الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

امرأة لكل العصور

23 أكتوبر 2013 23:36
كليمنز فيرجن محرر الشؤون الخارجية في صحيفة «دي فيلت» الألمانية. عندما تجد طفلة في الثامنة من العمر في قطارات أنفاق برلين تسأل أمها إذا كان من الممكن أن يكون للبلاد مستشار رجل، فهذا يعني أن شيئاً عميقاً تغير في ألمانيا. فوجود امرأة تحكم البلاد ليس شيئاً عادياً جديداً فحسب بل بالنسبة لكثير من أطفال الألمان، وبينهم ابنتاي وهما في السابعة والعاشرة من العمر، هو الشيء الطبيعي الوحيد الذي لا يعرفون سواه. إنني أثني على المثال الذي ضربته ميركل لطفلتي. لكن ثورتها الهادئة تثير تساؤلات عما يعنيه أن تكون هناك امرأة مسؤولة. وألمانيا ليست بطلاً بحال من الأحوال في المساواة بين الجنسين. فمازال من الصعب على النساء الصعود في مضمار العمل المؤسسي. وفي التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي تحتل ألمانيا المرتبة الثالثة عشرة (وآيسلندا في القمة وتحل الولايات المتحدة في المرتبة الثانية والعشرين). لكن ميركل رغم هذا لها تأثير إيجابي هائل على البلاد. فعندما أصبحت رئيساً لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي قبل 13 عاماً، كانت الحياة السياسية في ألمانيا يسيطر عليها الرجال. وأمثال هؤلاء الرجال حالياً، مثل خصمها الرئيسي في الانتخابات الأخيرة بير شتاينبروك من الحزب الديمقراطي الاشتراكي، متخلفون عن ركب الزمن فيما يبدو. فهؤلاء الرجال يجدون صعوبة في العثور على خطاب ملائم عندما يخوضون سباقاً ضد امرأة مثل ميركل. فكل هجوم يعتبر استعلائياً تجاهها كامرأة يكبدهم غالياً في أصوات النساء. وهذا هو السبب في أداء «شتاينبروك» بالغ السوء بشكل خاص وسط النساء. ويفتح مثال ميركل مجالاً لصعود النساء في مجال السياسة. ففي عام 2005، عندما انتخبت ميركل للمرة الأولى كمستشارة لم يكن هناك إلا امرأة وحيدة قد حكمت إحدى ولايات ألمانيا الست عشرة، والسياسة على مستوى الولايات هي الموئل الأساسي للحياة السياسية في ألمانيا. والآن، يحكم أربع نساء ولايات بالنيابة وعدد كبير من المتنافسين على مواقع قيادية في الأحزاب الألمانية نساء. والأهم أن ميركل غيرت مخلفات الصور النمطية. وقبل قرن من الزمن اعتقد كثير من الناس أن النساء انفعاليات بشدة ويحتجن إلى وصاية من رجل، وهو التحامل الذي يتوارى لكنه لم يختف تماماً. وقلبت ميركل هذا الزعم رأساً على عقب وأصبحت مرسى راسخاً للعقلانية في وقت من عدم عقلانية الرجال. وأصبحت المستشارة، باعتبارها ملاذاً للعقلانية، وهي الصوت الغالب في أزمة اليورو، فعلى خلاف بعض الزعماء السياسيين البارزين تستطيع ميركل أن تبقي ذاتيتها بعيداً عندما تدخل واحدة من المفاوضات التي لا تنتهي في القمم الأوروبية. فقد قال «سيلكا مولر»، وهو زميلي في صحيفة دي فيلت يغطي الشؤون السياسية في بروكسل عنها «إنها تركز على القضايا المطروحة فحسب وليست مغرورة مثل بعض زعماء الدول والحكومات الآخرين». وإحدى الحيل التي تستخدمها ميركل هي إنها تدع الرجال يتصارعون لتستغل الحفر التي يحفرونها لأنفسهم. ويساعدها في مسعاها أنهم يقللون دوماً من قيمة «الفتاة البسيطة»، كما وصفها المستشار السابق هيلموت كول ذات مرة، وكان هذا قبل أن تطيح به «الفتاة البسيطة» من السلطة في الاتحاد الديمقراطي المسيحي. وأحد العوامل التي تجعل ميركل ذات نفوذ كزعيمة محافظة ونموذج يحتذى أنها لا تركز على قضايا المرأة. لكن هذا يثير قلق كثيرين من المدافعين التقليديين عن قضايا المرأة. وقالت أليس شوارتزر رئيسة تحرير مجلة ايما النسوية «هناك ضيق وسط النساء لأنها قدمت الكثير من التنازلات غير المحابية للنساء». لكن النساء الشابات العاملات في ألمانيا يحترمن الطريقة السلسة التي تعمل بها ميركل في المنصب. لذا فما الذي تعنيه ميركل لفتياتنا الصغار؟ سيعتبرن إنه من الغريب جداً أن يتولى رجل في نهاية المطاف منصب المستشار. آمل ألا يخطر ببالهن حتى أنهن قد لا يصلحن لأعلى المناصب لمجرد كونهن أناثاً. وآمل كوالد أنه بعد فترة ولاية أخرى لميركل أن تبدأ الثقافة التي يسيطر عليها الرجال في الشركات في ألمانيا في الانفتاح، وليس فقط أمام نساء مثل ميركل التي أثبتت أنها تستطيع أن تهزم الرجال في ساحات قتالهم. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©