اتفق «الجمهوريون» و«الديمقراطيون» خلال السنوات الأخيرة على شيء واحد على الأقل: إنه من المهم أن تقول للناخبين إنك قلق جداً بشأن الارتفاع المستمر في أسعار أدوية الوصفات الطبية. لكن الآن، وبالنظر إلى مشروع قانون «إعادة البناء بشكل أفضل»، يقترح الديمقراطيون في الواقع فعل شيء ما حيال هذا الأمر، وقد يعترض الجمهوريون طريقَهم. 
وإذا كان مشروع القانون الرامي إلى السماح لـ«ميديكير» بالتفاوض حول سعر الأدوية الموصوفة قد خُفف بشكل كبير، فإنه يتضمن مقترحاً يحدد المبلغ الذي سيدفعه أي شخص لديه تأمين خاص أو حكومي مقابل الحصول على الأنسولين بـ35 دولاراً في الشهر. ولأن ملايين الأميركيين المصابين بالسكري يستخدمون الأنسولين، وسعر الدواء قد يصل إلى 1000 دولار شهرياً في بعض الأحيان، فإن ذلك يمثّل تقدماً كبيراً جداً في تحسين حياة الناس. وعلى الرغم من أن هذا البند من المقرر ألا يصبح ساري المفعول حتى عام 2023، فإنه يظل مع ذلك شيئاً يستطيع الديمقراطيون التباهي به أمام الناخبين. 
ولهذا، ومثلما كتب الصحافي دان دايموند من «واشنطن بوست»، فإن الجمهوريين يبحثون إمكانية رفع التحدي العملي في وجه مشروع القانون، ولاسيما المقترح الخاص بالأنسولين ومقترحات أخرى تتعلق بالرعاية الصحية. 
لكن حتى الآن يبدو أن الجمهوريين لم يحسموا أمرهم بعد بشأن ما إن كانوا يعتزمون بالفعل تحدي الديمقراطيين بخصوص هذا الموضوع. غير أنه كلّما بدا بند الأنسولين أكثر شعبيةً ازدادَ احتمال استهدافهم له ومهاجمته. 
وذلك لأن الجمهوريين، على كل حال، لا يريدون معارضةَ معظم ما جاء في مشروع القانون وفي الوقت نفسه تفضيل بعض الأشياء التي جاء بها، من قبيل خفض كلفة الأنسولين. وبدلاً من ذلك، فإن لسان حالهم يقول: «إن مشروع القانون هذا عبارة عن كومة ساخنة من الاشتراكية المدمرة للحرية التي ستذيب وجه أي شخص يحدّق في فظاعتها».
غير أنه لا يكفي معارضة مشروع القانون برمته. فإن استطاعوا نسف أحد بنوده الأكثر شعبية، رغم أنه بند أيّده الكثير منهم من قبل، فإنهم قد يفعلون. وباختصار، فالجمهوريون لا يمكنهم أن يسمحوا للديمقراطيين بالقيام بشيء يحظى بشعبية، بغض النظر عن عدد الأشخاص الذين قد يفيدهم ذلك، إن كان يعني أن الجمهور يمكن أن يقدّره ويعجب به. 
ولهذا يجدر بالديمقراطيين أن يكونوا مستعدين لجعل الجمهوريين يدفعون الثمن في حال قضوا على ذلك البند. ولعل مجرد التهديد بمئة إعلان يقول: «إن السيناتور الفلاني قتل مقترحاً لخفض سعر الأنسولين» قد يحْملهم على التراجع. 
وخلافاً لكثير من المقترحات التشريعية، فإنه من السهل فهم هذا المقترح. وبالتالي، فإن الديمقراطيين لن يضطروا لبذل جهد كبير لإقناع الناخبين بأن الجمهوريين باتوا «في جيب» الشركات الكبرى.
وتُظهِر هذه الفترة من التاريخ الأميركي الطبيعة المعقدة لقطاع الصيدلة الذي ينتج بعضاً من أبرز التطورات العلمية التي يمكن أن تأملها البشرية، وفي الوقت نفسه، بعضاً من أشد السلوكيات الجشعة التي يمكن أن يتخيلها المرء. وعلى سبيل المثال، فإن لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال الخاصة بكورونا ابتكارٌ مثير للإعجاب أنقذ ملايين الأرواح. غير أنها منتجات أدرّت مليارات الدولارات على الشركات التي تنتجها. وقد أخذنا نسمع أن جشع شركات الأدوية أدى إلى ارتفاع مفاجئ في أسعار منتجات يعود تاريخها لسنوات أو عقود (ولعل أبرز مثال هنا هو ذاك المتعلق بهيذر بريش، الرئيسة التنفيذية لـ«ميلان»، والتي هي ابنة السيناتور جو مانشن، الديمقراطي عن ولاية ويست فرجينيا، مما أدى إلى ارتفاع صاروخي في سعر حقن «إيبي-بان» المضادة للحساسية). 
مثل هذه القصص، وكذلك الارتفاع الصاروخي في سعر الأنسولين، تفسّر جزئياً لماذا يكره الأميركيون شركات الأدوية ولا يثقون فيها. بل إن السماح لـ«ميديكير» بالتفاوض حول أسعار الدواء كان دائماً أحد أكثر المقترحات شعبيةً في إطار «إعادة البناء بشكل أفضل». 
والواقع أنه ما زالت هناك بعض الأسئلة بشأن هذا الجانب من مشروع القانون. وعلى سبيل المثال، يريد الديمقراطيون التقدميون أن يدخل البند الخاص بتحديد سعر الأنسولين بـ35 دولاراً حيزَ التنفيذ اعتباراً من العام المقبل وأن يطبّق على الأشخاص الذين ليس لديهم تأمين طبي. وهي أفكار جيدة أيضاً. 
غير أنه إذا أعيق الديمقراطيون في محاولتهم القيام بشيء بهذه البساطة من أجل مساعدة الكثير من الأشخاص الذين يتعرضون للافتراس حالياً على أيدي شركات الأدوية، فإن الأشخاص الذين يعتمدون على الأنسولين سيشعرون بالغضب. وحينها، يجدر بهم أن يعرفوا على من يصبّون ذاك الغضب!

بول وولدمان

صحافي أميركي

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»