الأربعاء 15 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الإمارات تقود سوق الطاقة منخفضة الكربون

الإمارات تقود سوق الطاقة منخفضة الكربون
27 يونيو 2021 01:10

حسام عبدالنبي (دبي)

تمتلك دولة الإمارات مزايا تنافسية ومقومات تؤهلها لإنتاج الطاقة منخفضة الكربون، ومن ثم أخذ دور الريادة في السباق العالمي نحو الانبعاثات الصفرية وتسريع التحوّل إلى اقتصاد منخفض الكربون، حسب خبراء في مجال الاستدامة. وأكد هؤلاء لـ «الاتحاد» أنه مع تنامي الطلب على الطاقة منخفضة الكربون وذات الكفاءة من حيث التكلفة، فإن دولة الإمارات تمتلك ميزة تنافسية مهمة من خلال التركيز على إنتاج الطاقة منخفضة الكربون. وذكروا أن فرض الاتحاد الأوروبي ضريبة على انبعاثات الكربون المرتبطة بالمنتجات المستوردة يشكل فرصة وميزة تنافسية لمنتجي النفط في دول مجلس التعاون الخليجي لكسب حصة سوقية في سوق الاتحاد الأوروبي، لأن منتجاتهم النفطية ستخضع لضرائب أقل مقارنة بالعديد من موردي الوقود الآخرين، لافتين إلى أن «خام مربان» الذي تنتجه دولة الإمارات يعد واحداً من أقل خامات النفط في انبعاثات الكربون عالمياً، حيث تقل كثافة الكربون فيه عن نصف المتوسط العالمي للقطاع، وهذا يحقق ميزة مزدوجة بالنسبة لدولة الإمارات تتمثل في انخفاض التكلفة وانخفاض الانبعاثات.

  • محمد سلامة
    محمد سلامة

يرى محمد سلامة، الرئيس الإقليمي للخدمات المصرفية التجارية والمؤسسية للشركات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لدى بنك ستاندرد تشارترد، أن التحوّل إلى انبعاثات صافية صفرية بات أولوية غير قابلة للتفاوض لكل من الحكومات والمنظمات على حدّ سواء.
وقال إنه لكي تحقّق المنطقة مستقبلاً مستداماً، يجب أن يتم بذل الكثير من الجهود الحثيثة الهادفة، مؤكداً أن من أبرز النواحي المشرقة التي نشهدها في هذا المجال، الريادة التي تظهرها الكثير من الدوَل لمعالجة هذه الأزمة الملحّة، وأهمها إدخال دولة الإمارات الأطر والابتكارات المدفوعة بالاستدامة في المنطقة، ومنها مدينة مصدر، ومجمّع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، أكبر مجمع للطاقة الشمسية في العالم.  وذكر سلامة، أنه لدى الشركات فرصة مهمة كي تسرّع أهدافها نحو انبعاثات صافية صفرية في الوقت الذي نبدأ فيه الخروج من التداعيات المباشرة لجائحة «كوفيد-19». وأوضح أن جائحة «كوفيد-19» شكّلت جرس إنذار للتّهديدات الناجمة عن تأثير البشرية على الطبيعة، ولمدى ضرورة دمج هذه التهديدات في عمليات إدارة المخاطر لدى الشركات.
وأضاف أن هذا الأمر كان هو السبب وراء إيلاء البنوك والمؤسسات المالية مزيداً من الاهتمام للمخاطر التي يحدثها التقاعس عن اتخاذ الإجراءات الضرورية حول التغيّر المناخي، منبهاً أن البنوك والمؤسسات المالية تعد في وضع يمكّنها من لعب دور رئيسي في تسريع التحوّل إلى اقتصاد منخفض الكربون، وذلك عن طريق تمويل الأنشطة التي تتوافق مع اتفاقية باريس.

وأشار سلامة، إلى أن تحدّي الانبعاثات الصافية الصفرية يظهر بشكل جليّ في منطقة إفريقيا والشرق الأوسط، كونهما من بين أكثر المناطق المعرّضة للتغيّر المناخي، والأكثر حاجة إلى التمويل من أجل ضمان مواصلة التنمية الاقتصادية خلال معالجة أزمة المناخ.
وقال إنه وفقاً لدراسة حديثة لستاندرد تشارترد، فإن الشركات في الشرق الأوسط هي أقل دعمًا لاتفاقية باريس، حيث تدعم 35 % منها أهداف الاتفاقية بالكامل، ولتحقيق هذا التحوّل، تتطلّب أكثر من نصف الشركات مستويات عالية من الاستثمار، محدداً التحدّي الرئيسي للشركات في الشرق الأوسط، في التأثير الاقتصادي لـ «كوفيد-19»، إذ يلعب هذا الأمر دوراً أساسياً في تأخير عمليات التحوّل إلى انبعاثات صافية صفرية.
وأشار إلى أنه من جهة أخرى، أفاد قادة الأعمال في المنطقة أنهم يتطلّعون إلى تأجيل اتخاذ أي إجراءات مهمة إلى ما بعد عام 2030، وقال حوالي 20 % منهم إن شركاتهم سوف تحقّق أكبر معدّل تقدّم بين عامي 2030 و2040، فيما أفادت نسبة 40 % إنهم سيتّخذون معظم الإجراءات بين عامَي 2040 و2050، لافتاً إلى أنه رغم أن هذه الأرقام مقلقة، كون التأخّر في تحوّل الطاقة يترك المنطقة في خطر تضييع اتفاقية باريس، إلّا أنه لا يزال هناك متّسع من الوقت لاجتياز خط النهاية.

حوافز وسياسات
وأفاد سلامة، بأن التغلّب على بعض التحدّيات المرتبطة بالوصول إلى انبعاثات صافية صفرية، يتطلب وضع مجموعة من الحوافز والسياسات مثل سياسة «ضريبة الكربون» العالمية وإدخال أطر قياس موحّدة، بما يجعل الانبعاثات الصافية الصفرية أكثر جدوى من الناحية التجارية.
وقال إن المؤسسات لكي تحقق طموحها بانبعاثات صافية صفرية، سوف تضطرّ إلى تكييف أهداف تحوّل الطاقة وتضمينها في نموذج التشغيل والحمض النووي الخاص بالشركة، منوهاً أن ذلك يتطلّب المساءلة والالتزام عبر إعطاء الأولوية للشفافية والتوجّه نحو الحلول القائمة على الابتكار، لأنها تخدم الاقتصادات والعالم في النهاية.
وطالب سلامة، البنوك والمؤسسات المالية، بشكل خاص، بلعب دوراً فعّالاً في تمويل قدرة البلدان النامية على نشر الحلول المستدامة، وسدّ فجوة التمويل عبر استخدام نماذج التمويل المبتكرة، مثل التمويل المختلط، كأدوات رئيسية لتحفيز مساهمة القطاع الخاص.
وبين أن فوائد التمويل المختلط تكمن في أنه يسمح بتوجيه رأس مال القطاع الخاص نحو المشاريع التي تعود بالنفع على المجتمع، كما أنه يوفّر فرصة قيّمة كونه يجذب مشاركة الصناديق الخيرية عبر ملفها متعدّد الطبقات، مشيراً إلى أن التمويل قصير الأجل لن يكون كافياً بالكامل، وذلك على الرّغم من ضرورته، ولذا يجب على البنوك والمؤسسات المالية دمج الاعتبارات المستدامة في جميع استراتيجيات النموّ طويلة الأجل الخاصة بها، والقيام بدور عملي في تسهيل المشاريع المستدامة.
وشدد سلامة، على أن التحوّل الناجح إلى الانبعاثات الصافية الصفرية يجب أن يكون عادلاً ولا يتخلى عن أي دولة أو منطقة أو مجتمع، وعلى الرغم من العقبات، يجب أن يكون العمل سريعاً، مختتماً بالتأكيد على أنه لتحقيق أهداف عام 2050، علينا أن نتصرّف الآن، وأن تتعاون الشركات والمستهلكون والحكومات والهيئات التنظيمية وقطاع التمويل لتطوير حلول وتقنيات وبنية تحتية مستدامة.

  • ليلى بنعلي
    ليلى بنعلي

نمو الصادرات
ومن جانبها ترى الدكتورة ليلى بنعلي، كبير الخبراء الاقتصاديين ورئيس قسم الاستراتيجية واقتصاديات الطاقة والاستدامة في «ابيكورب» أن وجود عدد كبير من الدول المنتجة للطاقة منخفضة التكلفة والانبعاثات الكربونية يتيح فرصاً مهمة لنمو الصادرات بعد انحسار جائحة فيروس كورونا، وبالأخص للدول المنتجة الذين استثمروا بشكل استباقي في التقنيات المتطورة، حيث يمكن أن ترسخ مكانتها في مصاف المصدّرين منخفضي التكلفة للهيدروجين الأزرق والأخضر، مما يمنحهما أفضلية في الاستفادة من الفرص التي تحملها عملية التحول في مجال الطاقة والتغيير في سلاسل القيمة العالمية.

  • مايكل ماك أدو
    مايكل ماك أدو

ضريبة الكربون
قال مايكل ماك أدو، شريك ومدير مساعد لدى بوسطن كونسلتينج جروب الشرق الأوسط، إن بحث أجرته الشركة خلُص إلى أن فرض الاتحاد الأوروبي ضريبة على انبعاثات الكربون المرتبطة بالمنتجات المستوردة من شأنه أن يخفض أرباح الموردين الأجانب للنفط والصلب والسلع الأخرى التي تؤدي إلى زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة. 
وذكر أن تلك الضريبة قد تشكل فرصة وميزة تنافسية لمنتجي النفط في دول مجلس التعاون الخليجي لكسب حصة سوقية في سوق الاتحاد الأوروبي، لأن منتجاتهم النفطية ستخضع لضرائب أقل مقارنة بالعديد من موردي الوقود الآخرين، مما قد يترك أثره في النهاية على قرارات دول الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بآلية استيراد هذا النوع من المنتجات بالإضافة إلى أثره على العلاقات التجارية، منبهاً إلى ضرورة أن تباشر شركات دول مجلس التعاون الخليجي بإدارة آثارها الكربونية بشكل سريع مع التركيز على مراعاة المزيد من سياسات إزالة الكربون. وأوضح أدو، أن فرض الاتحاد الأوروبي «ضريبة الكربون» على المنتجات المستوردة يمكن أن يعيد صياغة شروط ومفاهيم الميزات التنافسية في السوق الأوروبي، أحد أكبر الأسواق في العالم، مفسراً ذلك بأنه من الممكن بعد تطبيق الضريبة أن تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط الخام الروسي، على سبيل المثال، ومن ثم توجه منتجي المواد الكيميائية الأوروبيين نحو الدول الخليجية لاستيراد المزيد، حيث تساهم طرق الاستخراج في تقليل انبعاثات غازات الكربون في هذه المنتجات، وبالتالي يمكن فرض ضرائب عليها بمعدل أقل من المنتجات التي يتم استيرادها من المنتجين الروس.

 

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©