السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صالح كرامة العامري: مسابقة أفلام الإمارات تطمح إلى تأسيس وعي سينمائي حقيقي

صالح كرامة العامري: مسابقة أفلام الإمارات تطمح إلى تأسيس وعي سينمائي حقيقي
26 أكتوبر 2013 00:31
ربما لا ينتبه الكثيرون إلى أن المسؤول الأول عن مهرجان أبوظبي السينمائي والمسؤول الأول عن مسابقة “أفلام الإمارات” هما في الأصل مسرحيان مبدعان، جاءا من أرض الإبداع المسرحي الذي به وفيه تنضج روح المبدع على جمر هادئ، وببطء شديد، لكي تصهره في عذاباتها وتخرج مطمورات روحه وقلبه، وتصوغ منه جملة عصبية متوترة، متألقة، مسكونه بشغف الإبداع وجمال السفر في أراضٍ روحية مغايرة. وربما لا يشاركني الكثيرون أيضاً في التفاؤل الذي يثيره لديَّ التفكير بأن هذين المسرحيَّيْن قادران على أن يمنحا المهرجان “روحاً خاصة” بما يملكانه من عشق للإبداع بشكل عام وللمسرح والسينما بشكل خاص... ولعل الدورات الآتية من المهرجان تسفر عن شيء ما على هذا الصعيد. هذه ملاحظة سريعة بدت لي لافتة وأنا أدير دفة حوار سريع مع المخرج والكاتب والسينمائي المبدع صالح كرامة نحو دفة الروح، لأقرأ معه بعض تفاصيل مسابقة “أفلام الإمارات” التي تحتل في قلوبنا مكانة خاصة منذ بدأت مع المخرج السينمائي مسعود أمر الله آل علي وتطورت لتصبح منصة للعروض الإماراتية والخليجية في هذا المهرجان، وأترك تفاصيل المسرح وشجونه إلى حوار آخر نستضيف فيه صاحب «ما تبقى»، و«عربة الروح»، و «المرآة»، «وحنه»، و «عيناها» و«حرقص»، وغير ذلك... لكي يحدثنا عن «ما تبقى» من ذاكرته الخصبة غير الخاملة وقلبه الذي لا يكف عن العمل.. قاصرة هذا اللقاء الخاطف على المهرجان ومسابقة أفلام من الإمارات. المهرجان والمسابقة بحب مبدع حقيقي يتحدث المخرج صالح كرامة عن مسابقة أفلام الإمارات، كيف لا وهو فيها منذ تأسست وابن من أبنائها المبكرين و... المخلصين أيضاً، وإذ يشير إلى كوامن القوة والضعف فيها فإنما لأن قلبه على الإبداع ويخشى عليه، وهو يأمل أن تكون هذه المسابقة “مختبراً فنياً وإبداعياً حقيقياً يضع الشباب على الدرب الطويل المؤدي إلى الفيلم الجيد، خصوصاً وأن مهرجان أبوظبي السينمائي يقدم للمخرجين ولكل السينمائيين فرصة لمشاهدة الإبداع السينمائي في العالم، ويضعهم من خلال الأفلام التي يستضيفها في صلب المشهد السينمائي العالمي وما يجري فيه من مستجدات”. هكذا تحدث العامري عن الدور المهم الذي يلعبه مهرجان أبوظبي السينمائي على هذا الصعيد، وقال: «يخلق مهرجان أبوظبي الدولي للسينمائيين المحليين مناخاً موائماً للإبداع، ويوفر لهم فرصة لعرض أفلامهم وسماع وجهات نظر نقدية متخصصة حولها، وهذا يفيدهم في تحقيق أفلام أفضل في المرات القادمة». وتابع: «لا يقتصر دور المهرجان على ذلك بل يتعداه إلى تنظيم ورش عمل مهمة يمكن للمخرج الإماراتي أن يستفيد منها، فضلاً عن الندوات التي تعقد على هامش العروض، والتي تربي في المخرج حاسة النقد، وتدفعه إلى تجويد عمله مرة بعد أخرى». ولا شك، أضاف صالح كرامة العامري، في أن أبوظبي، وهي تجتذب أهم العروض العالمية وصناع السينما من المخرجين والممثلين والمنتجين، إنما تدفع باتجاه تنمية الوعي المجتمعي بالسينما وأهميتها، وتسعى وراء هدف نتمنى كلنا أن يتحقق وهو صناعة سينما إماراتية قادرة على المنافسة. كما أنها تسلط ضوءاً عربياً وعالمياً مكثفاً على المنطقة الخليجية وثقافتها وتقاليدها العريقة بشكل عام وعلى الثقافة الإماراتية بشكل خاص، ولعل أوضح دليل على ذلك هو مشاركة هذا الحشد الهائل من نجوم وصناع السينما العربية والعالمية الذين يشاركون في أنشطة المهرجان وفعالياته المختلفة، وعليه، تستقطب العاصمة الإماراتية في كل عام المزيد من الاهتمام العالمي والعربي ما يفتح قوساً معرفياً واسعاً يطل منه الآخرون على دولتنا وتجربتها في المجالات كافة”. قفزة وشدد العامري على أن مسابقة “أفلام الإمارات” حققت قفزة على صعيد الاستفادة من مخرجات السنوات الماضية على صعيد التكنيك، وبرزت لدى المخرجين المشاركين قدرات تقنية عالية عكست علاقتهم المميزة بالتكنولوجيا والعالم الرقمي. وعن مساهمات هذا العام قال: «قدم إلى المسابقة 200 فيلم قصير، وتم اختيار 39 فيلماً بين الوثائقي والروائي القصير والطلابي، فضلاً عن زاوية “محطات” التي نعرض فيها أفلاماً خارج المسابقة، رأينا أن فيها ما يستحق العرض، وهي أفلام قديمة لم تتح لها فرصة المشاركة في المسابقة من قبل وربما تكون حائزة جوائز ولم يسعفنا الوقت لمشاهدتها.. إنها نوع من إنعاش الذاكرة السينمائية والاحتفاء بالعمل ومخرجه». ولفت العامري إلى أن أفلام المسابقة «تعكس مستويات مختلفة من الحساسية الفنية والإبداعية، وهناك مخرجون ومخرجات بدأوا يتحسسون طريقهم إلى السينما، متسلحين بالمعرفة الأكاديمية، وبقدرة واضحة على التعامل مع التقنيات الفيلمية وكيفية صناعة المشهد المؤثر وتقديم الصورة الموحية»، مؤكداً أن «الدأب على القراءة والتثقف والاهتمام بكل أنواع المعرفة وعدم الاقتصار على السينما وحدها من شأنه أن يجعلهم مبدعين مميزين في المستقبل». وعن الأفلام التي استوقفته قال: لا يمكن قول الكثير على مستوى المضامين، فالشباب مشغولون بقضايا خاصة، وبالتعبير عن هموم تبدو لي مختلفة عن هموم جيلنا.. هم يركزون أكثر على التقنيات واللغة المشهدية. هناك بعض الالتقاطات الجميلة التي يمكن الإشارة إليها مثل فيلم “كاتشاب” للمخرج حسن الجابري الذي يؤسس حالة ترتكز على وعي ساخر، لكنه لم يذهب فيها إلى الآخر، ولم يؤسس تلك الحالة الوجودية الكامنة في الفكرة والتفاصيل على الرغم أن الطريق أمامه كان معبدا لتطوير تلك الحالة. وثمة أفلام لمخرجات تناولت موضوع المرأة والقيود المجتمعية ولامست هماً نسوياً حقيقياً يمكن أن يؤشر على مواهب واعدة في المستقبل كما في فيلم “المرآة” للمخرجة (أميرة ماضي). وفيلم الحزن للمخرجة (أمنية العفيفي) التي حاولت فيه أن تؤسس لحزنها الشخصي كمنظور سينمائي. وقياساً بأفلام العام السابق، رأى العامري أن الأفلام المشاركة في هذا العام “أقل جرأة” من العام السابق.. كما أن الأفلام التي تطرقت إلى قضايا المرأة في علاقتها مع الرجل أو المجتمع الأبوي والعادات والتقاليد تمت معالجتها بشكل تقليدي، وأنها تحتاج إلى مزيد من التفكير الخلاق على مستوى الموضوع يوازي ما يحدث على مستوى التقنية». ومن بين الأفلام المتميزة في التكنيك والإخراج ذكر العامري فيلمي «إطعام خمسمئة»، و«ستريت كار»، ولم ينس الإشارة إلى أفلام الطلاب التي «أصبحت أكثر نضجاً من حيث الصنعة»، لافتاً إلى أن الأفلام الوثائقية تطورت على مستوى الرؤية الإخراجية والطرح الموضوعي، وأشّر على فيلم «العلاج بالجمل»، وفيلم «تمساح». وفي إجابة له حول ما ينقص الأفلام أو غالبية الأفلام المتقدمة للمسابقة أشار العامري لا ينقصها شيء إلا أن المخرجين بشكل عام عليهم أن يدركوا أهمية السينما ودورها، وقال: «ينبغي على المخرجين البحث في السؤال الفلسفي والوجودي، وأن يكون لديهم الدافع الذاتي للمعرفة والقراءة في كل المجالات وليس في المجال السينمائي فقط». وقال: السينمائي المبدع هو إنسان منفتح على المعارف المختلفة، فضلاً عن كونه مسكوناً ومؤرقاً بما تعنيه السينما وما ينبغي قوله من خلال الفيلم. السينمائي مشغول بهاجس البحث عن سبب الوجود وعلاقته به، عن دوره في الحياة والمجتمع، عن السبب الذي جعله يذهب إلى السينما: عليه أن يسأل نفسه: لماذا أريد أن أصنع فيلماً؟ وأضاف: «السينما ليست نزهة، بل صدام مع الحقيقة الوجودية في تجلياتها الأكثر وعورة. وحين يتخذ المخرج قراره بأن يصنع فيلماً يكون قد فتح اشتباكاً لا نهائياً مع العالم».
المصدر: الاتحاد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©