دخلت الحرب مرحلة جديدة باستهداف الحوثيين مواقع مدنية في العاصمة أبوظبي، وتكرر التهديد باستهداف آخر للإمارات، وأعلن سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي أن «الاستهداف لن يمر دون عقاب»، وقال: «الإمارات تحتفظ بحقها في الرد على تلك الهجمات الإرهابية وهذا التصعيد الإجرامي الآثم». وكانت الإمارات قد خفّضت قواتها في مناطق عدة في اليمن، ضمن خطة «إعادة انتشار» منذ عام 2019 لأسباب «استراتيجية وتكتيكية»، فهل تعتقد ميليشيا الحوثي أنها بهجماته الأخيرة تستطيع حمل الإمارات على التخلي عن الشعب اليمني؟ منطق الأمور يقول بأن التصعيد الحوثي يستدعي رداً حازماً، وهو ما حصل بالفعل.

وهل يهدف الحوثيون من التصعيد العسكري استدراج الحلول الدبلوماسية؟ بدليل تزايد التحركات الدبلوماسية الدولية في محاولة لخفض منسوب الصراع وبدليل تصاعد الزيارات واللقاءات التي يعقدها مسؤولون دوليون وإقليميون لاحتواء التصعيد؟

وهل التصعيد الحوثي العابر للحدود يحقق أجندة دول إقليمية، متجاوزاً الصراع في اليمن؟ تساؤلات عدة أثارها هذا التحول الأخير إلى جانب استمرار استهداف الأراضي السعودية، تساؤلات حول جدوى الاستهداف وفق الحسابات الحوثية، فهل هو محاولة انتقام من الحوثيين كنتيجة للخسارة التي تكبدوها في محافظة شبوة ومناطق بمحافظة مأرب إثر الانتصارات المتتالية لـ«ألوية العمالقة»؟

ترجّح العديد من التحليلات أن الهجمات والتهديدات الحوثية هي انعكاس مباشر للتطورات على الساحة اليمنية بعد انضمام «ألوية العمالقة» في مطلع يناير لمساندة القوات الحكومية في المعارك ضد ميليشيا الحوثي.

و«ألوية العمالقة» هي تشكيلات عسكرية يمنية تشكلت في الساحل الغربي للبلاد بين عامي 2016 و2018، ويبلغ عددها نحو 15 لواءً وقوامها نحو 30 ألف مقاتل تلقوا تدريباً عالي المستوى، وهم مسلحون بأحدث الأسلحة والمعدات العسكرية التي توفرها لهم الإمارات. ولذا فقد تمكنت هذه الألوية خلال 10 أيام فقط من استعادة السيطرة على كافة مناطق محافظة شبوة النفطية، بعد أن قطعت سيطرة ميليشيا الحوثي فيها طرق الوصول لآخر معقل شمالي تحتفظ به الحكومة اليمنية الشرعية في مأرب.

وتعد خسارة الحوثي لمحافظة شبوة خسارةً موجعةً بالنظر لأهميتها الاقتصادية إذ تنتج ما يقارب 50 ألف برميل من النفط يومياً، من ثاني أكبر حقول النفط في البلاد، إضافة إلى امتلاكها منفذاً بحرياً يمتد لأكثر من 300 كيلومتر.

وأعلنت قوات «ألوية العمالقة» التابعة للجيش اليمني، الجمعة الماضي، عن استكمال عملية «إعصار الجنوب» في محافظتي شبوة ومأرب جنوبي ووسط البلاد، العملية التي تكللت بتحرير مديريات بيحان (عسيلان وعين وبيحان) في محافظة شبوة، ومديرية حريب بمأرب، من قبضة الميليشيات الحوثية، كما وضح البيان الصادر من قوات ألوية العمالقة.

ومن الواضح أن الانتصارات التي حققتها قوات الحكومة اليمنية الشرعية بالتعاون مع ألوية العمالقة انعكست على الحسابات الخاطئة للحوثي بإطلاق التهديدات والهجوم ضد دولة الإمارات في محاولة يائسة، لا لجر الإمارات لساحة المعركة، ولكن لتحييدها من الصراع في اليمن. واليوم ستتحمل ميليشيا الحوثي عواقب ونتائج تصعيدها اليائس وغير المحسوب ضد الإمارات.

*كاتبة إماراتية