عدد اليوم
لكبيرة التونسي (أبوظبي)
عندما تستمتع بعرض الطيور الجارحة الشهير «جوارح الصحراء»، الذي تقدمه حديقة الحيوانات بالعين يومياً، حيث تبهرك الصقور والنسور والبوم والعقبان بسرعتها ومهارة صيدها وذكاء أدائها الفذ، فاعلم أن نجاح هذه العروض يخفي وراءه الكثير من الأسرار والجهد والصبر.
جواهر الشامسي وإبراهيم الحمادي ينقلان تجربتهما وأسرار هذه المهنة الممتعة، والتي تتطلب الكثير من الصبر والتفهم، وهما يؤكدان أن اكتسابهما للمهارات والخبرة على مدار سنوات العمل إلى جانب شغفهما وحبهما للطيور، جعلهما يتمكنان من فهم هذه الطيور وخلق صداقات قوية معها، ومن ثم تقديم عروض مشوقة للجمهور، لافتين إلى أن رسالتهما من هذه العروض تتمثل في الحفاظ على هذه الطيور المهمة لدورة الحياة في الطبيعة والتنوع البيولوجي، وهي الرسالة البيئية المنبثقة من استراتيجيات حديقة الحيوانات بالعين، حيث تسعى الحديقة إلى حماية الحياة البرية والحفاظ عليها ضمن أفضل الممارسات العالمية المتبعة.
شغف
جواهر الشامسي مشرف تدريب طيور في حديقة الحيوانات بالعين والتي بدأ اهتمامها بمختلف الحيوانات الأليفة مبكراً ومن بينها الطيور، أوضحت أن شغفها بهذا العالم منذ الطفولة ولم يتراجع بعد تخرجها في الجامعة، حيث تخصصت في إدارة الفعاليات السياحية من معهد الجاهلي للعلوم والتكنولوجيا، بل كان دافعاً إلى أن تكون أول وجهة لها للبحث عن الوظيفة في حديقة الحيوانات بالعين، لتكون قريبة من عالمها المحبب.. وقبلت التحدي ودخلت عالم تدريب الجوارح، مؤكدة أن الفضل يعود لإدارة حديقة الحيوانات بالعين في تدريبها وإكسابها مهارات جديدة وإعدادها لهذه المهمة بالصورة المطلوبة وهو ما دفعها إلى الاستفادة من ذلك، وخلق بداخلها تحدياً ورغبة في النجاح.
مغامرة
بعد خوض العديد من الدورات التدريبية، تمكنت الشامسي من المهنة، وبالعمل الفعلي اكتشفت أسرار الطيور وخبايا هذا العالم الذي يختلف من طير لآخر، حيث قالت: «في البداية اكتسبت ثقة الطيور بالتقرب منها والعناية بها وإطعامها وقضاء ساعات طويلة بالقرب منها لاكتساب ثقتها وبناء علاقة ودية معها، واعتمدنا أسلوب تعزيز السلوك الإيجابي للطيور من خلال مكافأتها بعد استجابتها للأداء المطلوب»، موضحة أن تدريب الطيور يتطلب عدة عناصر، أهمها الصبر والتفهم والمرونة في التعامل وفي الوقت نفسه الصرامة، كما أن الفترة الخاصة التي يقضيها المدرب مع الطير تعزز العلاقة بينهما، وتؤدي إلى روابط وثقة ومكانة خاصة، مؤكدة أن من يقترب من الطيور يكتشف ذكاءها ويفهم سلوكها، فضلاً عن مدى غرائب عالمها.
الصبر
إبراهيم عبدالله الحمادي مدرب أول في قسم تدريب الطيور في حديقة الحيوانات بالعين، والذي مارس هذه المهنة منذ سنة 2008 أكد أنه تعلم وامتلك خبرة واسعة في تدريب الصقور، وعندما انضم إلى الحديقة سنة 2010 كان عليه خوض تجربة جديدة، فاقتحم تدريب الطيور الجارحة. إلى ذلك قال الحمادي: «وفرت الحديقة الدورات التدريبية، مما جعلني أتمكن من التعامل مع مختلف أنواع الطيور وشخصياتها وما تحبه وما تكرهه، لا سيما أن الطيور في الحديقة تختلف عن طيور القنص».
تدريب
وعن آلية تدريب الطيور أشار إلى أن ذلك يتم عبر أسلوب التعزيز الإيجابي للسلوك، أي إذا أدى الطير الفقرة بالشكل المطلوب يمنح مكافأة، مؤكداً أن العملية تتطلب الكثير من الصبر والتفهم، بحيث إن الطيور الجارحة وخاصة «العقبان» التي تعد من الطيور الشرسة جداً، ويتطلب التعامل معها الكثير من الصبر والتحمل للخروج بنتيجة جيدة، لا سيما أن العروض تتم أمام الجمهور وتتطلب الكثير من الحرص والذكاء.
مواقف
التعامل اليومي مع الطيور الجارحة ينتج عنه الكثير من المواقف، حيث قال الحمادي: «إن هناك أحداثاً كثيرة يذكر منها على سبيل المثال: عندما التحقت بالحديقة، كان هناك أحد النسور صعب المراس، ولم يتمكن أحد من التعامل معه، خضت المغامرة متسلحاً بخبرتي، وبدأت أدخل إلى قفصه وأشاركه المكان، وأطعمه بيدي وبعد أن اكتسبت ثقته أصبح من أفضل الطيور أداء أثناء العرض أمام الجمهور».
قبل العرض
لكي يكون الطائر حاضراً ذهنياً ومستعداً لتقديم أفضل عرض، يجب أن يكون مرتاحاً نفسياً ومزاجه جيداً، وهنا تقع المسؤولية على المدرب، بحيث يجب عليه فهم حالة الطير وشخصيته، حيث أوضح المدرب إبراهيم الحمادي أن هناك طيوراً ذكية يسهل تدريبها والتعامل معها، بينما هناك أخرى تتطلب الكثير من الوقت والتكرار لتعتاد على المطلوب منها، وتأدية العروض المطلوبة.
استعراض المهارات
يُقدم عرض الطيور الجارحة بشكل يومي في الحديقة، بالإضافة إلى أيام العطل الرسمية والأعياد وعطلة نهاية الأسبوع، وتتراوح مدة العرض بين 30 إلى 40 دقيقة، تعمل خلالها الصقور والنسور والبوم والعقبان والببغاء على استعراض مهاراتها من خلال المدرب، ويتم تقديم العرض في مدرج خاص يقع أمام بيت الطيور في الحديقة.. وفي كل مرة يشهد المدرج اكتظاظاً بالجمهور من إمارات الدولة كافة ومن مختلف الجنسيات والأعمار يأتون خصيصاً من أجل مشاهدة العرض المثير للطرافة والدهشة.
