تتعاظم المكانة التي تحتلها المراكز البحثية يوماً بعد يوم، وتزداد أهميتها، وتكبر الحاجة إلى وجودها مع تنامي أدوارها، إذ غدت واحدة من أدوات التغيير الناعمة، كونها من الفواعل الرئيسية التي تساعد صنَّاع القرار على رسم التوجُّهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وقد سرَّعت في ذلك التغيُّرات والتحوُّلات المطردة التي نشهدها اليوم، ونعاني آثارها، وتمليها الأزمات والأحداث العالمية التي تستدعي تضافراً أممياً لكل الجهود القادرة على المواجهة.

ولا شك في أن المراكز والمؤسسات البحثية، منذ أن ظهرت لأول مرة قبل نحو قرنين، وهي تؤكد بآثارها وأدوارها المتنامية أنها ضرورة من ضرورات المشهد العالمي من أجل تحقيق التنمية، ودعم صنّاع القرار، فهي منذ البدايات متطلعة وداعمة من أجل تحقيق التقدم العلمي والفكري، وتحقيق التطور على جميع المستويات، وهي اليوم مضطلعة بدور رائد ومتقدم في قيادة السياسات العالمية، باعتبارها أداة رئيسية، ليس فقط في توجيه البوصلة نحو القضايا الأساسية، بل في إنتاج العديد من المشاريع الاستراتيجية أيضاً، إذ إنها جزء لا يتجزأ من المشهد السياسي والتنموي في دول العالم، لاسيَّما أنه بات بمقدورها توحيد الجهود التي تصب في خدمة التنمية المستدامة، وتوالف بين مختلف النتاجات الرامية إلى نهضة الفكر والحضارة الإنسانية المعاصرة ونشر السلام.

وهذه الأدوار المتطورة والأهمية المتعاظمة للمراكز البحثية هي التي حملت مركز تريندز للبحوث والاستشارات على إثراء العالم في العام المنصرم وحده، بأكثر من مئتين وثمانين نتاجاً بحثياً أصيلاً ومترجماً، شملت كتباً ودراسات وأوراقاً بحثية، حملت توقيع باحثيه إضافةً إلى نخبة من الخبراء الدوليين، وغطت أهم القضايا الاستراتيجية التي تخدم تنمية المجتمعات البشرية وأمنها وسلامها ورفاهها، وأن ينظم لهذا المستوى من الحشد الخبراتي الدولي ولهذه القضايا الممتدة بآثارها إلى تكوين المشهد السياسي والتنموي لمستقبل العالم، أكثر من أربعين مؤتمراً وندوة دولية.

ونجح في أن يخلق لنتاجاته المطبوعة حضوراً في أهم معارض الكتب الدولية، وأن ييسّر وصولها إلى الجمهور عبر عشرات المنافذ المحلية والإقليمية والدولية.

وقد وسَّعت التوجهات العالمية لمركز «تريندز» من دائرة الترحيب لدى عشرات المؤسسات الفكرية والبحثية المرموقة في مختلف قارات العالم لإبرام الشراكات معه، وزاد من هذا الترحيب ما عُرِف به دولياً من تخصصه في دراسة وتحليل واقع جماعات الإسلام السياسي ومستقبلها وسبل مواجهتها.

وكسِبَ في العام الفائت وحده، أكثر من ثمانين شراكة، بَرَع في توظيفها، مع رصيد شراكاته القديمة، لإثراء مؤتمراته وندواته ونتاجاته البحثية، كما أثرى هذه المؤسسات الشريكة نفسها بما زاد على ثمانين مشاركة نوعية لباحثيه، مؤكداً بذلك شديد حرصه على الفعل المؤثر في جَسْر الهوّة بين الشرق والغرب، وتوفير الفرص لالتقاء الباحثين، باختلاف مشاربهم وتمايز ثقافاتهم وتنوّع آرائهم، للتباحث والتعاون في تحديد المسارات التي تسلكها الدول إزاء مختلف القضايا، وفي تخليق الأفكار الإبداعية والمبتكرة في التعامل مع الأزمات والتحديات التي تواجه العالم، وفي التنبؤ بالمستقبل، والإسهام في التخطيط لرسمه وصنع حيثياته.

*مركز تريندز للبحوث والاستشارات.