السبت 4 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

حضور كامل العدد في الأفلام القوية وأبوظبي تكسب الرهان

حضور كامل العدد في الأفلام القوية وأبوظبي تكسب الرهان
13 أكتوبر 2012
أحمد البحيري (أبوظبي) ـ ليلة افتتاح مهرجان أبوظبي السينمائي، كانت نموذجية في تجسيد معنى المهرجان بإيجاد ذلك التوازن بين سحر هوليوود والإنتاجات الضخمة، والسينما المستقلة التي تقدم رؤى وأفكارا عميقة بإمكانات صغيرة. فالانطلاق الهوليوودي لعروض المهرجان بفيلم “أربيتراج” للمخرج نيكولاس جارايكي حول الثروة ورجال المال والأعمال والفساد وخراب الذمم في “وول ستريت”، حيث يجدد مخرجه بهذا الموضوع فكرة سحيقة في القدم، تقابلها أفلام تنتمي إلى الواقع وتغرف منه اشتغالها سواء في ما تقدمه السينما المغربية والجزائرية أو السينما الكورية والصينية.. وبعد صخب تقاليد وبريق النجمات فوق السجادة الحمراء، وانطلاق الفعاليات والنشاطات والندوات وورش العمل التطبيقية، وحفلات التكريم.. وسط هذه الحركة الدّؤوبة، وما تشيعه من حوار التجارب الخلاّق، ووسط الحضور الجماهيري لمتابعة الأفلام، تبرز العديد من اللقطات والمظاهر التي تعكس جانبا من حكاية المهرجان وتألقه ضمن منظومة متكاملة يتصدرها شعار “حرية الرأي هي أساس صناعة السينما”: كامل العدد يجب أن نعترف أن لسينما المخرجات طعما ومذاقا خاصا، نتحدث عن فيلم “الحب هو كل ما تحتاجه” للمخرجة الدنماركية سوزان بيير الحائزة على أوسكار أفضل فيلم أجنبي العام الماضي، ويعرض الفيلم (سيناريو أندرس توماس جينسن)، ضمن منافسات مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، بعد أن تم عرضه في الدورة التاسعة والستين من مهرجان فينيسيا السينمائي بنجاح طيب، نظرا لما يحتويه من مضمون ومفارقات درامية من نوع الضاحك المبكي. الإشارات الأولى من مواقع الحجز وشبّاك التذاكر تشير إلى إقبال شديد من قبل جمهور النساء لمشاهدة هذا الفيلم الجميل في فكرته التي تجمع في توليفة كوميدية رومانسية لحكاية الحب بين (ممثل جيمس بوند) بيرس بروسنان الأرمل، وسيدة دنماركية تعاني من خيانات زوجها المتكررة (تريمي ديرهولم)، مع لقائهما الأول في حفل زفاف نجله على ابنتها الذي يجري في مدينة إيطالية ساحلية ساحرة. يبدو أن عبارة (كامل العدد) ستكون من نصيب فيلم سوزان بيير، صانعة أجمل أفلام الكوميديا الرومانسية. بقيت الإشارة أن للنساء دائما نصيبا وافرا من الأشياء، ومن ذلك تخصيص 14 فيلما متنوعا من بينها: ابتسم دوما، تقاليد، العالم أمامها، قصص نرويها، مثل عاشق، المطبخ الراقي، خيانة، لما شفتك. سينما العائلات منذ انطلاقة المهرجان الأولى، كنّا وما زلنا نؤكد على ضرورة إحياء سينما العائلات التي قضت عليها سينما الإنترنت، الأمر الذي أضعف فكرة ذهاب العائلة إلى السينما.. يبدو أنّ الإدارة الجديدة للمهرجان انتبهت مبكرا لمسألة عزلة الأسرة متعددة الفئات والأعمار عن حضور الأفلام، فخصصت لها جملة من الأفلام الجيدة، فكرا ومضمونا، منها: “الابن الفاعل” للمخرج دانييل تشيري، و”الأبواب المغلقة” للمخرج عاطف حتاتة، و”كل يوم” للمخرج البريطاني مايكل وينتربوتوم، و”ملك مومباي” للمخرج الهندي مانجيت سينغ، بالاضافة الى العديد من الأفلام التي تحمل أفكارا توعوية، وتوجّه نحو قيمة العائلة، وما نحتاجه لتأسيسها أمام الأزمات والتحديات التي تحيط بها في زمن العولمة. سينما العائلات التي نحترمها ليست التي تهتم بالفرد وتطلعاته وأحلامه وسط حركة وضجيج العائلة، إنما هي حائط صدّ للدفاع عن الجمهور من العزلة واختراق سينما الإنترنت له، ومن ذلك فيلم تناسيناه ربما عن غير قصد بعنوان “قصص نرويها” للمخرجة الكندية ساره بولي، ضمن مسابقة الأفلام الوثائقية. أفلام النّخبة إذا كنّا لسنا مع تصنيف الأفلام بحسب ما ورد في دليل المهرجان، لأن التصنيفات تدفعنا أحيانا الى مناطق شائكة للبحث في أصل الفكرة وموضوع الفيلم الرئيسي ومنطقه الدرامي، ولكن لا بأس من النظر في أفلام النخبة من زاوية الجمهور، وبخاصة جملة الأفلام التي وردت تحت عنوان (أفلام أدب مسرحي) منها: “قيصر يجب أن يموت” (إيطاليا)، و”جيبو والظل” (البرتغال ـ فرنسا)، و”حجر الصبر” (أفغانستان)، وأخيرا فيلم “الآمال الكبيرة” (بريطانيا). في الواقع إن جمال هذه الأفلام التي تجذب أحيانا شرائح مختلفة من الجمهور يكمن في أنها تقدم لنا فنون وأدب الرواية والشعر الى جانب إبداع الصورة، لتحقيق ثنائية الأدب والفن، وهي أعلى ثنائية في شكل الإبداع، لكن أحيانا قد يغيب عن الذهن أن هناك أفلاما لا ينتبه لها الناس وقد تندّس في محتواها ملامح من الأدب والمسرح وفن التصوير والخيال ورومانسية التعبير وغيرها، ومن هذه الأفلام التي لم يتم الانتباه إليها في تصنيفات الكتيب: “بدوية الفن؛ للمخرج الاميركي أنطونيو فيريرا، وفيلم “الليلة الكبيرة” من إنتاج فرنسي بلجيكي لثلاثة مخرجين، وغيرها من الأفلام التي ترتبط بتنويعات الكلمة. لكن في النهاية يبقى الفيلم بمحتواه ولغته وجمالياته وتقنياته، مضافا الى كل ذلك من أين مصدره. القوّة النّاعمة ربما يكون أهم ما يلفت الانتباه في مجمل لجان تحكيم المسابقات في المهرجان، هو بروز اسم المرأة حاكمة ومتحكّمة ومقرّرة، ومن الجميل أن تكون (القوة الناعمة) على رأس خريطة وهرم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، ممثلة هذه المرّة بالهندية (دوليّا سبانة عزمي)، القادمة من رحم بيوليوود، وشهرتها على مستوى آسيا والعالم، وربما يعزز هذا الجانب أكثر هو انضمام ناقد المهرجانات العالمية المصري سمير فريد، صاحب العديد من الكتب المتخصصة والأبحاث والدراسات والمقالات المنفردة في مجال النقد السينمائي. هي بالمجمل (توليفة) منتقاة، تجمع نخبة ممتازة من العاملين في حقل الفن السابع، فحينما تجتمع الخبرة والعين الفاحصة والذوق والجمال والشفافية، يمكن لنا أن نخرج في النهاية بتقييمات مقبولة ومعايير دقيقة لمنح الجوائز المرتقبة، غير متناسين أننا لو أتينا بلجنة تحكيم من الملائكة لأي مهرجان على مستوى العالم، فسيكون هناك رافضون ومشككون في النتائج. في تقديري إن المرأة ممثلة وموجودة في لجان التحكيم ليست صورة مزيفة ولا مجرد ديكور، كما يحلو للبعض، فلكل عضو من أعضاء هذه اللجنة تاريخ حافل بالإنجازات والجوائز، فهل أعطينا الخبر لخبازه؟ تكريم سوسن بدر النجمة المصرية سوسن بدر التي ستتسلم من إدارة المهرجان جائزة الإنجاز المهني، هي في الواقع جديرة بهذا الاهتمام والتقدير من مهرجان كبير مثل أبوظبي السينمائي.. فمشوارها الفني الذي بدأته من حيث تخرجت من أكاديمية الفنون بالقاهرة وحتى الآن وفاق 50 فيلما متنوعا للسينما المصرية والعربية، حافل بالعطاءات والإنجازات، غير متناسين أنها ممثلة من طراز خاص، فهي صاحبة موهبة أصيلة، كما يبدو من جملة أفلامها التي قدمتها أمام نجوم كبار، الى جانب عطائها المسرحي الذي جعل منها ممثلة شاملة. حسنا فعلت إدارة المهرجان بأن وجهت أنظارها الى سوسن بدر، لتكون موضع الاهتمام قبل التكريم، فهذا الاعتراف الرسمي من المهرجان بموهبتها ودورها وإسهاماتها في الحراك الثقافي العربي، إنما يمثل في الواقع احترام الحدث للموهبة والإبداع الأصيل. نعتقد أن نجومية أخرى أضيفت الى سوسن بدر من خلال هذا التكريم، كما نالت وساما عربيا يفوق السعفة الذهبية، والدّب الفضي، وربما الأوسكار، لأن الفنان لا يحيا ويتطور بالجوائز فقط، فالتكريم يكون أحيانا أكبر من ذلك بكثير، وبخاصة حينما يكون من العرب إلى العرب. مدينة الثقافة بريق ليلة افتتاح المهرجان سيظل معلقا في الذاكرة طويلا، سواء على مستوى الحضور الرسمي أو الاعلامي او الجماهيري. كانت ليلة ثقافية، زادها ألقا وبهجة من مرّوا فوق السجادة الحمراء، عربا وأجانب، وكلهم في النهاية في قارب مهرجان أبوظبي السينمائي. ما توقعناه حدث، أن يكون ريتشارد جير، هو نجم النجوم في هذه الاحتفالية التي بدأت قوية، منتظمة، منضبطة، تكللت أيضا بظهور خاص للمخرج نيكولاس جاريكي، والمخرج الهندي مانجيت سينغ، الذي أكد أن عينه مركزة على الجائزة الأولى لمسابقة آفاق جديدة عن فيلمه “ملك مومباي”. السجادة الحمراء هذه المرّة كانت بطعم ورائحة السينما الممتزجة بالجمال والرقة والأنوثة والثقافة، بعد أن أضفى عرض الفيلم التسجيلي “احتفال السينما” جرعة إضافية على هذه الاحتفالية وسجادتها التي عادت إلى الحياة من جديد. ليلة الافتتاح كسبت التحدي، أما الرابح الأول والأخير، فكانت العاصمة أبوظبي التي كسبت الرهان على أنها عاصمة الثقافة والتمازج الثقافي والحضاري. “اختطاف”.. يخطف الجمهور فيلم “اختطاف” للمخرج الدنماركي توبياس لندهولم، خطف جمهور المهرجان إلى صالة عرض فوكس 6، ليس لموضوعه فقط، ولكن لجمالياته السينمائية، وبخاصة التصوير والمونتاج وارتقاء مستوى التمثيل والتعبير إلى مستوى الفكر الذي يطرحه الفيلم. ملاحظة العلامات على وجوه من حضروا الفيلم مبشرة بالخير، فمستوى العمل وقوة تأثيره يعادلان ثمن بطاقة الدخول وعناء الوصول لصالة العرض. الفيلم الجيد، هو فيلم الجمهور قبل النقاد ولجنة التحكيم، والمادة السينمائية الحقيقية تنجح وتكسب التحدي. إحدى الحاضرات قالت إن عالم القرصنة عالم مخيف، كما يصوّره لنا الإعلام، وفي السينما يمكن أن يضاف إلى ذلك أنه عالم مجهول بحاجة إلى مزيد من الاكتشاف، وقد نجح الفيلم في جذبنا نحو هذا العالم، بل والمشاركة فيه من خلال عمق الفكرة والصورة. نرشح لك اليوم السبت حجزنا لك مقعدا لمشاهدة فيلم مهم بعنوان “رجل القمر” للمخرج الألماني إشتيفان شيش، في 85 دقيقة، إنتاج ثلاثي بين فرنسا وإيرلندا وألمانيا. ويعرض ضمن برنامج السينما العالمية، وهو برنامج يحتوي على نخبة من أهم الأفلام الكلاسيكية والتاريخية والدراما التوثيقية. “رجل القمر” يجمع ما بين الخيال العلمي، والاكتشافات، وجانبا من تشجيع العلوم والفكر الخلاّق، الفيلم للعائلة وأطفالها على وجه التحديد، فيه روح التقنية الحديثة، وفيه الفكرة وجمال الصورة والتحريك، وغير ذلك من عوامل جذب للفتيان. هنا جمال اللون، وجمال الفكرة وسحر اللغة والتعبير.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©