على الرغم من أن مارتن لوثر كينج عاش على هذه الأرض أقل من 40 عاماً، فإنه أصبح إنساناً لكل العصور. لقد فعل ذلك من خلال التطور المستمر ومراعاة مقتضى الحال. فمع مرور السنين، وسَّع كينج تركيزه من القضايا المؤثرة أساساً على الأميركيين من أصل أفريقي إلى مشكلة الفقر الأكثر شمولاً. فقد ركزت حملة مقاطعة الحافلات عام 1955 في مونتجمري بولاية ألاباما على إلغاء الفصل العنصري. ثم بعد عامين من تأسيس مؤتمر القيادة المسيحية الجنوبية، الذي قاده كينج، توسَّع تركيزه ليشمل حقوق التصويت في أتلانتا. وبعد عقد من الزمان، عندما وصل إلى ممفيس (بولاية تينيسي) لمساندة عمال النظافة، كان كينج قد صاغ أيديولوجية تتكامل مع مناهضة العنصرية والرأسمالية. كان توسيع نطاق تركيزه سمةً مميزةً لنجاحه لأنه جعل جهودَه ذات صلة بما يتجاوز مجتمعَ الأفارقة. 
واستطاع كينج تطويع ليس فقط الرسالةَ بل المنهجية أيضاً. وهاتان النقطتان تحملان دروساً مهمةً لأولئك الذين يناضلون من أجل العدالة الاجتماعية اليوم. فقد قام كينج بالتنظيم والتعبئة في إطار روح المجتمع، ملبياً احتياجات الأشخاص العاديين، واستوعب أفضل وقت يُسمح فيه للناس بالتحدث عن أنفسهم. لم يكن هذا سهلاً على كينج. فبطل الحقوق المدنية لم تتكون شخصيتُه على غرار نموذج القيادة الديني فحسب. فقد كانت مقاطعة الحافلات في مونتغومري، والمنظمة التي قادتها (جمعية تحسين مونتجمري) مؤلفةً من قساوسة وأفارقة أميركيين ميسوري الحال، بحسب وصف كينح في كتابه «خطوة نحو الحرية». وخلق هذا النموذج قادةً قريبين من الناس مثل كينج الذي كان وجهَ الحركة حتى اغتياله. 
وكان كينج يميل إلى الاستمرار في هذا السياق ودفع الآخرين للعمل في الهامش. لكن هذا التصور تحدَّته نساء مثل إيلا بيكر وسيبتيما كلارك اللتين اعتُبرتا من «أمهات الحركة». واقتنع كينغ في نهاية المطاف بضم النساء والطلاب إلى النضال، بل وحتى الاعتراف بأدوارهم القيادية، بسبب تأثير بيكر التي دعت إلى التحرك «نحو منظمة جماعية القيادة وليس منظمةً محورُها زعيمٌ فرد». وكان كينج يفضل إبقاء الطلاب يعملون كجناح لمؤتمر القيادة المسيحية الجنوبية، لكنه بدلاً من ذلك، وبتوجيه من بيكر، تشكلت «لجنة التنسيق الطلابية غير العنيفة» عام 1960. وتطورت الجهود اللاحقة نتيجة استعداد كينج للتكيف من خلال الاعتراف بالقيادة المستقلة للشباب داخل الحركة. كانت الاعتصامات والمسيرات الطلابية بمثابة الطرق الرئيسية لحملة عام 1963، في برمنجهام بولاية ألاباما. 
وكانت إحدى تحركات الحقوق المدنية الرئيسية في برمنجهام هي حملة الأطفال في مايو من ذلك العام، بإيحاء من جيمس بيفيل، زعيم مؤتمر القيادة المسيحية الجنوبية الذي اقترح انضمام المراهقين والأطفال في سن المدرسة إلى الاحتجاجات غير العنيفة. وتشكك كينغ وآخرون في البداية، لكن الحملة تمت في نهاية المطاف بتنظيم مؤتمر القيادة المسيحية الجنوبية وحركة ألاباما المسيحية لحقوق الإنسان. ولا يمكن التقليل من شأن تضحيات الشباب الذين هوجموا وسجنوا خلال الحملة. وانتشرت صور وحشية الشرطة وعنف الجمهور في جميع أنحاء البلاد ودفعت في نهاية المطاف الرئيس الأميركي آنذاك، جون كينيدي على التحرك. وأدت سلسلة أحداث مروعة في برمنجهام، بما في ذلك تفجير الكنيسة المعمدانية في شارع 16th Street في سبتمبر 1963، الذي أسفر عن مقتل أربع أفريقيات، إلى صدور قانون الحقوق المدنية في العام التالي. 
وعلى الرغم من فداحة ثمن النصر في برمنجهام، ساهم هذا التطور في تشكيل أفكار كينج. لقد أصبح يتجنب «الشرور الثلاثية» المتمثلة في العنصرية والنزعة العسكرية والفقر. وتفهمه لهذه الأمور صقل سياسته، فحين وصل إلى «ممفيس» لدعم عمال النظافة المضربين عن العمل عام 1968، دافع عنهم كعمال وكأفراد. وكان لرسالة الطبقة العاملة صدى تجاوز السن والعرق والنوع. وأدرك كينج أهمية التقارب مع الناس أينما كانوا. وكانت احتجاجاته عملية مثل المطالبة بالحق في الجلوس في أي مكان في الحافلة، أو في طاولات الغداء، والحصول على ظروف عمل لائقة وأجر يوفر معيشةً معقولةً. 
ويقدم التطبيق العملي لرسالته وامتدادها خارج مجتمع الأفارقة دروساً مفيدةً لحركات العدالة الاجتماعية اليوم. فهل تستطيع منظمة «المعركة العادلة» (Fair Fight)، منظمة حقوق التصويت التي أسستها ستايسي أبرامز، معالجةَ الفقر والبطالة أيضاً؟ على الرغم من أهمية حرية ونزاهة الانتخابات، لا يحتمل أن تكون هذه القضية على رأس أولويات المناضلين من أجل دفع الإيجار أو شراء الطعام بشق الأنفس. وبدلاً من استقطاب المتطوعين، ألا يجب على المنظمة أن تدرب العاطلين على القيام بالتوعية والتنظيم، وبهذه الطريقة تلبي الاحتياجات العملية للأشخاص، مع التركيز أيضاً على حق التصويت ونزاهة الانتخابات؟ وماذا عن حركة «حياة السود مهمة»؟ فهي تشتهر بحشد الاحتجاجات المطلوبة بشدة ضد عنف الشرطة، ويمكنها أيضاً تحديد الاحتياجات اليومية بين مجتمع السود والعمل على تلبيتها كما ربط كينج جهودَه بالاحتياجات العملية. 
وربما يتطلب تنوّع المطالب شراكاتٍ مع مجموعات مختلفة، وهي سمةٌ أخرى مميزة لنموذج كينغ التنظيمي. فقد أسست الشخصيات البارزة في جمعية تحسين مونتجمري في نهاية المطاف مؤتمرَ القيادة المسيحية الجنوبية، لكن الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين ولجنة التنسيق الطلابية غير العنيفة عملتا خارج نطاق نفوذ كينج. وعلاوة على ذلك، تلقى كينج النصح من «مؤتمر المساواة العرقية» خلال مقاطعة الحافلات، وهي شراكة استمرت حتى منتصف الستينيات. صحيح أن هذه الشراكات لم تمض بسلاسة دوماً، لكنها كانت مثمرة بشكل عام.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»