الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

رواية «الجبانة» في جلسة بـ«بحر الثقافة»

رواية «الجبانة» في جلسة بـ«بحر الثقافة»
27 يناير 2023 20:23

فاطمة عطفة (أبوظبي)
كانت رواية «الجبانة»، تأليف شاركدي إمرة وترجمة نافع معلا، موضوع جلسة حوار في مؤسسة «بحر الثقافة»، بحضور الشيخة شيخة بنت محمد بن خالد آل نهيان، وأدارت الحوار الروائية مريم الغفلي. 
تدور أحداث الرواية في المجر، على ضفاف نهر الدانوب، وبطلتها امرأة مضطربة المشاعر ولأفكار والتصرفات المسيئة لها ولزوجها ولحياتها العقيمة.
والكاتب يعطي مفتاح عمله من البداية: حين استيقظت في الصباح، كان على الطاولة إناء من الورد الأصفر، وساعة يد، وكتاب بالفرنسية لمؤلف مجهول اسمه لامارك.
ومن نظرتها لهذه الأشياء تدرك أنها بلغت الثلاثين، وهذه هدايا من زوجها في عيد ميلادها، وهي بلا عمل ولا أطفال على رغم مرور تسع سنين على زواجها. ولكن الهدايا لا تعجبها، فالساعة أنتيكا، ولا تعرف عن الكاتب إلا أنه من المهتمين بقضايا الكائنات من العصور الغابرة، وهذا رمز آخر يوحي بأنها ليست امرأة من هذا العصر، أو أن زوجها يراها بهذه الصورة في زمن حافل بالعلم والعمل والمسؤوليات الإنسانية الكبرى، وبناء أسرة ذات علاقات ودية حميمة.
ونتابع أحداث الرواية فنرى أنها امرأة فاشلة لم تكمل دراستها في الطب، وقد تزوجت فناناً وفر لها كل ما تريد، ونحت لها تمثالاً أثار استياءها وتصفه بأنه «بقرة»، كما تصف زوجها بأنه «عديم الموهبة»، وقد جعلها عارية أمام أصدقائه ومعارفه حين يشاهدون هذا التمثال البغيض في نظرها. وهي لا تعمل غير الشراء والانطلاق بالسيارة على غير هدى بسرعة جنونية، وكأنها في حالة هروب دائم، لأنها جبانة وتمر بعلاقات عابرة بلا أية قيمة.
وتخبر زوجها بأنها ستزور أهلها، ولكنها تتخلى عن الزيارة وتنطلق بلا هدف، فتكتشف أن السيارة بحاجة إلى إصلاح. وقد تكون هذه أيضاً حادثة رمزية توحي بأن حياتها العبثية كلها بحاجة إلى إصلاح جذري.
وتصلح السيارة وتمضي فتلتقي مهندس ميكانيك، كانت تعرفه منذ أيام الدراسة، ويعلن لها أنه يحبها وسيتزوجها، وهما يحبان السباحة، ويقضيان وقتاً طويلاً في النهر. ثم يدعوها لزيارة المزرعة التي سيعمل فيها، إلا أن الزيارة لم تكن ناجحة لأنها لا تحب حياة العزلة في الريف، ولكنها تكتشف جمال حياة الأسرة حين دعاهم المهندس الزراعي للغداء في بيته وتعرفت إلى زوجته وأولاده.
وعلى الغداء حضر جميع العاملين في المزرعة وكأنهم أسرة اجتماعية واحدة، وهذا جو آخر لم تنسجم معه. وبعد عودتها إلى البيت تفاتح زوجها بالطلاق، لكنه يرفض ويقول لها: اذهبي وعيشي مدة كما يحلو لك، ولكنك ستعودين لأني لن أتخلى عنك ولا أوافق على الطلاق.
وتذهب إلى صديقها وتروي له ما حدث لها مع زوجها، ولكنه يراها مضطربة وتتصرف في المطعم تصرفات طائشة، فيدفع الحساب ويخرج بها تاركاً الطعام، ويقترح أن يذهبا للسينما عسى أن تهدأ فترفض، ثم توافق بعد حين. وعندما يقف في الصف لأخذ التذاكر، تتركه وتهيم على وجهها ثم تعود فتصادف أحد أصدقاء العائلة وتواصل حياتها الطائشة، وتنهي الرواية وهي تنظر إلى خيوط السجادة التي رسمت بإصبعها فوقها خطوطاً عشوائية كحياتها وتقول: إن ما أراه أمامي الآن سيبقى على الدوام هكذا، كما هو عليه، إلى أن أصبح عجوزاً وأموت.
والرواية توحي بدروس كثيرة، يتركها الكاتب مفتوحة أمام كل قارئ، والدرس الأساسي المهم هو بناء الأسرة، ولكن المدينة في الغرب فقدت تلك العلاقة الحميمة، وبقي الريف هو الملاذ الآمن، والحياة الزراعية وحدها حاضنة الأسرة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©