الإثنين 29 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

الصحافة تواجه أزمة وجودية بسبب «ChatGPT»

الصحافة تواجه أزمة وجودية بسبب «ChatGPT»
11 فبراير 2023 01:55

لندن (الاتحاد) 

رعب وفرح وفزع وذهول مصحوب بتفاؤل رغم التحديات.. هذا تقريباً، بعض ردود الأفعال التي يتردد صداها عبر العالم، منذ الكشف عن إمكانيات روبوت البحث الخارق ChatGPT، الذي أطلقته شركة «اوبن ايه آي» من مقرها في كاليفورنيا عبر الإنترنت في نوفمبر الماضي. وعلى مدار الأسابيع القليلة الماضية، يتسع نطاق ردود الفعل مع اكتشاف المزيد من الإمكانيات والمخاطر الجبارة لروبوت الدردشة الجديد الذي اعتبره البعض «قاتل جوجل». 
فالكل حائر بين الدهشة والارتياح المشوب بالقلق. حدث ذلك في كل قطاع تقريباً. من المدارس والجامعات إلى ساحات القضاء.. الكل اندفع ليجرب ويختبر إمكانات مصباح «علاء الدين السحري».. لكن كيف يمكن للإعلام أن يتأثر به؟.
وفي كل مكان كانت النتائج مربكة. فبرنامج المحادثة الجديد الذي هو ثمرة ما يسمونه بالذكاء الصناعي التخليقي يستطيع إجابة أي سؤال وكتابة وابتكار نصوص عادية وبحثية وقصائد وإعلانات ورسائل البريد الإلكتروني وترجمتها، بل وإعداد مذكرات أحكام قضائية. باختصار يمكنه أن يفعل أي شيء بالحوار المباشر مع المستخدم.
يفعل «تشات جي بي تي» ذلك في ثوان معدودة بمجرد طرح السؤال عليه من دون أن يستقي من الإنترنت أي معلومات.. فهو حتى الآن يعتمد على تغذية مسبقة بالبيانات.. فكيف سيكون الحال، عند اتصاله بمحيط الشبكة العنكبوتية مترامية الأطراف.
إنه تحول يشبه ظهور الآيفون أو حتى الكمبيوتر بصورته الحديثة، كما قال بيل جيتس، مؤسس ميكروسوفت التي تشارك في تطوير الروبوت الجديد.  أو هو كما يعتبره البعض «انقلاب» في عالم التكنولوجيا التي ظلت لسنوات تهدد الوظائف التي تعتمد على المجهود البدني بـ«الاتمتة». الآن الموجة الأخيرة من الذكاء الاصطناعي تهدد الوظائف الإبداعية التي تعتمد على الأفكار، والصحافة في مقدمتها.
أي أنه على العاملين في بلاط صاحبة الجلالة، الباحثين عن المتاعب أن يقلقوا على مستقبل مؤسساتهم. فإلى مدى يعتبر هذا التهديد واقعياً .. وهل يمكن فعلا لروبوت المحادثة الجديد أن يغير قواعد اللعبة؟
بالنظر لطريقة عمل «تشات جي بي تي»، ربما تكون الصحف فعلاً مهددة بفقدان مكاسب مالية ضخمة. فالكثير من القراء يطالعون منصاتها عبر روابط «جوجل». والروبوت الجديد لا يستخدم تلك الروابط .. فهو عندما يتلقى أي سؤال، يقوم هو نفسه بكتابة نصاً وافياً. ولن يضطر المستخدمون للذهاب إلى المنصات الإعلامية، التي ستخسر معدلات الدخول وعائدات الإعلانات التي ستتجه لمحركات البحث الجديدة. ولتقريب الصورة.. تخيل مثلاً، لو اعتدت كل صباح أن تسأل «تشات جي بي تي» عن أهم الأخبار اليوم أوأسعار الذهب والدولار وحالة الطقس .. إلخ.. ماذا سيحدث؟! سيقدم لك تقارير وافية ربما بالصوت والصورة والرسوم البيانية.. ومن ثم قد لا تشعر بالحاجة لمطالعة  أي وسيلة إعلامية لمعرفة ما يهمك. وهنا يكمن التحدي الحقيقي.
فوسائل الإعلام التي كانت تعتمد على محرك بحث مثل جوجل في استقطاب جمهور عريض.. عليها أن تراجع نفسها وتحاول تدبر أمرها للاحتفاظ بجمهورها. لأنها إذا لم تتحرك وبسرعة، بتكييف أوضاعها وطرق عملها، قد تجد نفسها خارج السوق. وهنا ينصح باحثون بأن أحد الحلول ربما كان أن تبدل المنصات الكبرى من خطتها التقليدية التي تستهدف.. «الجماهير العريضة». ويقولون: مستقبلاً، لا بد من أن تحدد كل منصة لنفسها شريحة محددة من الجمهور للوصول إليه بأدوات جذابة.. فهذا هدف أسهل في مواجهة الروبوتات الذكية، لأن لا أحد يكسب أبداً أمامها.
وتقول سارة فيشر في موقع «آكسيوس»: «ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية يجبر الصحفيين على التفكير في الطرق التي يمكن أن تؤدي بها الأتمتة إلى تحسين وظائفهم أو التخلص منهم.؟!»
وقد أثبت الذكاء الاصطناعي فوائد كثيرة في كتابة التقارير الصحفية البسيطة التي تعتمد على الأرقام، فيما يخص بيانات نتائج الشركات مثلاً أو  المسابقات الرياضية. فعلت ذلك وكالات أنباء مثل داو جونز وبلومبرج ورويترز وأسوشيتدبرس. ولم يكن الهدف الاستغناء عن الصحفيين.. بل منحهم الفرصة للتركيز على القصص الكبيرة التي تتطلب جهداً ذهنياً.لكن المحصلة ليست كلها إيجابية.
على سبيل المثال، أعلن موقع CNET  الأسبوع الماضي - بعد أسابيع قليلة من الاعتماد  على برامج الذكاء الاصطناعي في كتابة بعض التقارير والمقالات التي كانت تنشرها من دون أي اسم - وقف التجربة، بسبب أخطاء وعدم دقة بعض المقالات.
وتقول فيشر إن «الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي قد يضعف أداء صالات التحرير إذا لم تكن حذرة بدرجة كافية».
وهنا مكمن الخطر، لأن الذكاء الاصطناعي ليس منزهاً عن الخطأ والتحيزات السياسية والعنصرية والدينية، لأنه قد يفكر أفضل وأسرع من الإنسان.. لكن كيف يمكن أن نجعله يتحلى بالأخلاق.
لذلك هناك إجماع على أن استخدام روبوتات البحث هذه ستطرح على العالم معضلات أخلاقية خطيرة، مما يحتم وضع خطوط حمراء حتي لا يقع الإعلام - والجمهور معه - في أسر الروبوتات.

«بازفيد»: بدأ عصر المحتوى الذكي وذهب عهد الخوازميات
قال الرئيس التنفيذي لشركة BuzzFeed إن إنشاء المحتوى المدعوم بالذكاء الاصطناعي سيصبح أساسياً في نشاطها خلال العام الجديد.
وقالت «فوربس» إن «بازفيد» ناشر الوسائط الرقمية الشهير سيعتمد على الذكاء الاصطناعي لتفصيل محتوى «مخصوص» لكل جمهور وتنشيط قسم الألغاز المسلية، فيما يعد الخطوة الأولى في إنشاء محتوى أكبر باستخدام محرك ChatGPT. 
وقال جونا بيريتي الرئيس التنفيذي في تعميم للموظفين:  «ستتوسع صناعتنا إلى ما وراء البث المدعوم بالذكاء الاصطناعي، إلى إنشاء (محتوى) يعمل بالطاقة الذكاء الاصطناعي». 
وأشار إلى أنه إذا ما كانت السنوات الـ 15 الماضية هيمنت عليها موجة البث الحي عبر المنصات وفقاً للخوازميات التي تصنع وترشح المحتوى.. فإن الـ 15 عاماً المقبلة، سيحكمها الذكاء الاصطناعي والبيانات التي تساعد في إنشاء وتفصيل المحتوى نفسه». وأضاف:«تفتح الاختراقات في الذكاء الاصطناعي حقبة جديدة من الإبداع تسمح للبشر بتسخير الإبداع بطرق جديدة مع فرص وتطبيقات لا نهاية لها من أجل الخير. في مجال النشر، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يفيد منشئي المحتوى والجماهير، ويلهم أفكاراً جديدة ويدعو الجمهور للمشاركة في إنشاء محتوى مخصص لكل فرد».

ما هي عائدات سوق محركات البحث؟
سوق محركات البحث هائل وضخم، ويمكن أن تتأثر كثير من المؤسسات الإعلامية والمنصات الرقمية التي تعتمد في دخلها على الإعلانات، بشكل آو بآخر، بالتطور الحاصل في مجال الروبوتات الذكية. فقد كانت تشتكي باستمرار من أن فيسبوك وجوجل سحبا إعلانات هائلة منها ، ما زاد من حجم الضغوط عليها. الآن ستذهب عائدات ضخمة من الإعلانات إلى محركات البحث الذكية الجديدة إذا ما دانت لها السيطرة على السوق. ويذكر أن شركة «ألفابت» أعلنت تحقيق 42.6 مليار دولار من البحث عبر «جوجل» وعوائد أخرى، بينما سجلت مايكروسوفت 3.2 مليار دولار من إعلانات البحث والأخبار.

اعتراف بالخطأ
كشفت CNET، منصة التكنولوجيا الرقمية الشهيرة أنها استخدمت محركاً للذكاء الاصطناعي منذ 2022 في كتابة 77 قصة، أي حوالي 1% من إجمالي محتوى الموقع دون أن يلاحظ أحد.
وقد توقفت المنصة الآن عن استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي بعد أن وجدت أن أكثر من نصف هذه القصص تحتوي على أخطاء أو أجزاء مسروقة. وكتب رئيس تحريرها في منشور قبل أيام: «لقد توقفنا مؤقتاً وسنستأنف استخدام أداة الذكاء الاصطناعي عندما نشعر بالثقة في أن الأداة وعملياتنا التحريرية ستمنع الأخطاء البشرية وأخطاء الذكاء الاصطناعي».

قالوا عن ChatGPT
إيلون ماسك - أحد مؤسسي الشركة الناشئة التي ابتكرت «ChatGPT»: «إنّه عالم جديد وجيد بشكل مخيف.. وداعا للفروض المدرسية في المنزل!».
سيلفيا أنتونوتشيو - معلمة تشعر بالعجز أمام غش الطلبة بالروبوت الجديد: «اكتشاف جيد ومثير للقلق في آن».
إريك فانونسيني - أستاذ في اللغة الإنجليزية والفلسفة: «لم تُبتَكَر هذه التكنولوجيا لتؤكّد صحة المعلومات... بل لتوليد كل ما يُحتمل إنشاؤه».
بروفيسورة بيث سينغلر - جامعة زويورخ: «رفض «تشات جي بي تي» كتابة قصيدة تمدح دونالد ترامب. وعندما طُلب منه إنتاج قصيدة تمدح جو بايدن، كتب القصيدة».
ساتيا ناديلا - رئيس مايكروسوفت التنفيذي:  «هذه التكنولوجيا ستعيد تشكيل كل فئة من فئات البرمجيات إلى حد بعيد».
ريما سمعان - مسؤولة البيانات والذكاء الاصطناعي في مايكروسوفت بدبي: «هذه الأنظمة لا تتطلب سوى قدر محدود من المُدخلات وعمليات البرمجة، ولكنها قادرة في الوقت نفسه على تحقيق قفزات نوعية في إنتاجية العاملين».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©