وسيلة يمكن من خلالها حرمان مالك سلاح سان خوسيه من سلاحه الناري».

وهذا هو بيت القصيد، حتى يتوصل الكونجرس والمحاكم إلى نهج قابل للتطبيق سياسياً ودستورياً لتقييد ملكية السلاح بشكل معقول، يجب أن نجعل ملكية السلاح أكثر أماناً. لا توجد حتمية للموت والإصابة والمعاناة المرتبطة بالسلاح، ما لم نسمح بذلك من خلال تقاعسنا عن العمل.

سام ليكاردو*

رئيس بلدية سان خوسيه منذ عام 2015.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»