السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

تهاني الجبالي لـ"الاتحاد": مصر بلا أحزاب حقيقية

تهاني الجبالي لـ"الاتحاد": مصر بلا أحزاب حقيقية
22 أكتوبر 2015 18:08

أجرت الحوار هناء عبد الفتاح   ترفض الاعتراف بضعف إقبال الشعب المصري على صناديق الانتخاب وترى أن كل هذه شائعات يروجها متآمرون على الوطن داخلياً وخارجياً. وتؤكد أن إجراء الانتخابات في هذا التوقيت خطوة غير صحيحة ولو كان هناك وعي حقيقي داخل الوسط السياسي المصري، لما تمت هذه الانتخابات إلا بعد عام من انتخاب المحليات.

تأسف على إعلام مصري اعتبرت معظمه "متآمرا" وعلى حياة سياسية تحتاج إعادة هيكلة حقيقية.

في الحوار التالي، تطرح المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا سابقا بمصر التي تقود "التحالف الجمهوري والقوى الإجتماعية " في الانتخابات، رؤيتها حول إجراء الانتخابات البرلمانية بهذا الشكل ورؤيتها حول شكل البرلمان القادم وقوامه:

 هل ترين مشهد الانتخابات عبثيا بالفعل كما تم تغطيته إعلامياً؟

لا أراه كذلك وأتصور أن هذه المعلومات غير مدققة وينشرها إعلام معظمه متآمر وموجه ضد مصر، ليس بالضرورة أن تكون كل صورة منشورة على "السوشيال ميديا" أو الصحف الورقية أو الإلكترونية صحيحة. بعض الصحف متآمرة وملك للإخوان ولا يجب علينا أن نصدقها عندما تنشر مثل هذه الأخبار. وغيرها كثير وكثير من وسائل الإعلام المشتركة في مؤامرة تخترق مصر من جميع الجبهات وتهدف إلى التشكيك في العملية الانتخابية والطعن في صحتها وقيمتها وتصوير المشهد على أن الشعب المصري تجاهلها. علينا أن لا نسلم بلدنا للأعداء بأن لا نسلم بصدق تلك الإشاعات.

 هل هذا يعني أن محاولات توضيح أوجه القصور في سير العملية الانتخابية لا تخرج إلا من مشارك في المؤامرة على الوطن؟

بالطبع لا. لكن لا يوجد انتخابات في العالم كله تُقيم من اليوم الأول ويتم التعليق عليها ساعة بساعة. فغير مقبول أن يتم تصوير اللجان قبل تدفق الناس لتوصيل رسائل أنها فارغة وأن الإقبال ضعيف أو منعدم. الانتخابات في أي دولة محترمة مثل مصر تُقيم بعد انتهائها وحصر الأصوات الصحيحة والباطلة ونسبة الحضور ونسبة الغياب لمعرفة حجم التصويت الذي تم سواء في المرحلة الأولى أو في الإعادة. هذا هو التقييم الموضوع. كل وسائل الإعلام التي غطت العملية الانتخابية فى إطار خارج إطار الموضوعية هي في الواقع إما مغيبة ولا تفهم شيئا عن المهنية أو متآمرة على الوطن. من قال إن في مصر صحافة وطنية ؟؟ .. لدينا علامة استفهام كبيرة على أمور كثيرة في البلد ويؤسفني أن أقول ذلك فعلا.

هل ترين أن النماذج التي رشحت نفسها للجلوس تحت قبة البرلمان هي نماذج على مستوى طموح الشعب المصري بعد ثورتين متتاليتين ؟

الفيصل في تقييم ذلك هو البحث بين من ترشحوا عن الذي كان لديه رؤية حقيقية أو قدم مشروعا حقيقيا يضمن مرور هذا الحدث السياسي الهام بأفضل شكل ممكن في ظل الظروف غير المستقرة الصعبة الراهنة. أنا الوحيدة من بين الحركات السياسية جميعها التي طالبت من خلال التحالف الذي أقوده بأن لا تجري الانتخابات البرلمانية إلا بعد انتخابات المحليات بعام. وقلت لابد أن نتمهل وأن يكون هناك مرحلة تحضيرية وتهيئة للبيئة السياسية الحاضنة للتطور المأمول. ومن لم يتبنى هذا الفكر ودعا للاستعجال هو بكل تأكيد ليس على مستوى طموح الشعب المصري بعد ثورتين متتاليتين. الجيل السياسى الجديد ليس واضحا للناس حتى الآن والجيل القديم بكل أشكاله مرفوض. نحن في مرحلة انتقالية وتأسيسية والسؤال الآن ما الذي فعلناه من أجل نجاح تلك المرحلة؟ وهو سؤال ليس موجها لرئيس الجمهورية ولا للحكومة بالمناسبة. وإنما هو موجه للنخب السياسية التي تتحدث عن الانتخابات لأنها هي المسئولة عن تطوير الحالة السياسية في مصر وتقود الجماهير. لكن للأسف كلهم عزفوا عن محاولات التطوير للأجود.

هل تحتاج الحياة السياسية في مصر لإعادة هيكلة رغم الوصول للاستحقاق الأخير من خارطة الطريق التي وضعها الرئيس السيسي بعد عزل محمد مرسي؟

طبعا لابد من نظرة شاملة وجديدة والتعامل مع المسألة من منطلق أننا نعيد بناء نظام سياسي جديد وليس بهذه الطريقة المتسرعة. كان يجب أن يأخذ التأسيس حقه سواء على مستوى الفعل أو التشريع أو على مستوى حركة القوى الاجتماعية وقدرتها على بناء تنظيمات سياسية حقيقة بدلاً من التعامل بشكل فوقي من خلال أحزاب وهمية. مخطئ من يتصور أن لدينا أحزابا وتنظيمات سياسية حقيقية في مصر.

كيف تنادي بالتأجيل وهناك كثير من الضغوط الداخلية والخارجية مورست على الرئيس السيسي لينفذ الاستحقاق الأخير من خارطة الطريق حتى يكون لمصر برلمانا يمنع أن تكون السلطة المطلقة في يد الرئيس؟

أنا لا أعترف بمثل هذه الضغوط ولا أحد يستطيع أن يضغط على إرادة شعب ضد مصلحته الوطنية. الضغط تم من خلال القوى السياسية والقوى الدولية فقط وليس من الشعب. كان يتعين أن توجد حركة سياسية وطنية رشيدة وهي التي تطالب الرئيس بتعديل خارطة الطريق وتأجيل تنفيذ الانتخابات في هذا التوقيت. خارطة الطريق ليست مقدسة وتعديلها أمر سهل جداً لو كنا نعي أهمية التعديل.

  ما هي توقعاتك للبرلمان المقبل؟

أتوقع أنه سيكون مفتتا وبلا كتل كبيرة. وستتشكل فيه الكتل البرلمانية وفقا للموضوعات المطروحة عليه. وربما هذا سيأخذ مرحلة من البلورة ليظهر قوامه النهائي ونعرف من اليمين ومن اليسار ومن اليمين الوسط ومن اليسار الوسط. المسألة الآن غائمة لأن التنظيمات والأحزاب نزلت الانتخابات بدون برامج سياسية والكيان الوحيد الذى نزل ببرنامج هو كيان "التحالف الجمهوري والقوى الاجتماعية " الذي أقوده.

  - نزلوا بدون برامج انتخابية سيراً على خطى الرئيس السيسي وأعطاهم هذا الفرصة للهروب من السؤال عن رؤيتهم المستقبلية، هل ترين هذا  مقبولاً؟

لا. لأن الرئيس السيسي استدعاه الشعب. أما هم كتيارات سياسية كان يتوجب عليهم تقديم رؤية ليفهم الناس ما الذي سيقدمونه.

 هل تتوقعين نجاح البرلمان المقبل في ظل هذه الظروف المرتبكة؟

هناك قصور كبير في الحالة السياسية داخل مصر. والنخب والأحزاب والتنظيمات لم تكن قادرة على استنباط حالة سياسية جديدة وقوية. وبالتالي، هذا البرلمان الجديد يُعد تحديا قام الشعب المصري فيه بدوره وحين يأتي بصيغة أو بأخرى سيكون على المحك. وإما أنه سينجح فى التعبير عن آمال هذا الشعب وحقوقه المرجوة بعد ثورتين وإما سيكون برلمانا مؤقتا. لكن في المجمل هو لن يكون برلمانا مثالياً. وهذا بالمناسبة طبيعي في مراحل الانتقالات الكبرى في حياة الشعوب.

كيف ترين وضع المرأة السياسي تحت قبة البرلمان القادم؟

هناك سيدات نزلن في الفردي لإثبات وجودهن وخضن معركة شرسة جداً، وهناك قوائم لم تحترم الكفاءات النسائية المتاحة أمامها واستعانت بهن فقط من أجل تأدية الواجب وتسديد الخانات. أنا أعتقد أن الواقع السياسي المصري ما زال لا يعكس احتراما حقيقيا لدور المرأة وقدراتها السياسية بقدر تعامله مع المسألة من باب تأدية الواجب. المرأة المصرية تواجه تحدياً كبيراً رغم أنها الرقم الصعب والحاسم في هذا الانتخابات وفي كل انتخابات مرت بها مصر بعد ثورة يناير.

 هل توافقين الاتهام الموجه لقائمة "في حب مصر" بأنها قائمة النظام المدللة؟

لا. أعتقد أن كل هذه الادعاءات يجب أن تتوقف لأن الرئيس السيسي صرح من قبل بأنه ليس له قائمة ولا يدعم أحدا. والدولة المصرية أعز وأكبر من أن تخدش بكونها مع هذا الكيان أو ضده. يجب أيضا أن تتواضع هذه القائمة وتنظر إلى المشهد باعتبارها جزءا من كل وأن تدرك أنه ليس بالاستعلاء على الناس تمنح الثقة وإنما تمنح بمحاولات التقديم السياسي الصحيح والاعتراف بأن الشعب المصري من حقه أن يختار بين بدائل.

  لا توجد انتخابات بدون تجاوزات وأخطاء وعلامات استفهام. فأي من الكيانات المرشحة للجلوس تحت القبة ربما ستتحمل مسؤولية أي تجاوز قد يحدث؟

الأبرز هي كيانات المال السياسي الذي يُستخدم على نطاق واسع جدا ويصر باعتباره قوى رأسمالية على السيطرة على البرلمان القادم بأي ثمن من أجل ضمان المصالح. أوجه الاتهام هنا لرجال الأعمال الكبار وأصحاب المصالح المتشابكة في المجتمع. وقد يكون مفاجأة أن بعضهم من تيارات ليبرالية وبعضهم من تيارات دينية وهنا المصالح هي التي تتحدث.

مثل من تحديدا؟

بدون ذكر أسماء، أعتقد أن الظاهرة تتحدث عن نفسها وأن هناك عبثا بدولة القانون لدرجة أن المال السياسي أغرق سماء القاهرة لتحقيق الهدف المرجو من إغداقه بمخالفة صارخة للقانون في أكثر من موضع. ويؤسفني أن أقول إن هؤلاء حولوا الساحة السياسية في مصر لسوق نخاسة سياسي لأول مرة في التاريخ وهذا هو الفساد السياسي بعينه.

هل تعتقدين أن سبب تأجيل الانتخابات بعد تولي السيسي رئاسة مصر حتى وقتنا هذا هو خوفه من الصدام مع البرلمان؟

إطلاقا. نحن نفهم العلاقة بين الرئيس والبرلمان خطأ. الرئيس السيسي مؤيد بالاحتشاد الشعبي الذي يرى أنه اختار قيادة وطنية لإدارة الوطن في مرحلة خطيرة عنوانها حماية الأمن القومي. فى نفس الوقت، التطلع لبناء مصر على أساس أكثر عدلاً وتطوير الحالة السياسية والإاجتماعية والصحفية هو طموح الشعب المصري نفسه. وبالتالي، البرلمان هو قضية الشعب المصري نفسه وليس قضية الرئيس. الرئيس يملك آلية دستورية في علاقته بالبرلمان تمكنه من إدارة المسألة دون أي صدام. المشكلة الأكبر لنا نحن كشعب والسؤال الآن هو: هل سنتقدم خطوة للأمام أم سنعود للمربع صفر"؟.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©