الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مسودة الدستور المصري... أين المبادئ «الثورية»؟

15 أكتوبر 2012
أعلنت اللجنة المكلفة بصياغة الدستور الأربعاء الماضي عن مسودة غير كاملة للقانون الأساسي المقرر أن يحل محل دستور 1971، ودعت جميع المصريين لتقديم ما يرونه من آراء واقتراحات وتعديلات على هذه الوثيقة، التي ستحدد دور الحكومة، والتي تحولت إلى نقطة محورية في السجال الدائر حول دور الإسلام في الدولة. ولكن المسودة تغفل مادتين من أكثر المواد إثارة للجدل والنزاع، وهو ما ترك موقف اللجنة غير واضح بشأن ما إذا كان يتعين وضع حظر على الإساءة للمقدسات في الدستور، وبشأن الدعوة لمنح رجال الدين مسؤولية تحديد ما إذا كان تشريع معين يلتزم بالشريعة الإسلامية أم لا. وكانت مسودة الدستور قد تحولت إلى محور لسجال مرير بين السياسيين الإسلاميين من جهة، والعلمانيين الذين يقولون إن الإسلاميين يستغلون سلطتهم الجديدة لكتابة"دستور إسلامي" يحد من الحقوق، من جهة أخرى. في تقرير لها صدر هذا الأسبوع قالت منظمة"هيومان رايتس ووتش" إن مسودة الدستور تقوض حقوق المرأة، والأطفال، وحرية الرأي، والعقيدة. وكان نديم الحوري نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة قد قال في تصريح له مؤخراً" مسودة الدستور المصري الصادرة تحتوي على العديد من الثغرات التي يمكن أن تسمح للسلطات في المستقبل بقمع الحقوق والحريات الأساسية والحد منها". وأضاف"الحوري": ويجب على اللجنة التأسيسية للدستور، أن تعالج هذه الإشكاليات قبل التصويت على الدستور". وكان الدستور السابق(دستور 1971) قد أوقف العمل به بعد أن تولى العسكر مسؤولية السلطة بعد الاحتجاجات الكبرى التي استمرت لثمانية عشر يوماً، والتي أدت إلى إجبار مبارك على إعلان تخليه عن السلطة. والمسودة التي صدرت يوم الأربعاء الماضي، سوف تؤدي لتقليص الصلاحيات الهائلة التي كانت ممنوحة للرئيس، وتحقق قدر أكبر من التوازن بين السلطة التنفيذية والبرلمان. كما تتضمن المسودة إلى جانب ذلك وضع حد معين للمدد الرئاسية، غير أنها لا تتضمن فقرة خاصة تحدد مستوى الإشراف المدني على القوات المسلحة، وهي مسألة حساسة كانت محلاً لجدل كبير خلال الفترة الماضية. فضلاً عن ذلك أبقت المسودة على المادة الثانية من الدستور على النحو الذي كانت عليه في الدستور السابق والتي تنص على أن "مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع". ومن المعروف في هذا السياق أن الإسلاميين من ذوي الميول المحافظة المتشددة والذي يطلق عليهم"السلفيون" قد بذلوا قصارى جهدهم من أجل تغيير هذه المادة من أجل إيجاد صلة أكثر مباشرة بين الشريعة والقانون. بيد أن المسودة تقول في فقرة أخرى إن الدولة يجب أن تضمن المساواة بين الرجال والنساء طالما أنها لا تتصادم مع "أحكام الشريعة الإسلامية". كما تقول أيضاً إن المرأة: "يجب أن تعمل على التوفيق بين واجباتها نحو عائلتها وبين عملها في المجتمع". وتقول منظمة"هيومان رايتس ووتش" إن هذه المادة على وجه التحديد" سوف تفتح الباب للمزيد من التراجع في مجال الحقوق التي اكتسبتها المرأة". وهناك مقترحان مثيران للجدل لحد كبير لم يتم تضمينهما في المسودة التي تم كشف النقاب عنها، ربما لأنهما -كما يبدو- ما زالا قيد النقاش. إحدى المادتين تحرم الإساءة إلى الذات العليا والأنبياء، والخلفاء الراشدين وزوجاتهم، وهي مادة يقول ناشطو الحقوق إنها ستحد من حرية التعبير، وأنها من المرجح، شأنها في ذلك شأن قانون تحريم التجديف المصري، أن تستخدم ضد الأقليات، وضد هؤلاء الذين يدلون بأقوال وتصريحات لا تلقى قبولاً عاماً. أما المادة الثانية فسوف تعطي رجال الدين من جامعة الأزهر القول الفصل في تحديد ما إذا كان تشريع ما يلتزم بالشريعة أم لا. وقد انتقدت"هيومان رايتس ووتش" المسودة أيضاً، لعدم احتوائها على مادة تحرم التعذيب بشكل واضح. كما شطبت اللجنة مواد تحرم الاتجار بالنساء والأطفال، بعد ضغوط تعرضت لها من قبل أعضائها التابعين للتيار السلفي. وهناك كذلك مادة تحرم بناء دور العبادة إلا لأتباع الديانات الإبراهيمية. في نفس الوقت امتدحت المنظمة مادة تمنع المحاكمات الاستثنائية، ومحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية وهما موضوعان مثلا مطلباً دائماً خلال الاعتصامات والمليونيات المتعددة التي استمرت على مدى شهور عديدة بعد الثورة. ويشار إلى أن عملية صياغة الدستور كانت مثيرة للجدل حتى قبل أن يتم وضع أي عبارة من مسودة الدستور الجديد على الورق. فقد حلت المحكمة اللجنة التأسيسية الأولى للدستور بعد أن سيطر الإسلاميون على البرلمان -المحلول الآن- على عملية انتخاب أعضاء اللجنة لضمان أن الغالبية العظمى منهم سوف يكونون من الإسلاميين. وفي المحاولة الثانية لتشكيل لجنة دستورية، انسحب العديد من الليبراليين واليساريين من اللجنة بعد أن فشلوا في التوصل لاتفاق مع الإسلاميين بشأن نسب التمثيل. وفي الوقت الذي تشتغل فيه اللجنة الحالية على صياغة الدستور، هناك قضية مرفوعة أمام المحاكم قد تؤدي لحلها هي الأخرى. كريستين تشيك القاهرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©