الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

«المصطاح».. تقليد مستدام لحفظ التمور

النقبي يعلّم الأطفال طريقة فرز التمور (تصوير: إحسان ناجي)
8 ابريل 2024 02:45

خولة علي (دبي) 
استخدم أصحاب المزارع قديماً، وسائل تقليدية لصناعة التمور وحفظها بعد نهاية موسم الرطب، نظراً لانتشار أشجار النخيل وكثرة ثمارها ووفرة محصولها، بحيث لا تُهدر العذوق المثقلة بشماريخ ثمار الرطب، فبعد أن تنضج تماماً وتتحول إلى تمر، يستعد المزارعون بمساعدة بعضهم البعض، للقيام بمهمة حفظ التمر والاستفادة منه بطرق مختلفة، بداية بمرحلة وضعها على «المصطاح»، وهو عبارة عن الدعون المصنوعة من جريد النخيل، والذي توضع عليه كميات من الرطب لتجف تحت أشعة الشمس، وتتحول إلى تمور. 
هذا العمل الذي اعتاد الأهالي قديماً ممارسته، والذي شكّل جزءاً من موروثهم الشعبي، ساعدهم في توفير غذائهم وحفظه في بيئة مناسبة، ليبقى هذا الموروث في الذاكرة، من خلال عروض حية بالكثير من المهرجانات التراثية، ليتعرف الأجيال عليه وعلى مآثر الأجداد ودورهم في حفظ التراث وصونه. 

مهمة كبيرة
عن دور الأهالي قديماً في حفظ التمور، قال حسن راشد النقبي، الباحث في مجال التراث: «في كل عام تنشط المزارع في مناطق الإمارات مع نهاية موسم الرطب، لتصبح المهمة كبيرة في الحفاظ على كميات كبيرة من ثمار النخيل، فيتعاون الأهالي صغاراً وكباراً، لجمع الرطب الناضج بعد قطع عذوق النخل وإزالة الثمار من الشماريخ ووضعها على (المصطاح)، وتُترك حبات الرطب في مكان نظيف تحت أشعة الشمس حتى تجف تماماً وتتحول إلى تمور». وأضاف النقبي أن موسم جمع التمور من المواسم التي تتمتع بالخير والرزق الوفير، لذا يجتهد المزارعون في هذا الموسم كي يحافظوا على الرطب الناضج باستخدام وسائل تقليدية لحفظه.
تحضير التمر
أشار النقبي إلى أن موسم جمع التمور الناضجة يكون على مراحل حسب نوعيتها وطبيعة المنطقة وحرارة الطقس، فتبدأ مرحلة الفرز وانتقاء الصالح من التمور. وهذه المهمة تتطلب مجهوداً وساعات طويلة من العمل، وفقاً لكمية التمور، ثم يتم الفصل بين حبات التمور تمهيداً لفرز الجيد وإزالة اليابس وغير الصالح، لتقديمه للمواشي كغذاء. أما حبات التمر الجيدة فيتم التعامل معها بطرق مختلفة، فجزء منها يُعبأ في الجراب، وهو عبارة عن سلة من الخوص، يُستخلص منها الدبس عن طريق حفظه في المدبسة أسابيع عدة كي يخرج منها العسل الأسود، ثم تحفظ في جرار من الفخار، وجزء منها يُعجن بعد إزالة النواة منه، ويسمى التمر المدلوك، ويُحفظ في جراب من الخوص ويتم تناوله عند الحاجة.

«المدبس»
في الوقت الحالي، حسبما قال النقبي، يتم وضع التمر مباشرة في علب بلاستيكية محكمة حتى لا يتعرض للغبار والملوثات، كما أن تعرضه للماء يصيبه بالتعفن أثناء عملية التخزين، والطريقة الأخرى للحفظ والاستفادة من التمور، تتم من خلال إنتاج تمر «المدبس»، حيث توضع حبات التمر كاملة في وعاء ويُضاف إليها عسل التمر، وهو الدبس، والقليل من الزنجبيل، ويتم تناوله بكثرة في الشتاء للشعور بالدفء والاستفادة من عناصره الغنية بالمعادن والفيتامينات.
اهتمام واسع
حظي «المصطاح» باهتمام واسع من أصحاب المزارع المنتشرة في المناطق الشرقية، نظراً لقيمة التمر في تلك الفترة كمادة غذائية بالغة الأهمية، إلا أن اليوم وبعد انتشار مصانع التمور، وتغير نمط الحياة، أصبحت هذه الطريقة تُمارس على نطاق ضيق، إلا أنها حاضرة في المهرجانات التراثية، حيث يحرص النقبي على تعريف الأجيال بجانب تراثي من عمل الأهالي قديماً، ودورهم في صناعة التمور وحفظها.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©