الخميس 2 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن

ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن
28 ابريل 2022 02:00

يعد شهر رمضان مدرسة في الصبر، وكظم الغيظ، والتلطف مع عباد الله، والإحسان إليهم، والتواضع والتودد، وإطابة الكلام ولينه، دعانا الإسلام إلى التسامح ومقابلة الإساءة بالإحسان، فثواب العفو والصفح كبير وعظيم في الدنيا وفي الآخرة، كما دعانا ديننا الإسلامي إلى الدفع بالتي هي أحسن، ويقول الله عز وجل: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ}، وأراد الله تعالى لعباده أن يكونوا متحابين ليتعاونوا على طاعته، وعمارة أرضه، فدعاهم إلى العفو والصفح عما يقع من بعضهم من هفوات وزلات، فقال سبحانه: (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا)، وحثنا على مقابلة الإساءة بالإحسان تعزيزاً للمحبة والتآلف بين القلوب فقَالَ صلى الله عليه وسلم: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)، فمَنْ أَسَاءَ إِلَيْكَ فَادْفَعْهُ عَنْكَ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ، فإن في هذا إبطال لمكائد الشيطان في إيقاع العداوة والبغضاء بين الناس، قال: (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا).
وجدير بالمسلم أن ينتقي أفضل العبارات وأحسنها، وأن يكظم غيظه ليكون من المحسنين، كما قال رب العالمين: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)، وقَالَ صلى الله عليه وسلم 
: «مَنْ كَظَمَ غَيظاً، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أنْ يُنْفِذَهُ، دَعَاهُ اللَّهُ سُبحَانَهُ عَلَى رُؤُوسِ الخَلاَئِقِ يَومَ القِيامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ مَا شَاءَ»، فمن التزم بذلك نال أجره مضاعفاً مرتين كما قال سبحانه: (أُوْلَٰئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُواْ وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ).
ولضبط النفس حال الغضب آثار حميدة في الدنيا والآخرة، فقد قال الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ -رحمه الله-: «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ عَصَمَهُ اللَّهُ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَحَرَّمَهُ عَلَى النَّارِ: مَنْ مَلَكَ نَفْسَهُ عِنْدَ الرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ، وَالشَّهْوَةِ وَالْغَضَبِ. وَهَذِهِ الأَرْبَعُ هِيَ مَبْدَأُ الشَّرِّ كُلِّهِ»، وفي الحديث: أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَوْصِنِي. قَالَ: «لاَ تَغْضَبْ». فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: «لاَ تَغْضَبْ».
وكظم الغيظ شيء جميل، وأجمل منه العفو وهو ترك المعاتبة والمحاسبة، وأعلى من العفو الصفح وهو سلامة القلب من كل ضغينة، قال تعالى: (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ)، والصيام يساعد المؤمن في الالتزام بهذا الخلق العظيم، لئلا ينتقص من ثواب صيامه، قال صلى الله عليه وسلم: «وإذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولَا يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ»، فما أجمله من ردٍّ! وما أعظمه من جواب! ولا شك أن لتعزيز هذه القيم أثر كبير في تقوية المجتمع وتلاحمه، ونشر المحبة بين أفراده.

 أعمالٌ تُدْخِلُ الجَنَّةَ
وعد الله عباده الصالحين بجنته، قال الله سبحانه وتعالى: (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ)، «سورة غافر: الآية 40» أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بأعمال وأبواب خير لو تحلَّى به المسلم، كانت سببا في رضا الله ودخول الجنة ومنها حفظ الجوارح عن المحرمات، والعمل الصالح، ورأس كل شيء الإيمان بالله وحده لا شريك له، والصلوات الخمس، وضرورة الالتزام بها وأدائها كما شرع الله ورسوله، فذلك مما يدخل الجنة.
وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، رضي الله عنه: أَنَّ أَعْرَابِيّاً، جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَائِرَ الرَّأْسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصَّلاَةِ؟، فَقَالَ: ‏«الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئاً»‏‏.‏ فَقَالَ أَخْبِرْنِي مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصِّيَامِ؟، فَقَالَ: «شَهْرَ رَمَضَانَ، إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئاً»‏‏.‏ فَقَالَ: أَخْبِرْنِي بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَىَّ مِنَ الزَّكَاةِ؟، فَقَالَ: فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَرَائِعَ الإِسْلاَمِ‏.‏ قَالَ وَالَّذِي أَكْرَمَكَ لاَ أَتَطَوَّعُ شَيْئاً، وَلاَ أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ شَيْئا‏ً.‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ، أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ إِنْ صَدَقَ»، (صحيح البخاري، 1792).
ذكرت الآية أن الإيمان إذا اقترن بالأعمال الصالحة، فإنه سبب لدخول الجنة، ثم بيّنَ النبي صلى الله عليه وسلم ما هو واجب من تلك الأعمال، فذكر الشهادتين والصلاة والصوم والزكاة والحجة لمن استطاع، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم راح يؤكد ذلك فأشار إلى فضائل تلك الأعمال، وأن المحافظة عليها سبب من أسباب دخول الجنة.
ومن الأعمال التي تدخل الجنة: التقرب إلى الله تعالى بأسمائه وصفاته، فقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْماً مِائَةً إِلَّا وَاحِداً، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ»، (صحيح البخاري، 5964).
وإحصاء تلك الأسماء بالمعرفة والمعاملة يقود المسلم إلى استشعار لذة المناجاة والاستغفار، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «سَيِّدَ الاِسْتِغْفَارِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَبُوءُ لك بِنِعْمَتِكَ وَأَبُوءُ  لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، أَعُوذُ بِكَ من شَرِّ ما صَنَعْتُ. إذا قال حين يُمسِي فَمَاتَ دخل الْجَنَّةَ أو كان من أَهْلِ الْجَنَّةِ، وإذا قال حين يُصْبحُ فَمَاتَ من يَوْمِهِ مثله»، (صحيح البخاري 6323).
ومن أسباب دخول الجنة: الصبر على المصائب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ مَاتَ لَهُ ثَلَاثَةّ مِنَ الوَلَدِ، لَمْ يَبْلُغُوا الحِنْثَ، كَانَ لَهُ حِجَابَاً مِنَ النَّارِ، أَوْ: دَخَلَ الجَنَّةَ»، (صحيح البخاري، قبل 1315).

العَجَلة مِن الشَّيطان
عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأشجِّ -أشجِّ عبد القيس-»: إنَّ فيك خصلتين يحبُّهما الله: الحِلْم، والأناة، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: التَّأنِّي مِن الله، والعَجَلة مِن الشَّيطان، وعن سعد بن أبي وقَّاص رضي الله عنه أنَّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التُّؤدة في كلِّ شيء خيرٌ إلَّا في عمل الآخرة».

فتوى
أفضل الصدقات في شهر رمضان 
أجاب المركز الرسمي للإفتاء بالتالي: الصدقة في رمضان من أفضل الصدقات، لأنَّ أجر العمل الصالح يعظم بعظم زمانه، ومن أفضل الصدقة فيه إطعام الطعام، سواء كان عن طريق إفطار الصائمين به، أو دفعه للمحتاجين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : «من فطر صائمًا كان له مثل أجره، غير أنَّه لا ينقص من أجر الصائم شيئًا» (رواه الترمذي وصححه). وقوله  صلى الله عليه وسلم : «‌أطعموا ‌الطعام، ‌وأفشوا السلام، تورثوا الجنان» (رواه الطبراني)، وفي ظل الظروف الراهنة: ننصح بإفطار الصائمين ودفع الصدقات للمحتاجين عن طريق الجهات الخيرية المعتمدة في الدولة.

قطوف
قال سيدنا أبو بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه: الجُود حارس الأعراض، وسُئِل الحسن عن حُسْن الخُلُق، فقال: الكَرَم، والبَذْلة، والاحتمال، وقال جعفر بن محمَّد الصَّادق: إنَّ لله وجوهًا مِن خلقه، خلقهم لقضاء حوائج عباده، يرون الجُود مجدًا، والإفضال مغنمًا، والله يحبُّ مكارم الأخلاق، وقال بكر بن محمَّد العابد: ينبغي أن يكون المؤمن مِن السَّخاء هكذا، وحثا بيديه، وقال بعض الحكماء، أصل المحاسن كلِّها الكَرَمُ، وأصل الكَرَم نزاهةُ النَّفس عن الحرام، وسخاؤها بما تملك على الخاص والعام، وجميع خصال الخير مِن فروعه.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©