الجمعة 17 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«المصمم الإماراتي».. وسردية الانتماء لذاكرة الإبداع المجتمعية

جانب من الأعمال المشاركة في «معرض المصمم الإماراتي»
10 نوفمبر 2022 23:39

نوف الموسى (دبي)
تاريخية البحث عن المصدر الرئيسي للتشكلات البصرية الإبداعية، في المساحات عبر التجربة الإنسانية، تناولت الكثير من الموضوعات الرئيسية حول فعل مفهوم «التصميم»، باعتباره ذكاء متفرداً بذاته، في قدرته على الربط بين الأشياء وبناء السياقات الضمنية من حولها، لإعطاء ما يشبه المعنى والحاجة لوجود الأشياء وتطورها، نحو مسارات ابتكارية لا متناهية، محدثاً تفاعلاً مباشراً وحياً في الطريقة التي ينظر بها البشر إزاء أفكارهم ومشاعرهم ورؤاهم حول ما يبني سلوكياتهم وأفعالهم اليومية، ولذا فإن الاهتمام بالموارد الطبيعية في البيئة المحلية، بالنسبة للمصممين الإماراتيين المشاركين في «معرض المصمم الإماراتي» خلال فعاليات «أسبوع دبي للتصميم»، شكل نقاشاً جوهرياً في كيفية إدراك قيمة السردية المجتمعية في الثقافة الإماراتية ودورها في بناء هوية التصميم المحلية، وبالتالي تعميق الارتباط بالمكان والمساحات والأرض في كونها تمتلك خصائصها المستدامة التي بطبيعتها تحفظ الحياة البيئية، وتطور المخيلة الإبداعية، فلا يُمكن بشكل ما، أن تُبنى الأبنية والمنازل والحدائق والشوارع العامة والمدارس والمحال التجارية، دونما قراءة مشهدية لكيفية تفاعل الإنسان الأول مع البيئة الطبيعية، وتطويرها إلى لغة حضارية، تؤثر في الإنسان ويؤثر فيها، وصولاً إلى علاقة قائمة على التوازن.

فلسفة جمالية
وفي حوار «الاتحاد» مع المشاركين في «معرض المصمم الإماراتي»، أوضحوا أن «التصميم» يمثل فلسفة جمالية لمفهوم التواصل للعناصر التي هي في الأصل متصلة، حيث يأتي المصمم، ليضعها في اعتبارات تنسجم مع التجارب الحسية للأشخاص، وتحدث لهم شيئاً يمكن أن نسيمه أُلفة المساحة، أي يجعلها حيّة وقادرة على أن تتحدث.
وشاركت المصممة آمنة الشامسي، بمشروع طاولة مقسمة إلى سبعة أجزاء منفصلة تتجمع سوياً، لإعطاء الشكل النهائي، حيث يُمكن للمستفيد أن يحركها وفق المساحة واحتياجاته الشخصية، وتمتلك الطاولة خاصية المرونة وقابلية التغير المستمر.

  • جانب من أعمال المصممة آمنة الشامسي
    جانب من أعمال المصممة آمنة الشامسي

وأوضحت آمنة الشامسي أنها استلهمت مشروع الطاولة من البيوت الإماراتية القديمة في حيّ الفهيدي التاريخي، وتحديداً تلك المساحات الجانبية بين «السكيك» التي تعكس التقارب العميق بين أُناسها، وتعيدنا إلى الحوارات المفتوحة بين الناس، وتوحي بمدى التعاضد والتكاتف المجتمعي، موضحة كيف أن هناك أشخاصاً أزعجتهم فكرة تفكيك الطاولة، معتبرة أن المسألة في النهاية وجهات نظر وأذواق، إلا أنها تحمل جانباً مهماً في المكونات المجتمعية، التي تحاكي تردد الناس من الفكرة المغايرة، وميولهم أكثر للثبات. وبالنسبة للمصمم فإن مسألة النقد ضرورية، لإدراك مجالات التطوير، وفهم الطبيعة المجتمعية واحتياجاتها للمساهمة في بناء مساحات تضمن للأشخاص تجربة جديدة وآمنة. 

حالة إبداعية
وتهتم المصممة زينب البلوكي، في دراسة تاريخية بالاستخدام المستدام للبيئة الطبيعية في دولة الإمارات، وخاصة أن جدها عمل في مجال صناعة الحبال قديماً، ففي مشروعها «كمبار»، (مسمى يطلق على الحبال الغليظة المستخدمة في مجال صناعة السفن)، أنجزت طقماً من طاولة جانبية للقهوة يتضمن مقعداً لإراحة القدمين، مصنوعة من خشب الساج الصلب المتين، وقالت لـ«الاتحاد»: «حاولت أن أحيي قصصاً من الموروث الثقافي الإماراتي، عندما كنت أعمل على تصميم القطعة في البيت، كانت والدتي طوال الوقت تتأمل عملي وتتذكر جدي، وتسرد لي حكايا عنه، هذه اللحظة تماماً، هي التي أود ترسيخها في كل بيت في الإمارات، أن تتحول القطعة الفنية بهويتها المحلية، حالة من الاتصال الدائم، هي ذاكرة من الانتماء، ومسيرة عامرة بالمرويات الشعبية، التي تفتح دائماً حوارات في داخل البيت بين الأسرة الواحدة، وأعتقد أن جمالية الحالة الإبداعية، تكمن في قدرتها على مشاركة الآخرين، وإحداث الاستمرارية». 

  • جانب من عمل «نور على نور» لرائدة الأعمال نورة المبارك
    جانب من عمل «نور على نور» لرائدة الأعمال نورة المبارك

نور على نور
أما نورة المبارك، وهي رائدة أعمال في مجال التصميم، فقد قدمت منحوتة بعنوان «نور على نور»، المُستلهمة من نص ديني، مبينة أنها تتخيل وصف النور بمثابته إضاءة بمقدورها أن تنير مساحات واسعة، وأرادت أن تجسد هذا الشعور لحالة الإضاءة بشكل أكبر، فعمدت إلى إنجاز عمل، يمثل في النهار منحوتة فنية، وفي الليل يملك قابلية الإنارة وسط الفضاء الداخلي للمساحات، مشيرة إلى أنها تسعى في مجال عملها لتوفير أكبر فرصة ممكنة للتعاون بين مصممين ومنفذين مبدعين، يترجمون أفكارها إلى أعمال تصميمية، مبينةً أن تصميم «الضوء» يمثل عنصراً رفيعاً قادراً على أن يربط الإنسان بنفسه، فما تحمله منحوتة «نور على نور» عند مشاركتها للأفراد في الفضاء الشخصي، أنها تملأ الفضاء المظلم بسعة مضيئة تهيئنا للعودة إلى الهدوء والانسجام مع ذواتنا، وهنا تماماً تبرز قيمة التصميم في التجربة الإنسانية. 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©