تعتزم شركة إنتل، إحدى أكبر شركات التكنولوجيا في العالم، تدشين مصنعين جديدين، في وقت لاحق من هذا العالم، لإنتاج أشباه الموصلات على قطعة أرض مساحتها 1000 فدان في نيو ألباني بولاية أوهايو. وهذا الاستثمار الذي تبلغ قيمته 20 مليار دولار قد يوفر 3000 فرصة عمل. ويستطيع مصنع ألباني الجديد هذا، على وجه الخصوص، المساعدة في تلبية الطلب الأميركي على أشباه الموصلات، وهي الشرائح الإلكترونية الصغيرة المستخدمة في كل شيء من الهواتف المحمولة إلى المعدات العسكرية. 
وأصبح العجز في هذه الشرائح رمزاً بارزاً لمشكلات سلاسل التوريد التي فاقمتها الجائحة ولتفاقم التوترات الجيوسياسية بين روسيا والصين. لكن الزعماء السياسيين ورجال الأعمال بدأوا في إعادة النظر في سلاسل التوريد التي تتزايد عولميتها في القرن الحادي والعشرين، وخاصة في مثل هذه القطع التكاملية من التكنولوجيا.
ويرى كثيرون في أوهايو أن الاستثمار في هذه الصناعة يتعدى مجرد المنافسة العالمية. ويعتقدون أن مصنعي نيو ألباني يؤكدان من جديد هوية ولاية أوهايو كمكان للتصنيع. ووصف حاكم الولاية «الجمهوري»، مايك ديواين، التصنيع والابتكار بأنه «جزء من الحمض النووي لأوهايو»، وهو أحد الأسباب العديدة التي دفعت «إنتل» إلى اختيار ولاية أوهايو من بين 40 ولاية منافسة. وتعكس وجهة نظرها تطلعات أوسع لمنطقة ذات تراث من الابتكار يمتد من مطور المحراث الزراعي جون ديري إلى الأخوين رايت وهنري فورد.
ويرى «مارك مورو»، مدير السياسات في بروكينجز مترو الذي يدرس جغرافيا الاقتصاد الرقمي أن مصنع إنتل يعتبر «درساً موضوعياً في هذا النوع من التنمية الاقتصادية عالية الجودة التي يمكننا رؤيتها في الغرب الأوسط، وهو يستند على تاريخ التصنيع في المنطقة. وهذا أفضل للإحساس العام بالفرص في البلاد. فإذا لم تشارك 45 ولاية في تطوير التكنولوجيا الأساسية، فهذا يعني أنها محرومة ومهمشة». وعلى الرغم من أن مصانع الشرائح الحالية في الولايات المتحدة تتركز إلى حد كبير في الجنوب الغربي، فإن توافر المياه وهي مورد ضروري لإنتاج أشباه الموصلات، وتركيز كليات الهندسة الأعلى تصنيفا، في أوهايو، قد يجعل الولاية مركزا لما يعتبره بات جيلسنجر، الرئيس التنفيذي لشركة إنتل، «قلب السيليكون» في المستقبل بعد أن كان يطلق عليها «حزام الصدأ» للغرب الأوسط الصناعي. 
واستحوذت ولاية أوهايو، كرائد للتصنيع في المنطقة، على أكثر من 20% من العمالة في المصانع بين 12 ولاية في الغرب الأوسط عام 1990. لكن في ظل تدهور المنطقة منذئذ، تعرضت أوهايو لضربة أكبر بعد أن فقدت 360 ألف وظيفة صناعية تقريبا. ولن يكون للمصانع الجديدة لشركة إنتل تأثير كبير في تعويض تلك الخسائر، لكنها خطوة مهمة نحو إعادة بناء قطاع التصنيع في ولاية أوهايو، كما يقول خبراء وعمال محليون. 
وقد يقدم الكونجرس المساعدة. فقد أقر مجلسا النواب والشيوخ مشاريع قوانين لتحسين جهود التصنيع محليا. فقد أقر مجلس النواب «قانون أميركا تنافس» بدعم من الحزبين في فبراير، وأقر مجلس الشيوخ «قانون المنافسة والابتكار الأميركيين» في أواخر الشهر الماضي. ومن المتوقع أن تبدأ المصالحة بين مشروعي القانون بعد فترة وجيزة من عودة الكونجرس من عطلة الأسبوع الذي يبدأ في 25 أبريل، حيث يأمل الموظفون في إرسال نسخة نهائية من القانون إلى الرئيس جو بايدن بحلول أوائل الصيف. يتضمن كلا مشروعي القانونين وهما يحظيان بشعبية كبيرة بين الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء، خلق «حوافز مساعدة لإنتاج أشباه الموصلات لقانون أميركا»، ويخصصا 52 مليار دولار لتصنيع وأبحاث أشباه الموصلات. 

وتخطط إنتل تدشين العمل في «نيو ألباني» حتى لو لم يتم التصديق على مشروعي القانونين. وهذا بالفعل أكبر استثمار في تاريخ ولاية أوهايو، لكنه لن ينمو بالسرعة نفسها من دون هذا التعزيز للإعانات والحوافز الحكومية الحالية للمشروع. وذكر جيلسينر، الرئيس التنفيذي لشركة إنتل، إن الشركة قد تبلغ استثماراتها في نهاية المطاف نحو 100 مليار دولار ولديها أكبر موقع لتصنيع أشباه الموصلات في العالم. وأكد مسؤول من إنتل لصحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» أنهم يتوقعون توظيف 3000 موظف بدوام كامل في «نيو ألباني»، بدءاً من فنيي المعدات إلى المهندسين. ولملء الوظائف الهندسية، دخلت «إنتل» في شراكة مع جامعة ولاية أوهايو - وهي خطوة ترى قيادات من جامعة ولاية أوهايو أنها قد تساعد في تغيير اتجاه «هجرة العقول» الطويلة الأمد من الغرب الأوسط للشباب ذوي التعليم العالي الذين ينتقلون إلى المدن الساحلية. 
ولم تؤكد الحاجة إلى مثل هذا المشروع إلا التطورات الجيوسياسية في الآونة الأخيرة، بحسب قول بعض المسؤولين وخبراء السياسة. وأشاروا إلى الحرب الروسية- الأوكرانية الذي يومئ إلى تداعيات اقتصادية عميقة محتملة، واضطرابات قد تطال تايوان. وصحيح أن الولايات المتحدة رائدة في تصميم الشرائح، لكن 75% من الشرائح في العالم تُصنع حاليا في شرق آسيا، ومعظم الشرائح الأكثر تقدما تأتي من تايوان. 
وعلى بعد 150 ميلا فقط شمال شرق حقول نيو ألباني القاحلة، يخترق العشب مواقف السيارات الخرسانية أمام مستودعات فارغة بحجم ملاعب كرة القدم. وكان مصنع لوردستاون التابع لشركة جنرال موتورز أحد أكبر المصانع المنتجة للسيارات في العالم، لكنه الآن أصبح خاوياً على عروشه بعد إغلاق أبوابه عام 2019. وبقدر ما يبدو عليه مشروع إنتل من إيجابية لأوهايو، يتعين على الأطراف المشاركة في هذا المشروع «فتح عيونها» لتجنب مصير مماثل لما حدث لجنرال موتورز في لوردستاون، كما يقول بيل شكورتي، مدير ميزانية أوهايو السابق والأستاذ المساعد الحالي في ولاية أوهايو. ومضى شكورتي يقول «على مدى 20 عاماً، كانت لوردستاون مصنعا ناجحا للغاية، لكن حين زادت المنافسة، انخفض الإنتاج. صحيح أن مسؤول الولاية سيتعين عليهم الانشغال الشديد بالتأكد من تحقيق نجاح إنتل، لكن يتعين عليهم مواصلة دعم الأنشطة الاقتصادية الجديدة». 

ستوري هينكلي

صحفية أميركية

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»