ذكرت إحدى الشركات البترولية الكبرى لدينا أنها تعزز كفاءات البحث والتطوير في مراكز البحث العلمي التابعة لها دون الإشارة إلى عدد الأبحاث التي تم نشرها أو عدد الابتكارات التي تم اعتمادها في مجال عملهم أو عدد براءات اختراعها.
زرت كوريا الجنوبية مؤخراً وحضرنا عدة ورش عمل وفوجئت بما وجدت لديهم من إصرار كبير من قبل الحكومة على تشجيع البحث والابتكار، حيث تنتشر في كوريا مراكز البحث في كافة المجالات وذكر لنا أحد المسؤولين أن الحكومة شغلها الشاغل المواطن الكوري ورفع كفاءته المهنية من توفير فرص عمل محترمة، لذا تنشط مراكز البحث الكورية من أجل تسجيل براءات الاختراع ونشر دراسات البحث في المجلات العلمية المعتمدة دولياً وذكر لنا المسؤولون هناك أنهم الآن يصنعون السيارات «كوريا خامس أكبر صانع سيارات في العالم»، وهي الأولى في الصناعات الإلكترونية وغيرها من الصناعات، ولكن سوف تصبح معظم هذه الصناعات قديمة بعد 50 عاماً من وجهة نظرهم، لذلك فإن مراكز البحث «منتشرة في كوريا مثل البقالات عندنا» تراهن على الصناعات المستقبلية من أجل استمرار تأمين وظائف للشركات والمواطنين الكوريين بعد 30 و40 عاما.
كوريا خامس أكبر منتج للطاقة النووية، والأبحاث نشطة في تطوير مجموعة من المفاعلات النووية المتقدمة الصغيرة وهم لا ينظرون للصناعات التي يتصدرونها حالياً، وإنما يسعون لأن يتصدروا في الصناعات المستقبلية بناءً على الفلسفة التي تنتهجها الحكومة الكورية في أنها دولة صغيرة كثيفة السكان «51 مليون نسمة جميعهم من أصحاب المهارات والتعليم العالي» وحولها دول مجاورة تفوقها مالياً وبشرياً وعسكرياً، فكان الخيار هو البحث في مجالات جديدة يمكن أن تكون سوقا مستقبلية لم يرتدها أحد بعد، لذا انتشرت مراكز البحث في كافة أرجاء كوريا من خلال الجامعات وعمل شراكات مع أكبر الشركات والمصانع الكورية وفق خطة ممنهجة وواضحة، وتعتبر صناعة الروبوتات مثلاً صناعة جديدة ومتقدمة جداً، وكذلك علوم الفضاء ليصبح ذلك مجالاً جديداً يمكن للمواطنين الكوريين العمل فيه بأجور مرتفعة ويصعب على الآخرين منافستهم فيه، وكذلك تهتم بصناعة التكنولوجيا الحيوية من خلال إنتاج الأدوية والمعدات الطبية مع استمرارية البحث والتطوير في مجال علم الوراثة والاستنساخ، لذلك تعتبر كوريا سوقاً واعدة للمستقبل ويمكن للكوريين ريادته ولا يستطيع منافستهم أحد «واحنا لا يزال البعض لدينا يعارض ما تحاول الحكومة ارتياده في عالم الابتكار».
عدد اليوم
