عدد اليوم
ساسي جبيل (تونس)
عرفت الشعوب البازلاء الخضراء منذ القِدم، حيث يؤكد المؤرخون أن بدايات زرعها كانت في الحبشة قبل أن تدخل إلى آسيا الوسطى والصغرى، ومنها انتقلت بذورها لتُزرع في جنوب شرقي آسيا وأوروبا. وتُزرع بكثرة في العديد من الدول العربية كتونس والجزائر والمغرب وليبيا ومصر ولبنان والأردن وفلسطين.
ويعود الانتشار الكبير لهذا النوع من البقوليات، إلى قيمته الغذائية العالية، حيث إنه غني بالبروتين، ما يجعل موسم جنيه في مثل هذه الأيام، بمثابة الاحتفال في تونس لما يحوطه من أسرار، حيث يطلق عليه «الجلبانة». ويوفر في مختلف مراحله نحو 50 ألف فرصة عمل، وخصوصاً للنساء، وذلك لمدّة زمنية تتراوح بين 40 و50 يوماً.
نبتة حساسة
وأوضح المزارع عثمان الجلاصي، من منطقة السبيخة بمحافظة القيروان، أن «الجلبانة» تتطلب عملاً مضنياً وعناية فائقة، حيث يُعتبر تحضير التربة مهم للحصول على إنتاجية جيدة، ولذلك تُحرث الأرض بعد حصاد المحصول السابق للتخلص من مخلفاته والحفاظ على رطوبتها وضمان تعرضها لأشعة الشمس، ثم يسوَّى سطح التربة وتضاف إليها الأسمدة.
وأشار إلى أن «الجلبانة» أنواع، ومنها السكّرية والأربعينية والتسعينية والمنجليّة، تُزرع خلال شهر أغسطس، ما يستدعي استعمال كميّات وافرة من الماء، أما الفصلية فتُزرع خلال الخريف بين شهري أكتوبر ونوفمبر.
وذكر المزارع شعبان الوافي أن نبتة «الجلبانة» حساسة وتتطلّب الري بصورة منتظمة، حتى إن نزول الأمطار يزعجها وكذلك تقلّبات المناخ، فلا تقبل الحرارة ولا البرودة، والصقيع يُلحق بها الأضرار.
وقالت صالحة الزغواني، التي تعمل في إحدى المَزارع، إن جمع «الجلبانة» مرهق للغاية، ولا يتقدم إلى جنيه غير النساء الفقيرات لتوفير لقمة العيش إلى عائلاتهن بمقابل زهيد.
فوائد صحية
وأكد المدير الزراعي محمد بن علي أن نبتة «الجلبانة» تتلاءم مع المناخ الطبيعي لتونس، حيث تتواجد في مختلف محافظات البلاد، مضيفاً أن المساحات المزروعة سنوياً منها تحتل حوالي 23 ألف هكتار، منها 70% مخصصة للاستهلاك الطازج والبقية تُعد لإنتاج الحبوب الجافة. وذكر أن محافظتي صفاقس والمهدية تعتبران من أبرز المناطق التي تُزرع فيها «الجلبانة»، ومع ذلك فإن مردودها في الهكتار ضعيفاً، ودون المستوى المطلوب.
وعن فوائد البازلاء الخضراء أو «الجلبانة»، توضح اختصاصية التغذية الدكتورة نادين العيساوي، أنها تُزوِّد الجسم بـ 8 فيتامينات و7 معادن، مثل الموليبدينيوم، المنغنيز، حمض الفوليك، النحاس، الفوسفور، حمض الترايبتوفين، والحديد، فضلاً عن الألياف الخشبية والبروتين والسكريات، وضبط السكر بالدم، والحماية من أمراض القلب والشرايين والسكتة الدماغية والحفاظ على صحة العظام. كما أنها تساعد في إنقاص الوزن، وتتميز بمذاق حلو يفضله الناس طازجاً وخصوصاً الأطفال.
