الثلاثاء 28 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

«السوق القديم».. عبق الماضي

تصوير: علي عبيدو
20 يناير 2023 01:53

لكبيرة التونسي (أبوظبي)

تتواصل فعاليات «مهرجان الحصن 2023»، وسط حضور لافت للزوار من مختلف الجنسيات الذين قصدوا الحدث للاستمتاع بأنشطته المبهرة في قلب العاصمة أبوظبي، وخوض تجارب تفاعلية ممتعة والتعرف على ما تركه الأجداد من موروث تراثي وحضاري، عبر العديد من الورش التعليمية والمعارض الفنية والمشاهد الحية وفنون الطهي.
وقد نجحت فعالية «السوق القديم» بالمهرجان، في إعادة إحياء الدور الذي يؤرخ لحركة البيع والشراء ضمن الأسواق القديمة وأزقتها الضيقة مروراً بمختلف الساحات، ما أضفى الحيوية والحماس على الفعاليات، ضمن ساحة تضج بروائح العطور والبخور، وتتعالى بها أصوات الأطفال فرحاً وسعادة، في الهواء الطلق، وسط مشاهد آسرة لعروض أداء واستعراضات فنية، أضفت مشاعر إيجابية على الزوار الذين عاشوا أجواءً من زمن الأسلاف، واطلعوا على أسلوب حياتهم.
ويشكل مهرجان الحصن جسر تواصل، يربط بين الماضي والحاضر والمستقبل، ضمن دعوة للزوار كافة للمشاركة في فعالياته والاحتفاء بالصروح التاريخية وما ترمز إليه من عادات وتقاليد وقيم ومُثل عليا، واستكشاف إرث الأجداد الذي يتم الاستناد إليه في التطلع نحو المستقبل، فقد نجح هذا الحدث الكبير في تمثيل مشاهد اجتماعية للحياة اليومية التي عاشها الأسلاف في «الفرجان» وما تخللتها من عادات وتقاليد في مختلف المناسبات، ما أضفى أجواءً خاصة على المنطقة النابضة بالحياة. 

تجربة استثنائية
يجد الزائر نفسه في «السوق القديم» الذي يضم أكثر من 60 محلاً، أمام تجربة تسوّق أصيلة، حيث الأقمشة القديمة والمطرزات والبخور والعطور والبهارات والمشغولات اليدوية وأدوات التجميل والحلويات والعسل والبهارات المصنوعة منزلياً بعناية كبيرة، إضافة إلى مختلف الأطباق التقليدية، وأدوات قديمة، كالراديو وآلات التصوير من الزمن الماضي، ومن داخل السوق، وعبّرت مجموعة من السيدات الحرفيات وأصحاب مشاريع تراثية عن سعادتهن بالمشاركة في مهرجان الحصن، ليعرضن أغلب ما يتعلق بزمن الأجداد، للحفاظ على الموروث وتعريف الجيل الجديد بالتراث في أجواء تعكس الحياة الإماراتية قديماً.

عطور ومخمرية
تتزين الدكاكين بمجموعة كبيرة من المنتجات اليدوية التي تجسد الماضي الإماراتي، مثل البرقع الإماراتي، والمداخن التي تفوح منها روائح جميلة، والحقائب الممزوجة بالخرز والخيوط المزركشة، ودِلال القهوة والشاي التي تمت صناعتها ونقشها يدوياً بشكل يعكس الطابع التراثي، كما يستمتع زوار السوق بروائح الدخون والعطور والمخمرية التي تعتبر واحدة من أهم المستحضرات التجميلية التي يتم تحضيرها بطريقة آمنة وخالية من المواد الكيميائية، حيث يتم تحضيرها من مسحوق أعواد الزعفران المخلوط بسائل دهن العود الأصلي، وسائل المسك الأبيض ومسحوق الصندل وعرق الحنا والفل، ثم يتم دفن هذه الخلطة في التراب لفترة تتراوح ما بين عشرة إلى أربعين يوماً، لتتخمر وتعطي رائحة عطرية نفاذة، وتصبح على هيئة خلطة عطرية سائلة تستخدمها السيدات والفتيات للشعر والجسد كواحدة من الطرق الآمنة التي تتبعها المرأة الإماراتية منذ القدم.

عروض حية
ولا يقتصر دور المُشاركات في «مهرجان الحصن 2023» على عرض منتجاتهن التراثية، إنما تحولت أروقتهن إلى عروض حية، تبرز مظاهر الحياة قديماً، إلى جانب العادات والتقاليد المتأصلة في المجتمع، ومن هذه المظاهر الجميلة التي ارتبطت بطقوس الزواج والأعراس، شراء «زهبة العروس»، حيث تتجول النساء في السوق في مشهد تمثيلي لشراء ما يخص العروس من هدايا كالأقمشة والذهب والعطور والدخون، ليشكل المهرجان إطلالة على الماضي والعادات العريقة، التي تعبر عن التراث وتنقل صوراً حية من الماضي، ومن هؤلاء موزة عبدالله بن حضيبة، التي تشارك بمجموعة من الدُمى التي تمثل براعة المرأة الإماراتية في الخياطة والتلي وقرض البراقع، من خلال دُمى تمثل حياة الأولين، موضحة أنها تنقل التراث للأجيال من خلال هذه الدُمى وتزيينها بالذهب والثوب والكندورة والوقاية «الوسمة» وسواها.

ألق التراث
خديجة الطنيجي صاحبة علامة «المرتعشة» من المبدعات اللاتي يحافظن على التراث، حيث تعمل على تجديد التراث دون أن تمس أصالته، فهي تدمج التلي مع صواني التقديم، وتزين السعفيات بخيوط التلي لتزيدها ألقاً، بينما تزين الدلال والمداخن بالحلي القديمة من مرتعشة ومرية، الأمر الذي بث الحياة في هذه الأدوات التراثية وجعلها ناطقة بالأصالة والعصرية في آن، ولم تترك الطنيجي أي جانب من الصناعات التراثية إلا وأضفت عليه لمسات إبداعية، ما جعلها رائدة ومتفردة في مجالها، ولا يقتصر عملها على تجديد التراث، وإنما تعمل أيضاً على تدوير المنتجات وتحويلها إلى أدوات تراثية ناطقة بالجمال.
وتوضح الطنيجي أن المرأة في السابق كانت تستغل جميع مكونات الطبيعة، خاصة الأواني والعلب والأدوات ذات الاستعمال المؤقت، تعمل على استخدامها في حفظ المؤونة أو تحويلها إلى أدوات جمالية بإضفاء لمسات تراثية عليها، ما يدل على أن المرأة كانت مكافحة ومدبرة وتعمل على استدامة الطبيعة، حيث كانت النساء يجتمعن لصنع العديد من الأدوات المنزلية من خيرات البيئة المحلية، حيث كانت الحياة بسيطة وجميلة ومبهجة، كما تعمل الطنيجي على صناعة أجمل أنواع العطور والدخون التراثية التي تنثر عبيرها في المكان وتحوله إلى ساحة تعبق بالروائح العطرة، إلى جانب بقية المشاركات البارعات في الصناعات المختلفة.

إبداعات أصحاب الهمم
يضم «السوق القديم»، إبداعات وأفكار أصحاب الهمم، عبر مشاركة مجموعة من أمهات أصحاب الهمم، بالعديد من المنتجات التراثية، إلى جانب إبداعات أصحاب الهمم، ومنهن عبير عبيد الزعابي التي تعرض ساعات «وميكا الأصيلة» مع الضمان، وبهارات «أم اليازية»، موضحة أن النساء المشاركات بجانبها، وهن: أنيسة الغساني واليازية الغساني وموزة علي فرج، يعرضن ملابس تراثية وأقمشة وبهارات ومداخن، لافتة إلى أن ذلك يعتبر فرصة لتسويق هذه المنتجات وفتح باب رزق لهذه الفئة، مشيدة بالتنظيم الرائع والأجواء الجميلة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©