للمياه أهمية عظيمة في حياة البشر، فهي أصل الحياة، ولا يمكن أن تستمر من دونها، فقد جعل الله سبحانه وتعالى «من الماء كل شيء حيّ». وتعدّدت استخدامات المياه، ولم تعُد تقتصر على الشرب أو الريّ، بل أصبحت مكوناً أساسياً في الكثير من الصناعات والمنتجات، فضلاً عن استخداماتها في مجالات حيوية لا يمكن لحياة الناس أن تستمر من دونها، مثل توليد الطاقة والكهرباء، وغيرهما من الاستخدامات التي يصعب حصرها في كلمات. 
هذه النعمة، برغم كل ذلك، تتعرض لتحديات كثيرة على مستويات مختلفة، محلية وعالمية، حيث يواجه العالم نقصاً متزايداً في مصادر المياه. وهناك دول تواجه النقص بشكل طبيعي، حيث لا توجد فيها موارد مائية طبيعية، ومنها دولة الإمارات العربية المتحدة. ومع ذلك، فإن المياه هنا متوافرة بشكل دائم، وبكميات كافية جدّاً، حيث أقامت الدولة العديد من المشاريع المتقدمة التي تضمَن توفير المياه لكل الاستخدامات على مدار الساعة. وهذا أمر مهم وله آثار إيجابية على الفرد، حيث يُعزز من جودة حياته، ويُشعره بالطمأنينة لتوفير أهم ما يحتاج إليه، سواء في بيته أو مكان عمله أو مزرعته أو مصنعه.
وفي المقابل، هناك الكثير من التحديات التي تواجه الأمن المائي في الدولة، منها -على سبيل المثال- استنزاف المياه الجوفية، وعدم توافر مصادر دائمة أو بديلة للمياه العذبة، وقلّة الأمطار، وارتفاع الطلب على المياه، نتيجة النمو السكاني، والتطور الاقتصادي، وافتقار الدولة للمياه السطحية كالأنهار والبحيرات، فضلاً عن ارتفاع تكلفة عمليات تحلية المياه. لكن ربما يكون من أهم التحديات الحالية زيادة معدل الاستهلاك المنزلي والزراعي، في ظل غياب ثقافة تقليل الهدر. فبرغم ما حققته الإمارات في مجال ترشيد الاستهلاك، بسبب السياسات التي اتبعتها الجهات الحكومية وبرامج التوعية، حيث انخفض معدل استهلاك الفرد بشكل ملحوظ، من نحو 500 لتر يوميّاً قبل سنوات عدة، إلى نحو 360 لتراً في اليوم حاليًّا، فلا تزال الإمارات من بين المعدلات المرتفعة على مستوى العالم. 
هذا يدفعنا، ونحن نحتفل بـ«اليوم العالمي للمياه» الذي صادف أمس 22 مارس، إلى أن نسلّط الضوء مجدداً على المسؤولية الفردية والمجتمعية معًا، حيث اعتمدت الدولة الكثير من المشاريع للتقليل من الهدر المائي، من بينها استخدام مياه الصرف الصحي بنِسب عالية، وتقليل ضخّ الخزانات الجوفية، وتنفيذ برامج توعوية. لكن نجاح هذه المشاريع وغيرها يتطلب من الجميع فعلاً تحمّل مسؤوليتاهم، ومراقبة أنفسهم في هذا المجال قبل مراقبة غيرهم.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية