الأربعاء 15 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

نظيفة محمد: اغتراب المثقفين رصد للهويات الهاربة

نظيفة محمد
1 يناير 2022 00:03

محمود إسماعيل بدر (عمّان)

كانت رواية «رجال الحظ» بالنسبة للكاتبة الصومالية نظيفة محمد الضّو، ضربة حظها لعام 2021، فقد كانت واحدة من 6 روايات تضمنتها القائمة القصيرة لجائزة مان بوكر البريطانية، لتصبح بذلك أول كاتبة صومالية بريطانية تصل إلى القائمة النهائية، وكانت نظيفة قد نشرت روايتها الأولى بعنوان «ولد مامبا الأسود» عن رحلة أبيها الشّاقة من شرق أفريقيا إلى أوروبا في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، ثم أتبعتها برواية «حديقة الأرواح الضائعة» دوّنت فيها حيوات 3 نساء صوماليات على أعتاب الحرب الأهلية. 

خذلان وعزلة 
تقول نظيفة محمد التي وصلت بريطانيا مطلع الثمانينيات، وعاشت جانباً من تصاعد العنف العنصري في وطنها الأصلي «لقد سبّب لي ذلك شعوراً بالخذلان والعزلة التي يشعر بها الأجنبي، وهو ما ينسحب على نخبة كبيرة من المثقفين الأفارقة، حيث الإحساس الدائم بالعيش في بيئة غير آمنة، بيئة لا قيمة لك فيها»، والرواية تتحدث عن سجن وإعدام محمود متّان، وهو بحار صومالي، وكان آخر رجل يشنق في سجن كارديف، حيث أدت الأدلة المفبركة وشهود الزور والشرطة العنصرية إلى إدانته، مثيرة قضيتي الظلم العنصري والانصهار الثقافي في مدينة كارديف في خمسينيات القرن العشرين.
عن اهتمامها بموضوعات تتمثل الظلم العنصري والبحث عن الهويات الهاربة في أعمالها، تقول «كنت دائماً أرى هذا الجانب من الوضع سواء في بلدي أو هنا في إنجلترا، وهذا بالضبط ما جعلني أستلّ ثيمات مواضيعي من واقع معاش، بوصفي امرأة سوداء، وأن خطاب الكراهية والعنف الفكري ما زال مسيطراً على العالم، كل هذه المشاعر تحيط بي كالسّوار، لكنها في ذات الوقت تمكنني من التقاط الصورة والقوة التعبيرية، حيث تكمن وحيث لا تكمن».  نظيفة محمد، خريجة جامعة أكسفورد، ترى أن «الكتابة هي منفذها الوحيد لمناهضة كل ما هو متطرف، بل يمنحها الحياة لكي تكتب وتناضل بالكلمة، فالكتابة كما تقول: تعيدني إلى الحياة، وحين أكتب أشعر كما لو أنني أحيا»، وتضيف «إنني شديدة المقاومة للطريقة التي تتعامل بها النساء في مجتمع الصومال وقوانينها، حيث أنهن مواطنات من الدرجة الثانية، وذلك أمر يقلقني، وأشعر أنني ملزمة ككاتبة بأن أقول إنني لست مخطئة في هذا التّصوّر، لكن البحث عن العدالة الاجتماعية والإنسانية أهم بكثير أن تكون محبوباً على حساب القضايا الجوهرية، سواء هنا أو هناك».

متناقضات مجتمع
جاءت نظيفة محمد إلى بريطانيا وعمرها 4 سنوات، حاملة على كاهلها كل متناقضات مجتمعها الصومالي وفي مقدمتها الحرب الأهلية، التي حصدت الأرواح البريئة، ومعها شتات لا تعرف مصيره، عن ذلك وحياتها الجديدة في بلد الاغتراب تقول «تركت ماضياً صعباً ومؤلماً إلى حاضر لا يرحب بك كثيراً، وكنت بحاجة إلى مزيد من الوقت للشعور بالحميمية لكي تنمو في بلد لا تظهر في سمائه الشمس كثيراً، لقد اختفت الصومال عن أعيننا، ولا تعود إلا من خلال التلفاز، في صور مقلقة من الجوع والمرض والفوضى والعنف، وقد أدركت بعداً أن القتل الذي يحدث في روايتي (رجال الحظ)، شبيه بما أراه على الشاشات».  وتختتم نظيفة حديثها بالتعليق على وصولها إلى البوكر العالمية، بقولها «هذا يعني لي الكثير، أن روايتي منحت هذه الحياة الإضافية، هذا الجمهور العالمي من القراء، وأيضا أن هناك اهتماما أكبر سيتجه إلى ما يحدث في موضوعية أن يكون الناس ضحايا للظلم القصدي والتحيز العنصري، وفي تقديري أن ما حققته الرواية بالنسبة لذلك هو إنجاز كبير لموضوعات وأفكار تكشف المستور عن خراب نظم العدالة عالمياً، وعن مغريات الصمت على فشل الديموقراطيات الزائفة».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©