الجدل حول دورة الألعاب الأولمبية الشتوية بكين 2022 قائم منذ وقت طويل، ولكنه اتخذ مؤخراً منعطفاً جديداً مع إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن عن المقاطعة الدبلوماسية لهذه الدورة. مقاطعة أعقبتها بسرعة إعلانات مماثلة من قبل زعماء أستراليا وبريطانيا ثم كندا ونيوزيلندا وليتوانيا، في ما يشبه نوعاً من حلف «أوكس» موسع، وذلك بهدف احتواء الصين ولكن على الصعيد الرياضي الآن.
الصين احتجت على هذه الخطوة بالطبع معتبرةً أنه من المخزي الخلط بين الرياضة والسياسة.  بكين أصدرت أيضاً تهديداً صريحاً عن طريق المتحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية الذي قال، إن البلدان التي قررت المقاطعة الدبلوماسية «ستدفع ثمن ذلك». وفضلاً عن ذلك، طلبت بكين من الشركات الصينية وقف أي معاملات تجارية مع ليتوانيا، وهو تحذير غير مباشر للبلدان التي قد ترغب في أن تحذو حذوها. 
والواقع أن الرياضة والحسابات الجيوسياسية متداخلتان ومتشابكتان، لكن اللجنة الأولمبية الدولية أبانت عن كثير من الحذق والمهارة حين اعتبرت أن الإعلانات عن المقاطعات الدبلوماسية هي الدليل على عدم الخلط بين الرياضة والسياسة نظراً لأن الأمر لا يتعلق بمقاطعات رياضية. والأكيد أن التمييز بين الاثنين مهم بالفعل، ذلك أن المقاطعة الدبلوماسية تعني بكل بساطة الرغبة في عدم تزكية نظام معين، وعدم الرغبة في إرسال إشارة صداقة إليه عبر الحضور، والرغبة في حرمانه من النجاح الدبلوماسي المتمثل في جمع كل الدول من حوله. 
ماذا ستفعل البلدان الأخرى؟ قد يكمن الحل بالنسبة لبعض الدول في عدم إرسال رئيس الدولة أو رئيس الحكومة والاكتفاء بدلا من ذلك بإيفاد ممثل للحكومة، وذلك حرصاً على تجنب توتير العلاقات مع بكين. 
والحقيقة أنه في تاريخ الألعاب الأولمبية، كانت هناك عدة مقاطعات رياضية: فالبلدان الأفريقية قاطعت دورة ألعاب مونتريال في 1976، والبلدان الغربية قاطعت دورة ألعاب موسكو في 1980، والبلدان الشيوعية قاطعت دورة ألعاب لوس أنجلوس في 1984. والحال أن عصر المقاطعات الرياضية ولّى بكل بساطة لأن الرياضيين يرغبون في المشاركة في هذه اللقاءات الرياضية، ولكن أيضاً لأن أي بلد يتخذ قراراً مماثلاً سيعادي رأيه العام الذي يرغب في رؤية الرياضيين الوطنيين يدافعون عن ألوانهم الوطنية في الألعاب الأولمبية. 
وعلاوة على ذلك، فإن مبدأ المقاطعة الرياضية يطرح أيضاً مسألة مقاطعة أوسع: إذ لماذا حصر المقاطعة في المجال الرياضي وعدم توسيعها لتشمل العلاقات الاقتصادية والعلاقات الدبلوماسية؟ الواقع أن هناك دائماً جزءاً من الازدراء والاستخفاف إزاء المجال الرياضي. إذ توصف الرياضة في كثير من الأحيان بأنها متغير تعديل العلاقات الدولية. ولكن لماذا الرياضيون هم من يدفع الفاتورة دائماً عندما يرغب بلد في إبداء خلافاته مع بلد آخر في الوقت نفسه الذي يحافظ فيه على علاقات اقتصادية وثقافية، إلخ؟ 
أمام هذا الوضع، تمثّل المقاطعة الدبلوماسية لفعالية رياضية معينة طريقةً لإرسال إشارة سياسية، مع السماح للرياضيين بالمشاركة في المنافسات. 
وخلاصة القول، إن مسألة مقاطعة المنافسات الرياضية المعولمة مفتوحة ولن تغلق. غير أنه لن تكون هناك مقاطعة رياضية لأن كل دولة ترغب في الدفاع عن فرصها، وبالخصوص عدم المخاطرة بالتعرض لعقاب. ولا شك أنه ستكون هناك إعلانات أخرى عن مقاطعات دبلوماسية، إعلانات لن تكون لها أهمية حقيقية ولكنها ستسمح بقياس طبيعة العلاقات بين بلدين. 

مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس